العرب.. وشبكة الأمان المالي للسلطة
للآن لم يفِ غالبية النظام الرسمي العربي بما وعد به السلطة الفلسطينية من المباشرة بضخ مائة مليون دولار شهريا إلى خزينة السلطة، رغم مرور شهرين على القرصنة الإسرائيلية لأمـوال المقاصة "عائدات الضرائب الفلسطينية" واحتجازها، انتقاما من انضمامها للمنظمات الدولية، بما فيها المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي تفاقم الأزمة المالية التي تواجهها.
إذن نحن أمام شهرين "ديسمبر ويناير" انقضيا على الأزمة المالية التي تعصف بالسلطة الفلسطينية، وبتنا على أعتاب نهاية فبراير، وهذه الأسباب الفنية التي أدّت إلى العجز المالي، ولكن هناك أسباب أخرى سياسية، لا تقل أهمية في تفسير الأزمة، وتتعلق أساساً بالوضع غير الطبيعي للسلطة التي تعمل في ظل وجود احتلال عسكري استيطاني مزمن، يضع كل أنواع العراقيل على النشاط الاقتصادي، وعلى حرية التنقل والحركة، ويحدّ من استغلال الموارد الطبيعية، ويمنع الوصول بحرية كاملة للأسواق الخارجية.
كانت الدول العربية تعهدت خلال اجتماعاتها الأخيرة بالقاهرة بتوفير شبكة أمان مالية للسلطة الفلسطينية بقيمة مائة مليون دولار إذا احتجزت إسرائيل أموال الضرائب الفلسطينية عن البضائع التي تدخل إلى السوق الفلسطينية، منها أو من خلالها، مقابل عمولة تبلغ 3 بالمئة، بموجب (اتفاق باريس الاقتصادي) في العام 1994، وهو أحد ملاحق تفاهمات اتفاق أوسلو، وتبلغ حوالي 130 مليون دولار شهريا تشكل ثلثي دخل السلطة الفلسطينية.
وأحسب والحال مع العرب هكذا، وعود دون تنفيذ، أن على السلطة البحث عن مصادر أخرى مكمّلة أو بديلة بوضع خطة لمواجهة الأزمة المالية بما يشمل العلاقة الاقتصادية مع إسرائيل، وتشجيع الاعتماد على المنتجات والبضائع المحلية، وعدم التعامل مع منتجات المستوطنات بشكل قطعي تحت طائلة القانون.
إلى جانب تهرب النظام الرسمي العربي من احترام تواقيعه ووعوده بتأمين الأموال اللازمة أو بعض من احتياجات السلطة للوفاء بالتزاماتها المالية لموظفيها ولمشاريع الإنماء المتواضعة، فإن الدول المانحة لا تزال تماطل بالوفاء بالتزاماتها المالية التي تعهدت بها في أكتوبر من عام 2014 خلال مؤتمر إعادة
إعـمـار قطاع غـــزة الــــذي عــقــد بــالــقــاهــرة، والــعــمــل على تحويل تلك الأموال في أقرب وقت ممكن، على أن يشمل ذلــك تمويل منظمات الأمــم المتحدة التي تــقــوم بعمليات حــيــويــة فــي غـــزة، لتجنب زيـــادة التدهور في الأوضاع الإنسانية السيئة بالفعل.
يرى محللون وسياسيون فلسطينيون أن الأزمة المالية للسلطة ستظل لحين انتهاء انتخابات الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي المقررة في السابع عشر من مارس المقبل وتشكيل حكومة جديدة، وعلى هذا الأساس فمن المهم البحث عن بدائل أخرى للخروج من أزمتها الخانقة بالمطالبة بتفعيل شبكة الأمان المالية العربية التي كانت أقرّت في القمة العربية بالكويت في عام 2010 بقيمة 100 مليون دولار، يتم تفعيلها في حال ضغطت إسرائيل على الفلسطينيين ماليا وحجبت إيرادات المقاصة الشهرية، بالإضافة إلى ترشيد الاستهلاك والإنفاق المتعلّق بالحكومة.
حان الوقت لأن يفي النظام العربي بما سبق أن وعد به الفلسطينيين، دون مماطلة أو تسويف، وبصراحة أقول إن على حكومات الدول العربية أن تفتح باب التبرعات أمام شعوبها، وإعادة تفعيل باب الاستقطاعات الشهرية في القطاعين العام والخاص، وتستطيع إن أرادت، تقديم شبكة الأمان المالية الموعودة على وجه السرعة، علما بأن دعم العرب للشعب الفلسطيني ليس منّة ولا تفضلا، بل واجب، لأن هذا الشعب بصموده يدافع عن مقدسات العرب والمسلمين، ويحافظ على عروبة المدينة المقدسة ومسجدها الأقصى المبارك، الذي هو ليس للشعب الفلسطيني وحده، بل لكل العرب والمسلمين... فهل تفعل دولنا العربية والإسلامية ذلك؟. وإلى الخميس المقبل.
(المصدر: الشرق القطرية 2015-02-19)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews