Date : 23,11,2024, Time : 01:38:32 PM
4657 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الخميس 07 ذو الحجة 1435هـ - 02 أكتوبر 2014م 01:45 ص

السياسة الأمريكية من سوء تقدير إلى سوء تقدير

السياسة الأمريكية من سوء تقدير إلى سوء تقدير
جميل مطر

يوماً بعد يوم نزداد اقتناعاً أن دولنا العربية صارت ضحايا لسلسلة من قرارات أمريكية استندت إلى تقديرات سيئة أو خاطئة . خرج علينا الأسبوع الماضي جيمس كلابر، المسؤول لمرحلة غير قصيرة عن أجهزة الاستخبارات الأمريكية ليعترف بأن الحكومة الأمريكية أساءت تقدير تطورات الأمور في سوريا خلال الحرب التي نشبت فيها، فنفذت، أو امتنعت عن تنفيذ، سياسات بنتيجة مؤداها أن سوريا أصبحت قاعدة انطلاق للجهاديين في العالم .
أخطأت الحكومة الأمريكية أيضاً في تقدير القوة الواقعية لقوى الأمن في العراق، هذا الخطأ تسبب في الكارثة العظمى التي حلت بالمشرق وتهدد بالانتشار في الشرق الأوسط بأسره . صعب على شخص مثلي غير مؤهل عسكرياً للحكم على قدرة جيش عربي كجيش العراق، أو غيره، على التصدي لتمرد محدود، وبخاصة بعد أن قضت الولايات المتحدة سنوات عديدة تشكل هذا الجيش من لا شيء، وتدربه وتسلحه بأحدث الأسلحة وتعدّه ليحل محل قوات التحالف في حفظ الأمن وحماية حدود الدولة .
يصعب على أمثالنا الذين يطالبون بقواعد ونصوص دستورية تضمن حق الشعوب العربية في محاسبة حكوماتها حين تخطئ أو تمعن في إنكار الخطأ، أن نفهم أو نتفهم هذه الدرجة من اللامبالاة لدى الرأي العام الأمريكي وتقاعسه عن الدعوة لمحاسبة المسؤولين عن الأخطاء التي ارتكبتها الحكومتان الأمريكيتان السابقة والراهنة . معروف أن الشعب الأمريكي لديه من الحقوق والقوانين والممارسة الديمقراطية ما يجعله الأكثر تأهيلاً من كثير من شعوب العالم لمحاسبة المسؤولين ومنع تكرار الأخطاء ووقف تبديد أموال دافعي الضرائب على مغامرات حربية وممارسات إمبريالية جوفاء في الخارج . هذه اللامبالاة تضاف إلى قائمة المتاعب التي تواجه الرأي العام العربي . إذ لم تعد حكومات العرب مستعدة كالعهد بها دائماً للدفاع عن السياسات الأمريكية، وبخاصة بعد أن فقدت أمريكا نفسها القدرة على التصدي لهذه الاتهامات بالإقناع والدعاية والضغوط .
أعرف أنه توجد صعوبة شديدة في إقناع قطاعات مهمة في الشعوب العربية بالاطمئنان إلى خطة أوباما لمحاربة الإرهاب، وأستطيع أن أتفهم أسباب عدم الاطمئنان . سوريون كثيرون يسألون عن الحكمة في القرار الأمريكي بممارسة التثاقل في التعامل مع الحالة في سوريا . لا يكفى لإقناع هؤلاء السوريين القول إن الوضع في ساحات القتال كان شديد التعقيد، وإن الدعم الروسي للأسد جمد الحركة الأمريكية، وإن بعض التنظيمات المناهضة للأسد كانت تبيت على ولاء لدولة وتستيقظ على ولاء لدولة أخرى، أو كانت معتدلة بالنهار ومتشددة بالليل . كثير من السوريين يعتقدون أن أمريكا - وروسيا تتحملان مسؤولية التدهور في سوريا لأنهما كانتا تعلمان بوجود تنظيمات إرهابية، ووجود "داعش" بالذات، ولم تقوما بالضغط على تركيا والعراق والأردن ولبنان وغيرها لوقف تسرب الإرهابيين والسلاح من خارج سوريا . هما أيضا مسؤولتان لأنهما احتكرتا في جنيف حق التفاوض باسم المجتمع الدولي . لا يفهم السوريون ولن يفهم غيرهم من العرب حجج أمريكا، ولن يقبلوا منها الاعتذار بسوء التقدير . الكل يفهم أن أمريكا ادعت ثم احتكرت حق القيادة الدولية وحق تشكيل الأحلاف وحق حماية الأمن العالمي، وبالتالي فهي تتحمل المسؤولية منفردة .
أخشى أن يوماً يأتي فنسمع أمريكياً كبيراً يلقي على سوء تقدير حكومة أوباما مسؤولية التحالف الحالي، فيما هناك نية مبيتة لدى العسكريين الأمريكيين بعدم التورط في حرب برية في أي صراع قادم، والعودة إلى الاعتماد على "مرتزقة" أو متطوعين أو "تنظيمات" تجند أعضاءها وتمولها سراً أو علناً . من سيحاسب من، على مقاتلين تدربهم أمريكا على قتال أصحاب فكر متشدد ومناوئ ويعودون بعد القتال عودة "الأفغان العرب" إلى أوطانهم . لم نسمع أو نقرأ عن ضمانات بعدم تكرار الكوارث الناجمة عن حرب المتشددين ضد متشددين، وحروب التطرف الديني ضد التطرف الديني .
أتصور أن شعبية الرئيس أوباما في العالم العربي تدنت إلى أسوأ درجاتها، وبخاصة في جيل الشباب . الحقوقيون العرب، كغيرهم من الحقوقيين في روسيا والصين ودول متزايدة العدد، يتعرضون لمعاملة سيئة من جانب حكوماتهم بينما تقف الولايات المتحدة عاجزة عن الاستمرار في ممارسة الضغوط المعتادة، والأسباب معروفة أهمها النقص في صدقية القدرة الأمريكية على تنفيذ هذه الضغوط .
من ناحية أخرى، يسخر قادة شباب وناشطون في المجتمعات المدنية العربية من "تمجيد" الرئيس أوباما للمجتمع المدني العربي، لأنهم يعتقدون أن البديل الوحيد للإرهاب هو المجتمع المدني، فإذا غاب المجتمع المدني فلا بديل للإرهاب في نظر العدد المتزايد من الشبان العرب المحبطين سوى حكومات متسلطة وأساليب قهر وقمع . ومع ذلك راح عدد محدود من الحقوقيين يطالب أوباما بانتهاز فرصة سعيه لإقامة حلف مناهض للإرهاب ليطالب الدول العربية احترام حقوق الإنسان وضمان حريات المواطنين .
أسمع أيضاً عن حوارات جادة في عديد الدول العربية تحاول استقراء الوسائل التي يمكن أن يستخدمها أوباما أو من يأتي بعده لإقناع الحكومات العربية بواجب التخلص من النافذين المتشددين في هذه الدوائر، وكذلك شن الحرب ضد الفكر المتطرف كما جاء في وثيقة أوباما عن الحرب ضد الإرهاب . هل سيتمكن أوباما من تحقيق هذا أم أن الأمر لا يخرج في حقيقته عن "مظاهرة" بالكلام فقط لاستدراج أمريكا للنزول من الجو والبحر إلى الأرض وممارسة القتال برجالها ونسائها وقوات رمزية من الأطلسي .
وسط هذا الاضطراب العميق في التداول حول مسيرة الحرب ضد الإرهاب كما تصورتها واشنطن، يتضح يوماً بعد يوم، أن نظام الأسد عاد يحتل الوضع الأفضل في استراتيجيات الحرب السورية، فالأمريكيون يحاربون له أعداءه، وجدران العزل والحصار تتحطم جداراً بعد الآخر، وخصومه فقدوا حرية التصرف التي أشعلوا بها حرب التنظيمات الجهادية، فضلاً عن اقتناع متزايد لدى عواصم عديدة بأهمية بل ضرورة المحافظة على وحدة الكيان السوري . ومع ذلك أتصور صعوبة أن يعود النظام في سوريا إلى سابق احتكاره للسلطة وانفراده بالحكم، سواء تطورت أمور سوريا إلى الأسوأ أو الأفضل .
من سوء التقدير أيضاً استمرار الحكومة في واشنطن في توجيه الإهانة للعرب وتعميقها كلما حانت فرصة لذلك . لقد كان رد الفعل الأمريكي المبالغ فيه على خطاب محمود عباس في الجمعية العامة، دليلاً إضافياً على أن هناك في أمريكا، كما في عالمنا العربي، من يظن أن فلسطين صارت تنتمي إلى عصر انقضى ولن يعود . صحيح أن الرأي العام العربي منتبه إلى حدود قصوى بأوضاع الحريات والانقسامات والشؤون الجهادية والإرهابية، ولكن الصحيح أيضا أن فلسطين حية في العقل العربي، ويخطئ في واشنطن أو غيرها من يخطط لسياسة في الشرق الأوسط لا تعتمد مبدأ عودة فلسطين إلى أصحابها، أو تفترض "نهاية العرب" . 

(المصدر : الخليج 2014-10-02)




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد