نتنياهو يورط يهود أمريكا
لم يعد يهم اذا كان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو سيتصلب في موقفه ويسافر إلى واشنطن لالقاء خطابه أمام الكونغرس أو أنه سيتنازل ويبقى في البيت. عقيدة «هنيبعل» التي استخدمها السفير الاسرائيلي رون ديرمر (بموافقة وتنسيق مع رئيس الحكومة) ضد البيت الابيض وضد زعامة الحزب الديمقراطي، أدت إلى ضرر كهذا وخربت العلاقات بين اسرائيل وواشنطن، وحتى لو انسحب نتنياهو وأعلن أنه قرر عدم القاء خطابهفان الضرر الذي حدث لا يمكن اصلاحه، كما قال الحكيم الملك سليمان في سفر الجامعة.
«نحتاج إلى تأهيل خاص لكي نحول مسبقا شيئا لم يتم تنفيذه بعد إلى عائق سياسي كبير»، قال لي أحد كبار الموظفين في نيويورك، الذي شغل في الماضي منصب رئيس منظمة يهودية مركزية، «أفهم لماذا لم تعلن واشنطن حتى الآن عن السفير الاسرائيلي ديرمر كشخصية غير مرغوب فيها. في نهاية المطاف، فان موظفين كبارا في البيت الابيض سيفرحون برؤية السفير المكروه عليهم متورطا ولا يعرف ماذا يفعل، لكني لا أفهم كيف أن وزارة الخارجية في القدس لم تقم بإعادة السفير الفاشل إلى البيت حتى اليوم».
الخطاب، سواء سُمع أم لم يُسمع، أدى إلى ارتباك أصبح متأخرا وقفه، وسبب تآكلا صعبا لم نتوقعه منذ البداية في مجال علاقة اسرائيل بالجالية اليهودية الكبيرة في الولايات المتحدة. في مقال طويل في الزاوية الدينية، الذي نشر في عدد يوم السبت في «نيويورك تايمز» قيل إن الجدال حول الخطاب المختلف فيه لنتنياهو في الكونغرس يشكل سببا للعملية المتسارعة للتباعد بين اسرائيل ويهود الولايات المتحدة.
حتى الآن فقط زعيم يهودي مركزي ومهم واحد هو ابراهام فوكسمان، مدير عام رابطة حظر التشهير، المنظمة اليهودية الكبرى في الولايات المتحدة، عبر بوضوح بطريقة لا لبس فيها ضد ظهور رئيس الحكومة في الكونغرس. زعماء يهود معروفون بدعمهم للحزب الجمهوري عبروا كما هو متوقع عن دعمهم لنتنياهو في الكونغرس، لكنهم بهذا أكدوا وأبرزوا الوجه الحزبي أحادي الجانب المحدود لظهور نتنياهو. كما أنهم ذكروا الجميع بأنهم يمثلون أقلية قليلة في اوساط يهود الولايات المتحدة، حيث أن 80 بالمئة منهم صوتوا لبراك اوباما في المعركتين الانتخابيتين الاخيرتين للرئاسة. إن حقيقة أن زعماء ورؤساء منظمات يهودية يفضلون عدم الرد علنا، تعبر عن غضبهم وشعورهم بعدم الارتياح من المعضلة التي لم يشهدوا لها مثيلا من ازدواجية الولاء. إن دعمهم للخطاب يعني اظهار الولاء تجاه رئيس الحكومة الاسرائيلي، والتحفظ يعني اظهار التأييد لرئيس الولايات المتحدة. لن يغفروا لنتنياهو توريطهم وادخالهم في ورطة هم غير مستعدين لها.
احتمالات تأثير الخطاب، أو احتمالات أن يقوم بالتأثير بشكل كبير على سياسة البيت الابيض ووزارة الخارجية الامريكية فيما يتعلق بشروط الاتفاق مع ايران، هي احتمالات قليلة جدا. ومع ذلك فان الخطاب ليس من شأنه أن يرفع موضوع البرنامج النووي الايراني إلى مركز الموضوع الحاسم، الذي يتحدث فيه ويناقشه الخطاب السياسي العام في الولايات المتحدة.
كما أن رئيس الحكومة نتنياهو في خطاب هجومي وشديد لن ينجح في اعطاء ما يعتبره «التهديد الايراني النووي» الافضلية والتعجيل الذي أخذه موضوع تطعيم الاولاد ضد الحصبة في الاونة الاخيرة في الساحة السياسية في الولايات المتحدة. سياسيون امريكيون كبار ومنهم من ينافسون على ترشيح حزبهم لهم للرئاسة أسمعوا مؤخرا تصريحات حول موضوع التحصين ضد الحصبة بصورة قوية ومصممة اكثر مما تطرقوا في أي مرة لموضوع البرنامج النووي الايراني.
ليس هذا لانهم يستخفون بشروط الاتفاق التي يتم بحثها مع ايران. هم ايضا سيصغون بأدب وبجدية لخطاب رئيس الحكومة، لكنهم كسياسيين لامعين هم يعرفون أن الاتفاق المتوقع مع ايران يهم ويقلق الناخبين. وبصورة عامة على رأس قائمة الافضليات للبيت الابيض وللادارة الامريكية يقف الآن التوتر المتزايد مع روسيا والتصعيد في الحرب الاهلية الاوكرانية. اضافة إلى ذلك ينوي الرئيس اوباما أن يطلب هذا الاسبوع من الكونغرس المصادقة المجددة على صلاحياته في ارسال قوة مشاة إلى الشرق الاوسط للحرب ضد داعش. في وضع كهذا لا يبدو أن نتنياهو ومخاوفه ستظهر اطلاقا في تلك القائمة.
(المصدر: معاريف 2015-02-10)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews