اختيار رئيس الحكومة
في كل مقابلة جديدة من المقابلات التلفزيونية التي تُجرى معه، يبدو نتنياهو أكثر يأسا من سابقتها. أمس في برنامج «قابل الصحافة» ظهر نتنياهو بصورة خاطفة في مواجهة مصغرة أمام هرتسوغ وبالرغم من الجو المريح الذي كان فيه، لم ينجح في التغلب بالضربة القاضية. ولكني استسمحكم أن اناقش اليوم ظهورا آخر لنتنياهو ألا وهو مقابلة اعطاها في يوم الجمعة لغيل هوفمان المراسل السياسي لصحيفة «جروزاليم بوست» (لان لديه تعليمات مشددة بعدم اجراء مقابلات لدى بن كسبيت، أليس ذلك صحيحا؟). هذه المقابلة، يمكنكم مشاهدتها على موقع «جروزاليم بوست».
هاكم القصة: سأل هوفمان نتنياهو ما سأل وحاول نتنياهو أن يثبت للمرة الالف إلى أي درجة يقف كالجرف الصامد امام اولئك الذين يسعون إلى تدمير اسرائيل، وكم تريد تسيبي وبوجي تدمير اسرائيل. وتحدث عن جميع المرات التي أسقط فيها اليمين نفسه وأعطى أمثلة: انتخابات 1992 عندما انتصر رابين على شامير، انتخابات 1999 عندما انتصر باراك عليه وهنا وصل إلى 2006.
واليكم ما قاله رئيس حكومة اسرائيل في مقابلة رسمية مصوّرة: «حدث ذلك ثانية في 2006، عندما لم نحصل على الدعم وقام كديما بتشكيل الحكومة وانسحب من غزة وأدى إلى النتائج المفزعة». لقد شاهدت ذلك في يوم الجمعة في «معاريف» وصعب علي التصديق. تصفحت الانترنت لمشاهدة المقابلة المصورة. صحيح كان هذا هو الاقتباس الدقيق من الرجل. بنيامين نتنياهو على قناعة أنه خسر الانتخابات في 2006، وعندئذ نفذ كديما الانفصال وانسحب من غزة. هذا ما قاله. المشكلة هي أن الحديث عن وصف خيالي، هذا على حدود الهذيان. الانفصال نُفذ قبل الانتخابات في 2006. لقد تم تنفيذه في صيف 2005 ولم يتم تنفيذه من قبل كديما بل من قبل الليكود. كديما لم يكن أُسس بعد.
من فكر ونفذ الانفصال كان رئيس الليكود اريئيل شارون. ومن صوت لصالح الانفصال في كل جولات التصويت كان نتنياهو. فقد صوت لصالح الانفصال في الحكومة، صوت لصالح الانفصال في الكنيست (في تصويت بقراءة الاسماء)، صوت لصالح قانون اخلاء ـ تعويض الذي كان الأداة التنفيذية للانفصال. فقط في نهاية العملية وقبل اسبوع من تنفيذها فعليا، استقال من الحكومة. لقد دعم الانفصال في كل جولات التصويت وطوال الوقت ـ حتى أسقطه في النهاية. الفرق هو أنه لم يُسقط الانفصال بل دعمه. ولم يكن كديما قد أُنشيء بعد.
كما تذكرون هذه ليست الحادثة الاولى التي يبث فيها رئيس الحكومة هذيانا من عقله النيّر على اعتبار أنه حقائق تاريخية معروفة. تذكرون حادثة الجنود البريطانيين في القدس، وحادثة غاندي الذي عمل في حكومته، والايطاليين الذين عرضوا عليه أن يكون وزير المالية لديهم. لا، في هذه الحالات لم يكن نتنياهو يكذب وكان على قناعة أن هذه وقائع، لأن هذه المقاربة مريحة له. يبدو لي أن هذا الاحتمال اسوأ من الكذب.
الآن وضعه يبدو سيئا. هذه الانتخابات ليست حول إيران أو حول حماس ولا حول ازمة السكن. فالامر يتعلق باستفتاء حول نتنياهو. يبدو أن الجمهور لم يعد يهتم به. ليس هناك فرق بين اليمين واليسار، لقد استنفدنا هذا الرجل ولم نعد بحاجة اليه. التقدير أن نتيجة أقل من 20 مقعدا ستجعله يستقيل في نفس الليلة، تقدير يحظى بتغذية راجعة سلبية من ارض الواقع. صحيح حتى الآن أن نتنياهو يُعد برنامجا بديلا للبقاء في الحكم. فهو لن يسارع إلى الاستقالة، ولن يسارع إلى الاعلان عنها، بل يريد البقاء تماما مثل باراك الذي حاول عقد صفقة مع شارون في 2001 والبقاء كوزير للدفاع (لكن رامون ورفاقه في حزب العمل طردوه بالعصي). هكذا سيحاول نتنياهو. فموقف وزير الدفاع يناسبه وما السيء في ذلك؟ هناك قافلة مع صافرات من اجل السيدة، والكثير من الاحترام، وليس هناك حاجة لمعالجة ازمة السكن ويمكن الحديث فقط حول إيران صبح مساء.
اسحق هرتسوغ كان في يوم الجمعة في أسدود. في الايام العادية يستطيع هرتسوغ المجيء إلى اسدود خلال حملة انتخابية فقط في حاملة جنود مصفحة، لكن الايام ليست كسابقتها، كان يوما جميلا والشمس مشرقة ومقهى «غان هعير» مليء بالزبائن وتم استقبال هرتسوغ بصورة ممتازة. شباب حزب العمل احتلوا الشوارع واعضاء الكنيست تجولوا هناك كعرسان في يوم زفافهم ورئيس الفرع قال إن نجاحه يتمثل في أنه خلال الاحتفال لم يُرَ سوى خمسة شباب يلبسون قمصان الليكود، واثناء حديثه نشيد الليكود بصوت عال بدأ في الشارع الرئيس. حينها تبين أن هذه سيارة لـ ياحد تحمل شابا مع علما.
أسدود هي مدينة ليكود مع معاقل قوية للحريديين. في يوم الجمعة الاخير كان فيها الكثير من نشطاء المعسكر الصهيوني وعلى رأسهم قائدهم هرتسوغ (الذي جاء مع ايتان كابل واريئيل مرغليت وستاف شبير وداني عطار وعمير بيرتس الذي استُقبل كملك). كانت هناك سيارة لـ ياحد وكانت قافلة من السيارات في الشارع الرئيس لشاس. الليكود لم يكن في أسدود يوم الجمعة، حسب اقوال مصادر في الليكود فانه اختفى من الجنوب. هذه مشكلة لأنه بصورة عامة الليكود هو الذي يسيطر على الجنوب. هل ذهب هرتسوغ ليحضر تلك الاصوات؟ يبدو أن لا. ستتسرب إلى كحلون الذي يحرق نشطاءه الارض وهو بنفسه يحرق القلوب، ستتسرب ايضا، حتى لو أن ذلك غريبا، إلى لبيد. بيبي في مشكلة.
كل هذا لا يعني أن هرتسوغ يمكنه أن يكون راضيا. الظهور الاخير له أمس في برنانج «قابل الصحافة» لم يكن جيدا، لقد سقط كمستجد في شرك القناة 2، التي خلافا لاتفاق صريح وضعته أمام نتنياهو في مقابلة خاطفة. لقد جلس بكل صغره في الاستوديو، في حين أن نتنياهو بحجم أكبر من الطبيعي على الشاشة الكبيرة. تلعثم واستدار نحو نتنياهو وأعطى ظهره للكاميرا، لقد كانت له فرصة لأن يضرب بالضربة القاضية رئيس الحكومة الذي يخاف الوصول إلى مقابلة رسمية علنية أمامه، لكنه أضاع الفرصة.
بالمناسبة، من الغريب لماذا لم يصروا في «قابل الصحافة» على حضور نتنياهو مثل الآخرين إلى الاستوديو. لقد رأيته أمس في استوديو القناة 9، فهناك أسهل له وليس هناك دروكر، وما زالت هذه الانتخابات، رغم تلعثم هرتسوغ، هي استفتاء على بنيامين نتنياهو وليس على هرتسوغ.
(المصدر: معاريف 2015-03-15)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews