أهل السنة وأمريكا : العراق وسوريا واليمن
إذا كانت قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة لا تملك أي استراتيجية تجاه سوريا والعراق ، والحرب المعلنة على تنظيم الدولة وفق ما قال خبراء أمريكيون ، فإن الكارثة التي ستقع فيها المنطقة مقبلة لا محالة .
الإكتفاء بضرب إرهاب تنظيم الدولة في سوريا دون النظام السوري نتج عنه هذه المظاهرات التي خرجت في عدة مدن سورية الجمعة تدعم الإسلاميين المتطرفين وترفع شعاراتهم وتهتف ضد الولايات المتحدة والحلف الذي تقوده، بعد أن وقع قتلى وجرحى من المدنيين في إدلب وغيرها من المناطق التي طالتها الضربات الجوية .
وإذا كانت الضربات الأمريكية في سوريا استثنت النظام وجيشه وميليشياته من القصف لاعتبارات لا مجال للخوض فيها هنا ، فإن الأمر يشي بأن وراء الأكمة ما وراءها ، وفي نفس الوقت ، فإنه - بالمحصلة - قصف يدعم داعش ويدعم النصرة وأحرار الشام ، ويجعل هذه التنظيمات تحصد شعبية لم تكن تحلم بها في أي يوم سبق القصف الجوي على سوريا .
وإذا كان هذا هو حال سوريا ، فإنه وبنفس الإيقاع ينطبق على العراق أيضا ، فها هو العبادي يعلن الجمعة بأن الميليشيات الشيعية مهمة في الحرب على الإرهاب ، وهو ما يتناقض مع تصريحاته قبيل تشكيل حكومته والتي قال فيها : إنه بصدد إنشاء " حرس وطني عراقي لا يستثني أحدا " ، ويحدث هذا في نفس الوقت الذي تقوم فيه طائرات الجيش العراقي بقصف مناطق مدنية سنية في عدة محافظات مما يوقع يوميا عشرات القتلى والجرحى من المدنيين .
إذن : في سوريا قصف ضد المتطرفين السنة ، بينما تنعم جماعات أبو الفضل العباس الإجرامية وحزب الله السفاح بالأمن وتمر فوقهم الطائرات بردا وسلاما .
وفي العراق تنعم ميليشيا العصائب الأيرانية وجماعة كتائب الإمام علي وجيش المهدي وقوات بدر وغيرها من ميليشيات القتل الشيعية ، تنعم هي الأخرى بالحماية الرسمية والدولية ، بل وتغطى وحداتهم وارتالهم بطيران أمريكي يحرسهم من خطر ثوار العشائر من أهل السنة الذين شكلوا منذ بداية الثورة السنية مجالس عسكرية مقاتلة ، وما خرجوا إلى الشوارع في البداية إلا لتحقيق العدالة وتقاسم السلطة ، وإعادة إجراء الإحصاء المزور الذي زعم بأن الأكثرية في العراق شيعية مع أن هذا يجانب الحقيقة وفق بيانات رسمية غير مسموح بنشرها في وسائل الإعلام الرسمية والخاصة .
إن أهل السنة في العراق - شأنهم شأن أهل السنة في سوريا ، يطالبون بأن يشمل القصف هذه الميليشيات الشيعية المتطرفة ، جنبا إلى جنب مع قصف داعش الإرهابية ، ولكن كل المعطيات تقول " إن هذا لن يحدث " وهو لن يحدث بسبب تحالف حكومة العبادي مع الإيرانيين وتحالف نظام الملالي مع الولايات المتحدة في هذه الحرب ، وهنا يقول استراتيجيون غربيون : إن أهل السنة في البلدين وهم الأكثرية الكاثرة ، وبسبب الإنتقائية - سيذهبون إلى التطرف طالما أن الولايات المتحدة لا تملك حلا ، وما قصة الـ 15 ألف مقاتل من المعارضة الذين ستدربهم أمريكا سوى " نكتة " في ظل وجود ملايين يشعرون بأنه تم الضحك عليهم .
إن ما يجري في المنطقة يكشف بأن الغرب خرج بانطباع وقناعة مفادها : إن تحالفه مع الشيعة في المنطقة أفضل وأكثر نفعا من تحالفه مع السنة الذين خرج منهم أسامة بن لادن والبغدادي والظواهري ، بينما خرج من الشيعة " ملائكة " على شاكلة " حسن نصر الله وخامنئي والمالكي " أولئك اللطامون الندابون الذين يعيشون مظلومية تاريخية ، ومن أجل ذلك يجب دعمهم والتحالف معهم وليذهب مليار و200 مليون سني إلى الجحيم .
لقد غفلت الدول العربية السنية في أوج حماسها لقتال التطرف السني أن تسأل عن مصير التطرف الشيعي ، وأنها بتحالفها المفتوح مع الولايات المتحدة بدون أن يكون هناك استحقاق لإسقاط النظام في دمشق ، وضرب الميليشيات الشيعية في العراق ، إنما هي تسلم الملفات الساخنة في المنطقة لطهران من حيث لا تدري ، وما حدث بصنعاء ليس سوى البداية .
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews