دولة الجزائر ومولودية الجزائر!
في تغريدة مختصرة، كتبت الأسبوع الماضي بأن ما يحدث في بيت نادي مولودية الجزائر لكرة القدم منذ عاد إلى أحضان شركة سوناطراك، يشبه إلى حد بعيد ما يحدث في الجزائر منذ سنوات. وكنت أقصد الإخفاق المتشابه في التسيير الذي أدى إلى نفس النتائج السيئة رغم توفر كل منهما على إمكانات مادية كبيرة وتمتعهما بقاعدة جماهيرية ومساندة شعبية لا مثيل لهما.
المولودية بفضل سوناطراك تتوفر على موارد مالية كبيرة وتمتلك أحسن اللاعبين في الجزائر، ولكنها تحتل ذيل الترتيب في البطولة، والجزائر أيضا يرتكز اقتصادها على سوناطراك وأموال المحروقات وتتوفر على كل المقومات التي تجعل منها دولة قوية محترمة لكنها تعاني من متاعب ومشاكل كبيرة بسبب سوء التسيير والتدبير وانعدام استراتيجية وطنية المعالم للتنمية.
سوناطراك كانت ترعى المولودية منذ زمن طويل ولكنها لم تستثمر في النادي ولم تبنِ له ملعبا أو مركزا للتدريب، والجزائر تعدُّ بدورها من أغنى البلدان في العالم بفضل مداخيل المحروقات التي فاقت الألف مليار دولار على مدى خمسة عشر عاما ولكنها أنفقتها في شراء السلم الاجتماعي ولم تستثمرها في قطاعات أخرى لإنتاج الثروة وتحسين نوعية الخدمات وظروف معيشة الجزائريين، فوصلنا إلى محصلة واحدة متشابهة أدت إلى إخفاق لا مثيل له!
مولودية الجزائر هذا العام انتدبت من وصف بأنه أحسن مدرب محلي، واستقدمت خيرة اللاعبين في الجزائر ممن يتقاضون أعلى الرواتب، وهي تمتلك قاعدة جماهيرية وفية وفريدة من نوعها، والجزائر من جهتها تعرف استقرارا سياسيا وثراء ماديا وتمتلك الموارد المالية والبشرية والطبيعية التي لا تتوفر عليها الهند والبرازيل وكوريا ولكن لا دولة الجزائر ولا مولودية الجزائر استطاعت أن تقنع الجماهير والشعب، وأن تحقق النتائج المرجوة.
في المولودية "تخلاط كبير" في أوساط الجماهير والإعلاميين والمسيرين زاد من حدة متاعب الفريق وتدهور نتائجه، وهو نفس "التخلاط" الذي تتخبط فيه الجزائر على كل المستويات بين الساسة ورجال المال من أجل الظفر بالمزيد ومن أجل البقاء في السلطة أو الاستحواذ عليها، ولأجل المزيد من النهب والسلب لخيرات الوطن من دون أدنى اعتبار لمستقبل الأجيال التي تبقى وفية للمولودية وللجزائر رغم كل شيء!
المولودية لها قاعدة جماهيرية كبيرة تحملت الكثير وتأمل في التغيير لأنها تحب النادي، والجزائر يعشقها شعبها ويتحمل من أجلها كل المتاعب والصعاب أملا في غدٍ أفضل تتغير فيه الأمور ونعود فيه إلى دولة القانون والمؤسسات لا دولة الأشخاص وأصحاب المال الفاسد من الذين يريدون الاستحواذ على الدولة وخيراتها..
عندما أتحدث عن تسيير فريق المولودية كعيّنة وأقارنها بإدارة شؤون دولة الجزائر فإنني أتحدث عن إسناد الأمور إلى مسؤولين لا يملكون مخططا ولا مشروعا ولا رؤية مستقبلية، وهمهم الوحيد هو البقاء في مواقعهم رغم فشلهم وإخفاقهم من دون أدنى اعتبار لآلام المناصرين والشعب على حد سواء، مما يقتضي حدوث معجزة لإنقاذ المولودية من السقوط، وإنقاذ الجزائر من الانهيار والانفجار.
(المصدر: الشروق الرياضي 2014-12-14)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews