القادة الغربيون والعقوبات ضد روسيا
حصلت صحيفة «فايننشيال تايمز» على مسودة وثيقة تتناول بالتفاصيل العقوبات الجديدة للاتحاد الأوروبي ضد روسيا: حظر تمويل الديون الأوروبية على شركات الدفاع والطاقة المملوكة للحكومة الروسية، منع الصادرات التكنولوجية ذات الاستخدام المزدوج، منع مشاركة شركات خدمات الطاقة الأوروبية في المشروعات الروسية، مناقشة قرار غامض بمقاطعة بطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2018، والمقررة إقامتها في روسيا، وطرد أندية الكرة الروسية من المنافسة الأوروبية.
يقتضي الحذر افتراض أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سوف يرغب في الانتقام. أصاب رد فعله السابق بالفعل أوروبا في مقتل؛ حيث انخفضت أسعار الغذاء، نظرا لأن روسيا لم تعد تستورد الفاكهة ومنتجات الألبان واللحوم والأسماك. ووفقا لجماعة ضغط زراعية مقرها بروكسل (كوبا كوجيكا)، انخفضت أسعار اللبن في بعض مناطق أوروبا بنسبة تصل إلى 30 في المائة. ووصل انخفاض أسعار بعض أنواع الفاكهة، مثل التفاح والكمثرى إلى درجة زهيدة، إلى درجة أن المزارعين يفكرون في عدم الحصاد. وتقول جماعة «كوبا كوجيكا» إن إجراءات الاتحاد الأوروبي حتى الآن، مثل التدخلات الشرائية ومساعدات التخزين، غير كافية، وإن هناك حاجة إلى تقديم الدعم المباشر لاستمرار عمل المزارع.
يشكل الغذاء نسبة 14 في المائة من سلة السلع التي كانت تستخدم لحساب معدل التضخم في منطقة اليورو، وفقا لموقع «euractive» للسياسات. وصرح رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي في مايو (أيار) الماضي بأن سعر النفط والغذاء المنخفض يشكل نحو 80 في المائة من انخفاض معدل التضخم الذي تشهده أوروبا منذ عام 2011.
ربما يكون من الجدير بالذكر أن الهدف الأولي الذي وضعته وزارة الخارجية الأميركية هو أن «تبعث (العقوبات) برسالة قوية إلى الحكومة الروسية بأن هناك تبعات لتصرفاتها التي تنتهك سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها». وهي الرسالة التي عادت إلى المرسل من دون أن تقرأ.
رغم ذلك، اكتسبت العقوبات حياة خاصة بها. نقلت شبكة «بي بي سي» عن وزير الخارجية البريطاني فيليبهام هاموند قوله: «لا أعتقد أننا نرغب في الابتعاد عن عزمنا على فرض مزيد من العقوبات، ردا على المغامرة العسكرية الكبيرة التي تشنها روسيا في أوكرانيا بهذه الضجة حول إمكانية وقف إطلاق النار».
بمجرد أن يجري فرض العقوبات، سيكون من السيئ رفع العقوبات من دون تقديم روسيا تنازلات. ومن الممكن رؤية القادة الغربيين وكأنهم يتغاضون عن سلوك بوتين العدواني ويخونون أوكرانيا.
كان المظهر أمام الرأي العام هو السبب الوحيد الذي جعل فرنسا توقف أخيرا تسليم سفينة حربية إلى روسيا، رغم أن القرار لم يرضِ سوى بوتين وأصدقائه القوميين المتطرفين في صناعة الدفاع. ليس من المفترض أن يتبادل الأعداء التجارة في الأسلحة، لذلك أجبر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند على اتخاذ خطوة رمزية.
ربما تكون الرموز والمظاهر مهمة، ولكن ليس في قضية أوكرانيا، والتي تواجه انهيارا اقتصاديا ترجع بعض أسبابه إلى أن المناطق التي تشهد تمردا تشكل نحو 15.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي ونحو 20 في المائة من الصادرات.
كان على القادة الغربيين الذين يتحلون بالمسؤولية أن يتخلوا عن مهزلة العقوبات، نتيجة للخسائر غير المنتجة التي تكبدها اقتصادهم، وأن يستخدموا المكاسب التي تتحقق من التجارة مع روسيا لتعزيز دفاعاتهم ومساعدة أوكرانيا على العودة للوقوف على قدميها.
كان يجب على القادة الغربيين الثابتين على مبادئهم أن يرفضوا المنهج الحالي بالتغيير السلبي التدريجي، وأن يفرضوا على روسيا حظرا على النفط كما فعلوا ضد إيران. كانت الآثار الجانبية لذلك ستحل مشكلة الانكماش الاقتصادي.
ولكن القادة الأميركيين والأوروبيين الحاليين ليسوا ثابتين على مبادئهم، ولا يتحلون بالمسؤولية، بل هم في حالة اعتياد للروتين وإنكار للواقع. حان الوقت لكي يضعوا استراتيجية ويوضحوا أولا ما هي النتائج التي يودون تحقيقها، ثم كيف يمكن أن تساعد إجراءاتهم على تحقيق هذه النتائج.
( بلومبيرغ 2014-09-08 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews