خطة دي ميستورا التفاف على الأزمة السورية
طرح ستيفان دي ميستورا ، المبعوث الدولي لحل الأزمة في سورية ، مشروعاً أو خطة تقول فكرتها أن الحل الوحيد في سورية اليوم يقتضي تجميد الصراع لمدة عامين ، أي أن تقوم هناك بلد بلا مركزية نتيجة لتعدد القوى وانكماش النظام على الأرض ، وبناءً عليه : كل يحكم المنطقة التي يسيطر عليها.
ومصطلح ( تجميد الصراع ) هو التفاف خسيس على جوهر المأساة السورية، فهو ليس إيقافا ولا إنهاء ولا حلا، هو سحق لرغبة السوريين ، ولامبالاة بمصائرهم، وهو صفحة جديدة من صفحات تنصل المجتمع الدولي من مسؤولياته تجاه ما يجري في سورية.
إن هذه الخطة لن تضمن للسوريين أي تغيير أو تحول في نظام الحكم وإسقاط بشار الأسد، وإنما ستضمن لهم فقط عدم الموت تحت البراميل المتفجرة وتلقي المعونات الغذائية الدولية.
هي هدية من المجتمع الدولي على طبق من فضة لنظام الأسد لالتقاط أنفاسه ووقف تدهور موقفه العسكري وإعادة ملء مخازنه بالذخيرة وتنظيم أموره وسياساته وتكريس سلطته في المناطق التي يسيطر عليها ، وهي الأهم سياسياً في سورية ، بينما تكتوي المناطق الأخرى الخاضعة للمعارضة بنار الفوضى والصراعات الداخلية والتسول على المساعدات الدولية.
ومن الطبيعي أن يتحمس بشار الأسد لهذا المشروع خاصةً وهو يطرح نفسه شريكا في الحرب على الإرهاب :
فقد قال خلال لقائه مؤخرا ممثلين عن حزب البعث الحاكم : “ إن المنطقة تعيش مرحلة مفصلية، وما سيحدد وجهة ( هذه المرحلة ) هو صمود الشعب السوري في وجه كل ما يتعرض له ، ووقوف الدول الصديقة إلى جانبه ، إضافة إلى قناعة أطراف دولية أخرى بخطورة الإرهاب على استقرار المنطقة والعالم وصولاً إلى تعاون دولي حقيقي وصادق في وجه هذه الآفة الخطيرة ".
السوريون يقفون اليوم أمام أزمتهم ولديهم إحساس بالعجز بأن لا حل موجود ولا حتى خيارات مفتوحة قد تساهم في التوصل إلى حل لإنهاء الأزمة.
إن أمامهم خيارين لا ثالث لهما : إما نظام الأسد الذي خرج السوريون منذ أربع سنوات مطالبين بإسقاطه وتحقيق دولة العدالة والديموقراطية.
أو غول العصر " تنظيم داعش " الذي يهدد حياة السوريين وبناء دولتهم.
كل هذا سيسهم - في النهاية - في تحقيق مشروع تقسيم سورية الذي يهدف له بشار الأسد برعاية ودعم الإيرانيين ، لأن تجميد الصراع لمدة عامين ، سيمكن الأسد من تعزيز قوته في دمشق والوسط والساحل ويجعل من هذه المناطق دولته الخاصة المعترف بها، بينما تكون بقية المناطق ساحة تتنازع عليها المعارضة المعتدلة وداعش والقوى المتطرفة الأخرى وسيستمر هذا النزاع لسنوات طويلة.
مشروع دي ميستورا هو بمثابة الإمداد وطوق النجاة لنظام الأسد المتهاوي ، وهو الحل الذي سيوفر على المجتمع الدولي الشعور بالخزي أمام عجزه تجاه إيجاد حل للأزمة السورية.
يبقى أن اللقاء الأخير بين نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في أنقرة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، قد ينعش الأمل في إمكانية الخلاص من الأسد ، حيث اشترطت تركيا ، مقابل انخراطها في التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش ، أن تكون محاربة الأسد وإسقاط نظامه أولوية أكثر إلحاحا من محاربة المتطرفين .
لم يرشح عن لقاء بايدن أردوغان ما يعزز هذه الأمنية ، وقد يكون قيل الكثير خلف الأبواب المغلقة .
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews