الفلسطينيون بين خياري السيادة والاعتراف
تقوم السياسة الفلسطينية على الذهاب إلى الأمم المتحدة وتحميلها المسؤولية الدولية في إنهاء الاحتلال، لذلك تقدم السلطة خيار الاعتراف على خيار السيادة، وقد يكون ذلك إدراكاً منها لصعوبة إنهاء الاحتلال "الإسرائيلي" من خلال الخيارات المطروحة، أي المفاوضات للوصول إلى تسوية سياسية، وهو يعني ضمان التأييد الدولي للخيار الذي يستند إلى المفاوضات، وهنا قد يتم الربط بين خيار الاعتراف وخيار المفاوضات . والمعضلة هنا مركبة، فالاعتراف له أهميته ودلالاته الرمزية والقانونية لقيام دولة، وهذا ما حصل بالنسبة لاعتراف أكثر من 126 دولة بإعلان الجزائر عام ،1988 ثم حصول فلسطين على مقعد دولة مراقب في الأمم المتحدة، وليس دولة كاملة العضوية، والسبب الرئيسي هو فقدان عنصر السيادة، بسبب استمرار "إسرائيل" باحتلالها الأراضي الفلسطينية المفترض أن تقوم عليها دولة فلسطينية في إطار حدود معترف بها، وهو ما ترفضه "إسرائيل" .
فكما نعلم الدولة تقوم على أركان ثلاثة هي: الشعب والحكومة أو السلطة، وهما عنصران موجودان في الحالة الفلسطينية، وعنصر السيادة وهو غير قائم .
ومن هنا الدولة لن تكتمل أركانها إلا بالسيادة، ومن أهمية الربط بين الخيارات الفلسطينية بين الاعتراف، وهو أمر ضروري في الحالة الفلسطينية، وخيار العضوية في الأمم المتحدة بما تعنيه من مسؤولية للمنظمة الدولية في تنفيذ قراراتها الخاصة بالقضية الفلسطينية، وخصوصاً القرار رقم 181 الذي أسس لخيار الدولتين، والذي بموجبه قامت "إسرائيل"، وهذا القرار لا يسقط بالتقادم، وخيار المفاوضات وهو الخيار الاستراتيجي الفلسطيني، يحتاج إلى دعم دولي وضغط على "إسرائيل" للالتزام بالمرجعيات التفاوضية، وهذا الربط لا يكفي في حد ذاته، فلا بد من بحث عن الخيارات الفاعلة لكيفية تحقيق السيادة الكاملة على الأرض الفلسطينية بإنهاء الاحتلال، وهذا لا يتحقق من دون جعل هذا الاحتلال مكلفاً، وله ثمن كبير تشعر به "إسرائيل"، وهنا قد تبرز خيارات كثيرة أو حزمة من الخيارات، أهمها مراجعة كل الاتفاقات الموقعة مع "إسرائيل"، وتحديداً التنسيق الأمني معها، والعلاقات الاقتصادية غير المتكافئة، وإعادة النظر في بنية السلطة وتحللها من كل القيود التي فرضتها اتفاقات أوسلو، بتحويلها إلى سلطة كفاحية، وبتفعيل دور منظمة التحرير وكل مؤسساتها، والعودة للمنظمة ليس فقط كمرجعية سياسية عليا، ولكن كإطار للقرارات الملزمة . وفي هذا السياق يجب العمل على توسل خيار المقاومة المدنية السلمية، وتفعيله على المستوى الدولي، بمعنى التوازي في نقل القضية من المستوى الرسمي إلى المستوى غير الرسمي في الدول الأوروبية وفي أمريكا، من خلال تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني بكل أشكالها، وتنوعاتها، وكذلك دور الجاليات الفلسطينية والعربية والإسلامية، وجعل قضية السلام وإنهاء الاحتلال قضية أساسية، حتى يتفهم العالم أن "إسرائيل" هي السبب فيما يحدث في المنطقة من تهديدات للأمن، والربط بين السلام العالمي والسلام في الشرق الأوسط بإنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية .
هذه الخيارات تحتاج إلى بيئة فلسطينية صلبة، أساسها إنهاء الانقسام السياسي الفلسطيني، وإعادة بناء النظام السياسي الديمقراطي، والتوافق على مشروع وطني فلسطيني يحكم الفترة الانتقالية . وحتى تتحقق هذه البيئة السياسية الصلبة مطلوب من كل الحركات والقوى الفلسطينية التقيد بالبعد الوطني للقضية الفلسطينية، والمصلحة الفلسطينية العليا، وعموماً ليس أمام السلطة الفلسطينية إلا المضي قدماً في طريق اكتمال العضوية في الأمم المتحدة من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، للتغلب على "الفيتو" الأمريكي، والسعي لخلق لوبي دولي ضاغط على الولايات المتحدة و"إسرائيل" لإجبار الأخيرة على إنهاء احتلالها والقبول بالدولة الفلسطينية .
على السلطة أن تواجه هذه الخيارات بإعلان انتهاء مرحلة السلطة الفلسطينية، وإلغاء كل الاتفاقات الموقعة مع "إسرائيل"، وبذلك يتم تحميل "إسرائيل" والولايات المتحدة وكل الدول الغربية وغيرها مسؤولياتها .
(المصدر: الخليج 2015-03-18)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews