Date : 23,11,2024, Time : 04:41:52 AM
12673 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الجمعة 24 جمادي الاول 1434هـ - 05 ابريل 2013م 12:46 ص

الحياة : المسلمون والمسيحيون العرب على خرائط جديدة

الحياة : المسلمون والمسيحيون العرب على خرائط جديدة

هل يمكن حاكماً مطلعاً أو محللاً سياسياً استراتيجياً أن يعرف، ولو على سبيل التقدير أو التخمين، من هي الجهة/ الدولة/ الدول التي أخذت «الربيع العربي» في اتجاه هذا الزلزال المتطرف الذي يضرب المنطقة منذ ثلاث سنوات، وينذر بحروب طائفية مذهبية لا نهاية لها؟

هل يمكن حاكماً مطلعاً أو محللاً سياسياً استراتيجياً أن يرسم خطاً بيانياً للمدى الذي سوف يبلغه هذا الزلزال والنقطة الجغرافية التي يمكن أن يتوقف عندها، وعلى أي نظام أو قاعدة سوف يستقر؟

في تاريخ الحروب القديمة، تتعدد الروايات عن الشرارة الأولى التي أطلقت أياً منها، ذلك أن معظم الروايات مركبة من وقائع لا تخلو من أكاذيب ألَّفها مؤرخون مأجورون من جهة أو أخرى لحساب دولة أو أخرى.

لكن الشرارة التي أطلقت الربيع العربي مصورة ومسجلة باللحظة وبالصوت وبالنفس، فذلك الفتى التونسي الفقير الجوال الذي أشعل جسده في الشارع، لم يكن قصدُه أبعدَ من أن يتخلص من حياته وبؤسه ويأسه.

كان ممكناً أن ينتهي ذلك الحادث المأسوي بمجرد تسجيله في محضر الشرطة، وأن تتابع العاصمة التونسية حياتها العادية، فالشاب محمد بوعزيزي ليس أولَ شهيد من الطبقة الفقيرة المنسية، لكن النتيجة تحولت حدثاً تاريخياً يقرب من الخيال، حين انهارت جمهورية زين العابدين بن علي التي قامت على انقلاب أطاح الرئيس العجوز الحبيب بورقيبه، ثم راح العالم يراقب مذهولاً انهيار الجمهوريات العسكرية العربية الواحدة إثر الأخرى، إلى أن بلغ الربيع ربوع سورية من باب مدينة درعا الجنوبية، فبدأ يتحول زلزالاً تبتلع تردداته المدن والأرياف وتنذر بتدمير ما بقي من سورية وما حولها، مَن قَرُبَ ومَن بَعُد. وها هي جماعات الإسلام المتطرف، من قاعدة و «إخوان» و «نصرة» وسائر الأسماء، تضع قبضتها على مفاصل الدولة حيث أمكنها أن تحكم، فماذا حدث؟

لا تفسير سوى أن العالم يعود مسرعاً إلى ما كان عليه قبل انهيار الاتحاد السوفياتي في أوائل العقد الأخير من القرن الماضي، ولكن بصورة مختلفة، فقد نشأ في روسيا إمبراطور اسمه فلاديمير بوتين، ولديه مشروع إعادة أمجاد روسيا من دون شيوعية. وفي المقابل، لاقاه مبشر أميركي في البيت الأبيض اسمه باراك أوباما، ولديه مشروع لملمة أطراف الإمبراطورية الأميركية وسحبها إلى مناطق آمنة.

هل يصحّ التصور بأن الإمبراطور الروسي والمبشر الأميركي يتخاطبان لغة مشتركة لاقتسام العالم العربي الإسلامي-المسيحي على أساس طائفي ومذهبي؟

هل يقول الإمبراطور الروسي للمبشر الأميركي: لك دول الإسلام السنّي ولي دول الإسلام الشيعي وسائر الأديان والمذاهب؟

وهل يضع الإمبراطور والمبشر خريطة إعادة تقسيم الشرق الأوسط، وقلبه العالم العربي، على طاولة «يالطا» جديدة؟ ولكن أين أوروبا؟ وأين الصين؟ ودول نمور آسيا؟ ودول أميركا اللاتينية، الناهضة باقتصادها وبعصبياتها وهوياتها رافضةً التبعية والتقليد، وقد صار لها في الولايات المتحدة الأميركية وجود ونفوذ يسمحان في زمن غير بعيد بالتحكم في عملية انتخاب سيد البيت الأبيض؟

شيء من السيناريو الرهيب يجري تبسيطه، لكن فظاعة الاتجاه الذي يسلكه الزلزال يجعل كل من ينطق بالضاد خائفاً على مستقبله، أي مستقبل وطنه، بحدوده الراهنة وبمزيجه الروحي والثقافي والحضاري.

ليس في التاريخ العربي الحديث ما يوحي بأن المستقبل هو للديموقراطية. ويمكن إيجاز هذا التاريخ بثلاث مراحل:

في المرحلة الأولى خرج العرب من الاستعمار إلى الحرية، لكن الحرية لم تعمّر سوى سنوات قليلة جاءت بعدها المرحلة الثانية، حين خرجت جيوش العرب إلى فلسطين لتطرد عصابات الصهيونية وتحمي القدس، وكان أن انتهت تلك المرحلة بسقوط نصف القدس ونصف فلسطين، فارتد الضباط الأركان إلى عواصمهم لإسقاط رؤساء الاستقلال وتحميلهم مسؤولية النكبة.

ثم بدأت المرحلة الثالثة، وهي مرحلة الإعداد لحرب الثأر واسترجاع فلسطين. وتطلبت هذه المرحلة مصادرة حريات الشعوب والسيطرة على إمكاناتها ومبادراتها وثرواتها، والتحكم بثقافتها وفنونها لتصبّ في مبدأ واحد: لا صوت يعلو صوتَ المعركة، أي لا صوت يعلو صوت النظام، والنظام يعني: الحزب، والحزب يعني القيادة، والقيادة تعني القائد... وانتهى الأمر.

منذ ستة عقود والدول العربية تعيش تحت حكم القائد، هو الذي يفكر، وهو الذي يعرف، وهو الذي يقرر، وهو الذي يحاسب، وحسابه عسير لا يرحم، ولذلك تحفظ سجلات العقود العربية الستة الماضية أسماءَ عشرات الآلاف من شهداء الرأي، ومئات الآلاف من السجناء، فضلاً عن لوائح المنفى، التي تضم نخباً من أهل العلم والاختصاص والإبداع.

كل ذلك العذاب والقهر، مع الازدراء بالحقوق والحريات العامة، فتح نافذة أمل بالخلاص، من خلال اللهب الذي تصاعد من جثة الشهيد التونسي الأول محمد بوعزيزي.

لكن موت ذلك الفتى الفقير الجوال الذي أيقظ الربيع العربي الأحمر، بدأ يتحول لغزاً: فكيف انهار سريعاً نظام زين العابدين بن علي، ليتبعه نظام حسني مبارك، ثم القذافي، ثم علي عبد الله صالح، ليقوم فوراً نظام الإخوان المسلمين، بأسماء متعددة، وبرنامج موحد؟

ولماذا توافر الدعم الدولي، والحربي، والمالي، والسياسي -وخصوصاً من الولايات المتحدة الأميركية- لتونس ومصر وليبيا، ثم توقَّفَ أمام ثورة سورية؟

وعلى أي أساس يتم التوافق بين واشنطن وموسكو، ومعهما طهران؟

لم يعد الكلام على تقسيم سورية دويلات طائفية ومذهبية من الأمور المحرمة، فهذه الفكرة أصبحت موجودة في خلفية الرؤوس الكبيرة التي تناقش الأزمة السورية في اللقاءات المغلقة، ثم تأتي التطورات في جميع المحافظات السورية، المعارضة والمقهورة، لترسم صورة المستقبل الذي تكاد معالمه أن تكتمل.

وفي هذا المناخ الأسود الذي رافق وصول أوباما الى إسرائيل، جاء إطلاق صاروخ المادة الكيماوية على القرية الصغيرة في الشمال السوري ليثير رعباً يتجاوز حدود البلاد المنكوبة إلى جوار مفتوح على جميع الأرجاء والاحتمالات.

ومن غرائب هذه العملية الخطرة، أن أجهزة الاستطلاع والمراقبة العالمية التي تملأ سماء سورية، وترصد حتى حركة أسراب النمل وخطوط سَيْره وتعرف أوكاره على الأرض، تبدو عاجزة عن تحديد نقطة انطلاق ذلك الصاروخ ونوعية ذخيرته والجهة المسؤولة عنه. هل تجهل إسرائيل الحقيقة؟..

مع ذلك سارعت موسكو إلى تبني رواية دمشق بأن الجيش الحر هو مصدر الصاروخ. وفي حين اكتفت واشنطن بالتأكيد على أنها تدرس باهتمام مزاعم النظام السوري، أكدت استعدادها للردع إذا وافق مجلس الأمن.

هذه الـ «إذا» الشرطية، سوف تؤدي الى تدمير سورية بالكامل، فلا يعود ينفع بعد ذلك ردع ولا صدّ، حينها تكون خرائط الشرق الأوسط الجديد قد خرجت من الخزائن إلى الطاولات، وحضرت الأقلام باللون الأحمر، ومعها مشارط القطع والوصل، فتجد إسرائيل نفسها في عيد تهيئ له اسماً...

فعلى من ستقع جريمة العصر الذي يقوده المبشر الأميركي والإمبراطور الروسي؟

إنها سيناريوات رهيبة يجري ترويجها ببساطة.

(عزت صافي - الحياة اللندنية - الأربعاء ٣ أبريل ٢٠١٣ ) .




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد