محلب.. والمؤتمر الاقتصادى والاستثمار بشرم الشيخ

هذا الرجل يستحق الاحترام.. ذلك لأن المجهود الكبير جدا الذى يبذله المهندس إبراهيم محلب ـرئيس مجلس الوزراء يوميا منذ الصباح الباكر وحتى ساعات الليل الأولى يستحق كل التقدير ولا تملك إلا أن تدعو له بالصحة،
لأنه يجعلك تشعر أن فى هذا البلد رجالا مخلصين يصلون الليل بالنهار فى العمل من أجل غد أفضل للمصريين، بل ويجعلك تتمنى أن يعمل كل من على هذه الأرض بمثل هذا الاخلاص والجدية.فقد حضرت وشاهدت بنفسى ذلك المجهود يوم الخميس الماضى فى شرم الشيخ.. عندما ذهب إليها مع نخبة من الوزراء واللواء خالد فودة ـ محافظ جنوب سيناء.. ليتابع على أرض الواقع كل الاستعدادات لضمان نجاح المؤتمر الاقتصادى من 31 ـ 51 مارس المقبل، حيث كان رئيس الوزراء قد وصل إلى شرم الشيخ فى ساعة متأخرة من مساء الأربعاء الماضي، ليبدأ يومه التالى الخميس فى الصباح الباكر.. ولك أن تتخيل أنه بالضبط كان يوم عمل فى حياة إبراهيم محلب كباقى أيام الأسبوع ـ كما علمت منه شخصيا ـ منذ أن تولى المسئولية.. فقد بدأ بالذهاب فى الثامنة صباحا لحضور مؤتمر عن التعليم العربى يعقد فى شرم الشيخ، ثم وصل إلى قاعة المؤتمرات التى سيعقد فيها المؤتمر فى التاسعة والنصف صباحا، وعقد اجتماعات مطولة بحضور الوزراء مع المسئولين عن كل الترتيبات للمؤتمر، حيث استمع إلى عرض من الشركة الفرنسية المسئولة عن التنظيم، واطمأن على الحضور الدولى من رئيس الشركة، وتابع مع كل الوزراء اختصاصات كل وزارة، وحل جميع المشكلات بقرارات فورية، واستمع من المحافظ إلى كل ما يجرى من استعدادات، واستمرت هذه الاجتماعات نحو 3 ساعات متواصلة قطعها رئيس الوزراء لدقائق فقط لصلاة الظهر فى قاعة مجاورة، ثم عاد ليواصل المناقشات، وفى الواحدة والنصف تقريبا بدأ اجتماعا آخر على مدى ساعة تقريبا مع أصحاب الفنادق التى ستستضيف الوفود وطالبهم بالجدية وحسن استقبال الضيوف وتدريب العاملين على أعلى مستويات جودة الخدمة والترحيب لأن كل الشخصيات التى ستحضر المؤتمر على مستوى كبير.. ثم أجرى محلب حوارا حول بعض مشكلات الاستثمار السياحى فى شرم الشيخ.. وبعد الحوار انتقل إلى قاعة أخرى ليحضر اجتماعا على مدى ساعتين تقريبا مع القيادات والمسئولين فى المحافظة والجهات المتعاونة معها فى تنظيم المؤتمر، حيث عرض كل منهم ما سيفعله فى المؤتمر بعد أن قدمه المحافظ خالد فودة فى الاجتماع وبتكليفات محددة.
وكان رئيس الوزراء قد استغل وقتا قصيرا قبل هذا الاجتماع لتغيير «البدلة» وليرتدى ملابس العمل الميدانى «الكاجوال» ليبدأ فى الرابعة ظهرا جولة ميدانية ليطمئن على ما يحدث من أعمال تطوير وتجميل فى الشوارع، ويزور أكبر ميدان يجرى تطويره فى شرم الشيخ حاليا ويسمى ميدان السلام، والذى تبرع بتحمل تكلفة تطويره بمبلغ نحو 02 مليون جنيه ـ كما قال المحافظ لرئيس الوزراء ـ رجل الاستثمار الفندقى ناصر عبداللطيف، حيث سيقام عمل فنى ضخم فى هذا الميدان، وسيفتتح قبل انطلاق المؤتمر.

وكان المحافظ النشيط خالد فودة ـ قد شرح لرئيس الوزراء ما قدمه بعض المستثمرين من تبرعات وفى مقدمتهم عماد عزيز، الذى تبرع بنحو 2 مليون جنيه لتحيا مصر ، والذى قدم ـ أيضا ـ مشروعا رائعا فى السنوات الخمس الأخيرة لتسويق شرم الشيخ سياحيا للعالم كله، وهو مشروع «سوهو سكوير» الترفيهي، والذى أنفق عليه من أمواله الخاصة نحو 411 مليون جنيه ليكون إضافة لشرم الشيخ، حيث يتم التسويق له بحملات إعلانية دولية.. وأشار المحافظ ـ أيضا ـ إلى جهود وتبرعات المستثمر هشام علي، والمستثمر مطيع إسماعيل الذى قدم تبرعا عبارة عن فندق فى منطقة سفاجا.

وعقب جولة المهندس محلب الميدانية توجه إلى مطار شرم الشيخ، حيث تفقد أعمال التطوير فى المطار قبل أن يستقل طائرته فى الثامنة مساء عائدا إلى القاهرة.

وهكذا رأيت رئيس مجلس الوزراء ـ إبراهيم محلب ـ فى عمله على مدى 21 ساعة متواصلة من العمل، والمجهود «المضني» ـ كما قلت ـ دون توقف حتى لوجبة غداء.

المثير أن البعض يتخيل أن الرجل يعمل دون دراسات أو رؤية اقتصادية وتخطيطية شاملة للبلد.. لكنه يرد على من يقولون ذلك بكل أدب، مؤكدا أن لديه فى الطابق العلوى من مجلس الوزراء «أطنانا» من الدراسات والرؤي، وكلها فى غاية الاحترام وقرأ ما فيها جيدا لدرجة أنه أشار إلى دراسة أو رؤية للراحل النحاس باشا فيها ما لا يتخيله أحد عن رؤيته لتنمية وتقدم مصر والقاهرة، وكأنها مكتوبة اليوم رغم أن عمرها أكثر من 06 عاما.. وغيرها الكثير من الدراسات.. فنحن ـ كما قال لى رئيس الوزراء ـ ليس أمامنا إلا العمل.. والعمل الميدانى فى هذه الظروف التى تعيش فيها مصر بعد الثورة مهم جدا، وأنه لو لم ينزل إلى «وسط القاهرة» فى الشهور السابقة ويزور معظم محافظات مصر والكثير من مصانعها لمواجهة الفوضى التى تضرب كل مجالات الحياة وكل الشوارع لواجهنا كارثة كبري.. إن هدفه ـ كما يقول ـ القضاء على الفوضى حتى نتوجه للعمل.. وعلى من يقولون إن عليه أن يجلس على مكتبه فقط ويخطط أن يتوقفوا عن هذا القول وأن يطمئنوا فى نفس الوقت على أن التخطيط والدراسات والرؤية موجودة لديه وفى مجلس الوزراء، لكن المتابعة مهمة جدا، وهى التى ستحقق التقدم على الأرض فى ظل ما نعيشه من ظروف قاسية.

بقى أن أشير إلى عدد من الملاحظات منها التفاؤل بحضور دولى كبير لرجال الاستثمار من العالم، وخاصة من أمريكا، وأن هناك متحدثين دوليين كبار سيحضرون مثل دافوس، وهؤلاء سيعطون وزنا للمؤتمر، وأن هذه الوفود حجزت بالفعل فنادقها، فضلا عن المشاركة الكبرى من أوروبا والسعودية والإمارات والبحرين والكويت.

وأشير ـ أيضا ـ إلى أن السيد رئيس الوزراء قد وعد فى حواره مع المستثمرين بأننا نسير فى طريق إعداد أفضل مشروع قانون للاستثمار فى مصر بعد مقارنته بدول أخري.. وأنه بعد حواره مع رجال الاستثمار والفنادق فى شرم الشيخ سيطلب من السيد أشرف سالمان ـ وزير الاستثمار ـ التقدم إلى مجلس الوزراء باقتراحاته لتعديل بعض مواد القرار بقانون رقم 41 لسنة 2102 الخاص بالاستثمار فى شرم الشيخ، خاصة ما يتعلق بحق الانتفاع وازدواج الجنسية وتوفيق الأوضاع تحقيقا لرغبات المستثمرين، وحتى لا نضع عراقيل فى الاستثمار فى شرم الشيخ.. مشيرا إلى أن وزير الاستثمار نجح فى حل 752 مشكلة من أصل نحو 053 مشكلة تواجه المستثمرين.. ومازال يواصل المشوار.

لقد كان هذا اليوم فى حياة رئيس الوزراء مؤكدا أننا بهذا الاخلاص فى العمل والتخطيط قادرون على التحدى وعلى مواجهة الإرهاب وعلى مواجهة من يحاولون إفشال مصر وهدم خطط التنمية فيها.. وليس أمامنا ـ كما يقول المهندس محلب ـ سوى إنجاح المؤتمر الاقتصادى وبامتياز مع مرتبة الشرف الأولي.. وهذا بالفعل ما أكده الرئيس عبدالفتاح السيسى عندما قال: إن المؤتمر الاقتصادى هو ذراع مصر التى سنبنى بها بلدنا للأجيال القادمة.

(المصدر: الأهرام 2015-02-04)