الفيفا.. ووفاة العرب
فى الحفل السنوى للاتحاد الآسيوى لكرة القدم، الذى استضافته العاصمة الفلبينية مانيلا، أمس الأول، كانت المفاجأة الحقيقية.. والجميلة أيضا.. هى فوز المنتخب الفلسطينى بجائزة المنتخب الآسيوى الأفضل لعام 2014.. جائزة كانت ستفقد بعض قيمتها ومعناها وتبقى مجرد دعوة لاحتفال الفلسطينيين محليا بمنتخب بلادهم لو أقيم هذا الحفل فى أى وقت آخر.. فالحفل أقيم بعد ستة أيام فقط من قيام الجيش الإسرائيلى باقتحام مقر الاتحاد الفلسطينى لكرة القدم، والتفتيش فى أوراقه وملفاته واحتجاز موظفيه فى واقعة عير مسبوقة ولا يمكن تبريرها أو تجاوزها أيضا.. ويومها كتبت هنا فى «المصرى اليوم» عن واقعة الاعتداء الإسرائيلى المسلح، داعيا الفلسطينيين والكرويين العرب للاحتجاج والشكوى لدى الفيفا ووسائل إعلام أوروبا والعالم.. ولم تمض سوى أيام قليلة وكان الاتحاد الآسيوى لكرة القدم يقيم احتفاله السنوى الكبير.. وأمام بلاتر شخصيا كرئيس للفيفا وبعض أهم قيادات الكرة العالمية والآسيوية..
يتم الإعلان عن فوز فلسطين بجائزة المنتخب الأفضل ويتسلم الجائزة أمام الجميع جبريل الرجوب، رئيس الاتحاد الفلسطينى، وعلى الرغم من تصريحات الرجوب أثناء الحفل وعلى هامشه بضرورة قيام الفيفا بمعاقبة إسرائيل على جريمتها المسلحة ضد الاتحاد الفلسطينى.. إلا أنها لم تكن كافية ولن تكون أبدا.. فهى ليست حرب رجل واحد مهما حاول واجتهد وصرخ.. وليست حربا كل قوامها هو كلمة حزينة هنا وأخرى غاضبة هناك.. وكل الذى خرجت به بعد متابعة هذا الحفل وأى ردود فعل إعلامية هو أننا كعرب لم نتعلم بعد كيف نخوض أياً من حروبنا بشكل صحيح..
ولا نجيد اختيار توقيت أى حرب ندخلها وفى أى ميدان، والسلاح الذى يتعين علينا استخدامه ويناسب تلك الحرب دون غيرها.. ولو كانت أى دولة أخرى غير عربية هى التى تعرض اتحادها الكروى لمثل هذا الاعتداء الإسرائيلى المسلح لكانت أقامت الدنيا ولم تقعدها، وكان الفيفا سيضطر لإبداء الرأى والإدانة والتهديد والإنذار مهما كان نفوذ إسرائيل السياسى والإعلامى أو كانت محاولاتها وضغوطها..
ويبدو أن إسرائيل باتت تدرك ذلك تماما وتعرف أن بعض الصراخ المحلى هنا وهناك هو غاية ما يملكه العرب ويقدرون عليه سياسيا أو كرويا.. ولم يعد هناك أى فارق بين اقتحام المسجد الأقصى أو اتحاد الكرة، فالمهم أن العرب فى كل الحالات سيكتفون بصرخاتهم التى لن يسمعها أى أحد.. الفيفا أيضا تعلم من مجلس الأمن والأمم المتحدة أن العرب لا دور لهم أو صوت أو قوة أو مكان أو حتى احترام.. فالأمم المتحدة نادت مؤخرا بضرورة استقلال الرياضة عن أى تدخلات سياسية إلا فى المجتمعات العربية.. وبالتالى لم يهتم الفيفا بأزمة اعتداء إسرائيل على الاتحاد الفلسطينى الذى من المفترض أنه يتبع الفيفا، بينما وجدنا الفيفا ينتفض غضبا فى بلدان أخرى لمجرد شبهة التدخل الحكومى.. وإذا كان شاعرنا الكبير الراحل نزار قبانى قد تساءل فى قصيدته الشهيرة «متى يعلنون وفاة العرب؟».. فأنا أجاوبه الآن وأقول إن الفيفا أعلن تلك الوفاة رسمياً ونهائياً.
(المصدر: المصري اليوم 2014-12-02)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews