محاكمة القرن : براءة مبارك
سميت محاكمة الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك بـ " محاكمة القرن " فهي تُعدّ أول محاكمة لرئيس مصري ، إلا أن هذه التسمية قريباً ستتحول لتصبح " مسخرة القرن " !!.
لقد استحوذت محاكمة مبارك على مدى الثلاث سنوات ونصف الماضية على اهتمام الشارع المصري والعربي ، رغم أنها في السنة الأخيرة وبعد إزاحة محمد مرسي ، بدأ يخفت بريقها بسبب تسليط الاعلام الضوء على رئيس مصر الحالي عبد الفتاح السيسي وعلى انشغاله بترتيب البيت المصري الداخلي وملاحقة الإخوان المسلمين، إضافة إلى التفجيرات المتعددة والاغتيالات التي طالت المدن المصرية وتحديداً في سيناء والعاصمة القاهرة.
السبت ، صدر قرار البراءة بحق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلي ورجل الأعمال الفار من العدالة حسين سالم وستة من مساعدي مبارك بتهمة قتل المتظاهرين السلميين في ثورة ٢٥ يناير وتهم الفساد المالي والإداري بعد أن تم نقض الحكم الأول الذي صدر بحقهم وهو السجن المؤبد.
لم يكن المواطن المصري والعربي يتوقع غير هذه النتيجة ، فقد ثبُت على مدى أربع سنوات منذ بداية الربيع العربي وحلم تحقيق الديموقراطيات، أنه كابوس ثقيل ، لكأنه كُتب على الشعوب العربية أن تبقى تحت وصاية الظلم والخديعة والاستبداد وأن لا أمل نهائياً بتحقيق العدالة والديموقراطية .
كل ما جرى ويجري مجرد مسرحية كبيرة صممها ونفذها أصحابها بدقة عالية ، وكان فيها المواطن العربي ، صاحب القضية ، متفرجا وضحية لأطماع المتنفذين : رموز الديكتاتورية.
بعد صدور هذا القرار ببراءة حسني مبارك ، فإنه سيغادر المستشفى العسكري لأنه ليس محبوساً على ذمة أية قضايا أخرى، باستثناء حكم واحد صدر من جنايات القاهرة في قضية القصور الرئاسية بالسجن ثلاث سنوات وقد قضى فترة عقوبته.
وأما خلال جلسة النطق بالحكم ، فقد شهدت قاعة المحكمة والقاهرة وبقية المدن المصرية الأخرى انتشاراً أمنياً وعسكرياً كثيفاً بما في ذلك قوات النخبة في الجيش المصري ، أشرف عليها وتابعها بنفسه وزير الداخلية اللواء محمد ابراهيم منذ ساعات الصباح الأولى تحسباً لأية احتمالات ، ولعلَّ مظاهرات يوم الجمعة الفائتة ٢٨ نوفمبر ، أي قبل المحاكمة بيوم واحد، والتي دعت إليها الجماعات السلفية وجماعة الإخوان ، والتي انتشر على إثرها الجيش وقوات الشرطة في جميع أنحاء مصر ، لعل كل ذلك لم يكن سوى تمهيد لسيناريو رُسم بدقة من أجل تنفيذ فيلم براءة مبارك بإحكام .
وأما المحزن في هذه المشاهد ، فهو عندما أعلن القاضي قرار الحكم بالبراءة لحسني مبارك ونجليه وحاشيته ثم قام بتعزية أسر شهداء ٢٥ يناير ، وطالب رئيس مصر عبد الفتاح السيسي بتعويض هذه الأسر.
ما جرى يوم السبت لم يكن حكماً بالبراءة على حسني مبارك، إنما كان حكما بالإدانة على ثورة ٢٥ يناير ومبادئها وكل من شارك فيها ، وهنا يبرز سؤال :
ما موقف النظام المصري الحالي من ثورة ٢٥ يناير !! هل هي ثورة ضد الظلم والديكتاتورية ؟ أم مؤامرة ؟! .
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews