عداء روسيا يضع «النيتو» أمام أصعب اختبار منذ 20 عاما

في الوقت الذي يصطف فيه 28 رئيساً من رؤساء الدول الذين يمثلون التحالف العسكري الأقوى في العالم، لأخذ صورة جماعية في ويلز، سيكون قد مر أسبوع على انهمار الصواريخ الروسية على الوحدات الأوكرانية، حيث أغارت دباباتها على المواقع الأوكرانية وغزت قوات المظليين التابعة لها الأرض، واستولت عليها من قوات كييف.

وفي ظل تلك الخلفية، هناك اعتراف بأن مؤتمر الناتو الذي يعقد كل عامين، ويفتتح في مدينة نيوبورت في ويلز، هو الأكثر أهمية منذ 20 عاماً، إن لم يكن منذ سقوط الاتحاد السوفياتي. إن الأزمة في أوكرانيا، والتهديد الأوسع لعداء موسكو، يسترعي انتباه القادة.

لأسابيع، كان المسؤولون والسفراء في الناتو يحاولون التوصل إلى مجموعة من السياسات للكشف عنها وتقديمها على أنها برهان على عزم الحلف.

كان بالكاد لديهم أكثر من ستة أشهر لتحويل جدول وضع قبل الأزمة في أوكرانيا، مع التركيز على القضايا الكئيبة مثل مشاريع الأمن البحري والمشتريات المشتركة، إلى جدول آخر يتناول التهديدات الأساسية لنظام الأمن الأوروبي بأكمله.

يقول السير مالكولم ريفكيند، الذي شغل منصبي وزير الدفاع والخارجية من قبل في بريطانيا، الذي يرأس الآن لجنة المخابرات والأمن في البرلمان "هل نحن بحاجة إلى حلف الناتو؟ لقد كان ذلك نقاشاً حقيقياً لعدة سنوات. (فلاديمير) بوتين وضع حداً لذلك النقاش. لقد شهدنا للمرة الأولى منذ عام 1945 ضم جزء واحد من دولة أوروبية من دولة أخرى بالوسائل العسكرية".

يقول السير مالكولم إن لهذا الإجراء "آثارا كبيرة"، ولكن الرئيس الروسي، كما يضيف، "انتهازي"، وبالتالي، فإنه شخص ستستجيب تصرفاته لما يفعله حلف النيتو في قمته.

في قلب جدول أعمال الناتو كانت هناك سلسلة من الإعلانات التقنية.

افتتحت القمة مع اجتماعات لمناقشة مستقبل أفغانستان، مع الثقة بأن موضوع من سيصبح الزعيم القادم للبلاد لا يهم، وسيتم توقيع بعض أشكال الترتيبات الأمنية، التي ستشهد وجود 12 ألفا من قوات الناتو المتمركزة هناك.

أما اليوم الثاني فتناول الموقف العسكري للحلف، وتم الكشف عن تفاصيل "خطة عمل استعداد" حلف النيتو، مع 12 من التدابير الجديدة بما في ذلك زج قوات لواء الرد السريع المكونة من أربعة آلاف فرد من لواء للرد السريع.

ومن المتوقع أيضا للدول الأعضاء الاتفاق على صيغة للإنفاق الدفاعي، وربما مع إطار زمني مصاحب لها، في محاولة لتصحيح سجل الحلفاء الفظيع حول الوفاء بأهدافهم في الميزانية.

وكان ذلك نقطة الانقسام في التحالف، ويبقى أن نرى مدى القوة التي ستكون عليها أي صياغة جديدة. لقد رفضت بعض من أكبر القوى، وخاصة ألمانيا تأييد إنفاق المزيد على الأسلحة. سيتم الاتفاق على سلسلة من المبادرات لإظهار القوة العالمية لحل النيتو. ومن المرجح للدول الأعضاء أن تخصص موارد للتدابير الموجهة إلى أوكرانيا، على شكل "صناديق ائتمانية" جديدة للمساعدة في تطوير القدرات العسكرية في مجالات مثل الأمن الإلكتروني والخدمات اللوجستية العسكرية والقيادة والسيطرة، والتدريب. وتحمل دول حلف شمال الأطلسي الفردية مسؤولية الإشراف على كل صندوق.

ومن المتوقع للتحالف أن يعلن خطوات تستهدف الأعضاء الطامحين، مثل جورجيا، التي على وشك أن تصبح، في خطوة من شأنها أن تثير غضب موسكو بلا شك، المضيفة للتمارين العسكرية لحلف النيتو وموقع منشأة تدريب عسكرية دائمة للتحالف. رغم ذلك، في نهاية المطاف سيقاس النجاح في هذه القمة عن طريق درجة التضامن التي يبديها القادة، بدلاً من الخطط التي صيغت بعناية أو الإصلاحات أو الإجراءات البيروقراطية.

ويقول روبن نبليت، مدير تشاثام هاوس، المؤسسة الفكرية للشؤون الدولية: "إن أفضل طريقة لاختبار قوة إرادة الناتو هي أن تقدم لنا خياراً بحيث إننا لا نستطيع من خلاله أن ننظم أنفسنا سياسياً". ويشير إلى أن روسيا، قد أعطت التحالف هذا الأمر بالضبط. ويضيف نبلت: "بوتين داخل في هذا الأمر على المدى الطويل"، مضيفاً أن حلف النيتو يجب أن يكون مثله أيضاً.

ويقول مراقبو حلف شمال الأطلسي، تحقيقاً لهذه الغاية، إن ما يهم أكثر هو ما إذا كان في إمكان الرئيس باراك أوباما ضم التحالف معاً، واستعادة ثقة الأعضاء ببعضهم بعضا.

والشخصية الرئيسية في تلك المهمة ستكون أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية، التي لا تزال المحرك الرئيسي للعلاقات الغربية مع بوتين خارج واشنطن. وكما يقول نبليت، فإن بوتين "سوف يرى كل ضعف في أوروبا كفرصة لمنع تعزيز" التحالف. وأضاف "لقد استخدم الروس السياسة بمنتهى الفعالية"، ويضيف محذراً من أن حلف النيتو في هذه القمة بحاجة لاستعادة المبادرة السياسية.

( فايننشال تايمز 2014-09-08 )