Date : 23,11,2024, Time : 10:03:55 AM
19654 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الثلاثاء 18 محرم 1436هـ - 11 نوفمبر 2014م 03:50 ص

بانتظار أن تُكرَّم ثورة تونس أو تُهان

بانتظار أن تُكرَّم ثورة تونس أو تُهان
فهمي هويدي

الانتخابات الرئاسية التي تستعد لها تونس هذه الأيام بمثابة مغامرة قد تحسب ضمن إنجازات الثورة أو انتكاساتها.
(1)
أقول ذلك بمناسبة الحراك السياسي الصاخب الذي تشهده تونس هذه الأيام، إعداداً للانتخابات التي يفترض أن تتم في الثالث والعشرين من الشهر الحالي، أي خلال أقل من أسبوعين، وقد اشتدت وتيرة ذلك الحراك بعدما أسفرت الانتخابات التشريعية عن متغيرات مهمة في الخريطة السياسية، على رأسها مفاجأة فوز حزب «نداء تونس» بالمركز الأول، وتخلي حركة «النهضة الإسلامية» عن ذلك الموقع وتراجعها إلى المركز الثاني.
ولو ان صخب ذلك الحراك ظل مقصوراً على الفضاء التونسي، لاعتبر شأناً داخلياً وخبراً عادياً بالنسبة للمواطن العربي خارج حدودها، إلا أن أحداً لا يستطيع أن ينكر أن أصداء الحدث التونسي ظلت قوية في أنحاء العالم العربي منذ انطلقت منها شرارة الثورة وأسقطت نظام الرئيس بن على في العام 2011. لم يكن المثير في نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة فقط أن «حركة النهضة» تراجعت إلى الترتيب الثاني. وإنما كان المثير أيضاً أن الذي فاز بالمركز الأول كان حزب «نداء تونس» الذي أسسه السيد باجي قائد السبسي، الخارج من عباءة النظام القديم وابن مرحلة الرئيسين (بورقيبة ـ بن علي)، وبدا واضحاً أن ثمة ترحيباً بالنتيجتين من جانب التحالف الأهم في الساحة العربية، المشتبك مع «الربيع العربي» والتيار الإسلامي والمتصالح مع الأنظمة القديمة التي تمثل الثورة المضادة. ومن الأمور الكاشفة وذات الدلالة في هذا الصدد، انه في الوقت الذي أعلن فيه زعيم «نداء تونس» السيد الباجي قائد السبسي ترشحه للرئاسة من أمام قبر زعيمه الحبيب بورقيبة، فإن الأخبار تحدثت عن دور الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح مع الحوثيين في تغيير النظام اليمني وتحدي الرئيس الحالي هادي عبد ربه منصور. كما كان أنصار القذافي يعقدون مؤتمرهم في القاهرة ويطالبون بالمشاركة في الحوار حول مصير البلاد. (صحيفة التايمز البريطانية ذكرت في عدد 6/11 نقلا عن أحمد قذاف الدم أن أسرة القذافي تستعد للعودة إلى ليبيا). في الوقت ذاته كانت رموز نظام مبارك تعود إلى الأضواء بصورة تدريجية. كما أصبح الرجل يثبت حضوره في المجالس العامة بحواراته الصحافية ومن خلال الإعلام الذي عادت بعض أبواقه إلى تمجيده ووصف «ثورة يناير» بأنها «مؤامرة». وهي قرائن دلت على أن رموز النظام القديم يتطلعون للعودة بصورة أو أخرى.
وإذ تتابعت تلك المشاهد وسط دعم إقليمي مشهود، فإن ظهور السبسي المنتسب إلى ذلك النظام وفوز حزبه من خلال الانتخابات الديموقراطية، استدعى كثيراً من الأسئلة القلقة حول تأثير ذلك الفوز على مسار الثورة وتطلعاتها.

(2)

المتنافسون على رئاسة الجمهورية 27 مرشحاً. إلا أن نتائج الانتخابات التشريعية أفرزت قوتين تصويتيتين هما حزب «نداء تونس» الذي فاز بـ85 معقداً، والقائم أساساً على «الدساترة» (عناصر الحزب الدستوري الحر ـ بورقيبة) والتجمعيين أعضاء «التجمع الدستوري الديموقراطي» الذي أسسه بن علي، ومع هؤلاء شرائح من اليساريين وغلاة العلمانيين. القوة الثانية تمثلت في «حركة النهضة الإسلامية» التي فازت بـ69 مقعداً، ولم تقدم مرشحاً للرئاسة. بعدهما بمسافة يأتي حزبان، أحدهما «الاتحاد الوطني الحر» (17 مقعداً) الذي يضم بعض الأحزاب الصغيرة. وقد أسسه أحد كبار رجال الأعمال (سليم الرياحي) الذي يُثار لغط كبير وشبهات عدة حول مصادر ثروته وعلاقته بنظام القذافي، وهو يقدم نفسه بأنه ليبرالي وعلماني. الحزب الرابع هو «الجبهة الشعبية» (12 مقعداً) وهو يضم أحزاب يسارية عدة ويترأسه القيادي المخضرم حمَّه الهمـَّامي. ومن الملاحظات الجديرة بالذكر في هذا الصدد أن حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» الذي كان يقوده رئيس الجمهورية الحالي الدكتور المنصف المرزوقي فاز بأربعة مقاعد فقط في البرلمان الجديد، في حين أن حزب «التكتل من أجل الحريات» الذي يترأسه الدكتور مصطفى بن جعفر الرئيس الحالي للجمعية التأسيسية فاز بمقعد واحد.
الخلاصة أنه برغم أن الكتلة التصويتية الأكبر لا تزال تتوزع على حزب «نداء تونس» (النظام القديم) و«حركة النهضة» التي تنتسب إلى قوى الثورة. إلا أنه طبْقاً للنتائج المعلنة، فإن الحزب الأول لم يحصل على نسبة الغالبية التي تمكنه من أن يشكل الحكومة وحده. ذلك أنه حصل على 38,71 في المئة من الأصوات فقط، لذلك فلا مفر من تشكيل حكومة ائتلافية تشترك فيها الأحزاب الأخرى.

(3)

لقد أعلن حزب «نداء تونس» أنه أرجأ النظر في ملف تشكيل الحكومة الجديدة والتحالفات السياسية التي ستعتمد عليها إلى ما بعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية، في إشارة ضمنية إلى أن مشاركة القوى السياسية في الحكومة مرهونة بتأييدها للسيد السبسي في الانتخابات الرئاسية.
مع ذلك فالطنين لم يتوقف في تونس حول سيناريو التحالفات المقبلة التي تمكن حزب «نداء تونس» من الحصول على غالبية المقاعد للتصديق على الحكومة. فثمة سيناريو يطرح فكرة تحالف «نداء تونس» مع «الجبهة الشعبية» بزعامة حمَّه الهمـَّامي (15 مقعداً) مع إضافة بعض المرشحين المستقلين والأحزاب الصغيرة التي تمكن حزب «النداء» من الوصول إلى العدد المطلوب. السيناريو الثاني ان يتحالف حزب «النداء» مع حزب «التحالف الوطني الحر» (16 مقعداً) مضافاً إليه بعض الأحزاب الأخرى الصغيرة. إلا أن كلا الأمرين تعترضهما عقبات كثيرة. ذلك ان ثمة خلافات عميقة بين حزب «النداء» اليميني وبين «الجبهة الشعبية» اليسارية، تتركز في الملف الاجتماعي والاقتصادي. حيث يصعب التوفيق من الناحية النظرية بين برنامج حزب ينطلق من الخلفية الرأسمالية وقوانين السوق الحرة، وبين حزب يساري له برنامج معاكس تماماً.
السيناريو الآخر الذي يقوم على تحالف حزب «النداء» مع حزب «التحالف الوطني الحر» تعترضه أيضاً عقبات عدة. منها مثلا أن مؤسس حزب «التحالف» سليم الرياحي يطرح نفسه منافساً للسبسي على منصب الرئاسة. منها أيضاً أن مصادر ثروة الرياحي مشكوك في براءتها، والكلام كثير في تونس حول ضلوعه في عمليات فساد متعددة المجالات.
إذا فقد الرياحي الأمل في الفوز بالرئاسة، وهو الأرجح، فقد يعقد صفقة مع السبسي بحيث يدعمه في الانتخابات الرئاسية مقابل ترؤس حزبه «الاتحاد الوطني الحر» للحكومة أو إفساح المجال له لرئاسة البرلمان. وبرغم أن ذلك التحالف يمكن أن يشوه صورة حزب «نداء تونس» حيث تؤثر عليها الشبهات المثارة حول مصادر ثروة الرياحي، إلا أن السبسي قد يجد نفسه مضطراً إلى ذلك لتمرير حكومته أمام البرلمان.

(4)

حركة «النهضة» في موقف دقيق وحرج، إذ التساؤل عن تحالفها مع «نداء تونس» مثار بقوة داخل الحركة وخارجها، ذلك ان ثمة رأياً يؤيد التحالف بدعوى أن اللعبة الديموقراطية لها قواعدها وثمنها. وأن ذلك التحالف يعزز حضور الحركة في السلطة. كما انه يشكل كابحاً لحزب «النداء» إذا ما حاول العودة إلى حكم الحزب الواحد وإجهاض مشروع الثورة بتفريغها من مضمونها. وأصحاب هذا الرأي يرون أن التفاهم مع السبسي يمكن ان ينتهي بتسليم رئاسة البرلمان لـ«النهضة»، إلى جانب إشراك بعض كوادرها في الحكومة. ومن شأن ذلك أن يحافظ على الثورة من داخل السلطة.
الفريق المعارض لذلك التوجه يحبذ تأييد الحركة لمرشح الثورة (الدكتور المرزوقي مثلاً) ويرى أن التحالف مع حزب النظام القديم يعد تخلياً عن مربع الثورة وقواها. ومن ثم فهو يحرج الموقف المبدئي لـ«النهضة» إذ يجعل من قيمها موضوعاً للمساومة، الأمر الذي ينبغي أن تتنزه عنه الحركة. يرى أصحاب هذا الرأي أيضاً أن مكان حركة «النهضة» يجب أن يظل في مربع الثورة وليس الثورة المضادة. وبقاؤها في ذلك الجانب مع القوى الأخرى التي حملت الثورة وضمت أطيافاً من العلمانيين المعتدلين واليساريين والقوميين إلى جانب الوطنيين المستقلين هو التعبير الوحيد عن الوفاء لقيم الثورة. وفى رأيهم أيضاً أن التخوف من انقلاب «نداء تونس» على الثورة واستعادة النظام القديم من خلال الممارسة الديموقراطية مبالغ فيه، لأنه بات من الصعب أن تعود عجلة التاريخ إلى الوراء، نظراً لقوة المجتمع المدني ورسوخ قدميه.
ثمة رأي ثالث يفضل عدم إعلان موقف للحركة يؤيد أياً من المرشحين، ويترك لعناصرها حرية الاختيار بين الأصلح منهم. وفى حدود علمي فإن الجدل حول هذه المسألة ظل محتدماً داخل صفوف الحركة، إلى ان استقرت قيادتها على الخيار الثالث والأخير.
يفترض أن تحسم الخيارات كلها خلال الأيام القليلة القادمة، قبل أن يحين موعد التصويت على انتخاب رئيس الجمهورية الذي به قد تكرم الثورة أو تهان.

السفير اللبنانية 2014-11-11

 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد