ما هي فرص تكرار سيناريو أسعار النفط في عام 2008؟
في عام 2008، كان متوسط أسعار نفط خام الإشارة برنت 92 دولارا للبرميل في شهر يناير 2008، ثم ارتفع ليصل إلى 133 دولارا للبرميل في شهر يوليو 2008، ثم هبط ليصل إلى 40 دولارا للبرميل في شهر ديسمبر 2008، ثم تدرجت الأسعار في التعافي خلال عام 2009.
كانت بلدان الأوبك تنتج بكامل طاقتها، فقد بلغ إجمالي إنتاج الأوبك خلال عام 2008 عند 31.3 مليون برميل يومياً، وكانت إيران تنتج 3.9 مليون برميل يومياً، وكذلك ليبيا عند 1.7 مليون برميل يومياً، بينما كان إنتاج العراق عند 2.3 مليون برميل يومياً.
في سبتمبر 2008، بدأت أزمة مالية عالمية اعتبرت الأسوأ من نوعها منذ زمن الكساد الكبير سنة 1929، ابتدأت الأزمة أولاً بالولايات المتحدة الأميركية، ثم امتدت إلى دول العالم لتشمل الدول الأوروبية والآسيوية والدول النامية التي يرتبط اقتصادها مباشرة بالاقتصاد الأميركي، وقد وصل عدد البنوك التي انهارت في الولايات المتحدة خلال العام 2008 إلى 19 بنكاً.
هبط الطلب العالمي على النفط من 86.6 مليون برميل يومياً في عام 2007 ليصل إلى 86.1 مليون برميل يومياً، أي 500 ألف برميل يوميا، وأدى اختلال ميزان الطلب والعرض إلى بناء كبير في المخزون العالمي من النفط بمقدار 1.6 مليون برميل يومياً خلال الربع الثالث من عام 2008، و1.2 مليون برميل يوميا خلال الربع الرابع من عام 2008، حسب تقديرات سكرتارية الأوبك.
قررت "أوبك"، تحت تأثير هبوط كبير في أسعار النفط الخام نتيجة الوضع الاقتصادي العالمي، وتأثير ذلك على مستوى الطلب العالمي على النفط وما تبعه من زيادة كبيرة في المعروض من النفط الخام، في مؤتمرها الذي عقد في مدينة وهران في الجزائر في ديسمبر 2008 خفض الإنتاج بمقدار 4.2 مليون برميل يوميا.
وتتميز هذه الفترة بأنه لم يكن هناك تصعيد جيوسياسي في هذه الفترة يسبب أي قلق حول إمدادات النفط الخام في السوق النفطية، حيث كان الاستقرار في ليبيا والعراق، ولم يكن هناك حظر على مبيعات النفط الإيرانية، وكذلك لم يبدأ أي تحول في السوق الأميركية نتيجة تطوير النفط الصخري.
ومنذ 2011 ولغايه 2014 مازال متوسط أسعار نفط خام الإشارة برنت يدور حول 110 دولارات للبرميل تقريبا على الرغم من كفاية في الإنتاج من النفط الخام، سواء من داخل الأوبك أو من خارج الأوبك، ولعل السبب الرئيسي وراء ذلك هو الأجواء الجيوسياسة التي أوجدت قلقا كبيرا في سوق النفط من انقطاع إمدادات النفط الخام في سوق النفط، وما نتج هنا من ارتفاع في التكاليف بصفة عامة.
في عام 2014، حقق متوسط أسعار نفط خام الإشارة برنت أعلى مستوى في شهر يونيو 2014 عند 111 دولارا للبرميل، وابتدأت هبوطاً كبيراً ليصل المتوسط خلال شهر 101 دولار للبرميل خلال شهر أغسطس 2015، وهو هبوط كبير بمقدار 10 دولارات للبرميل، أوجد قلقاً في سوق النفط، وأعاد الحديث عن أوبك، ومتى أوبك تبدأ في التحرك، وعند أي مستوى للأسعار، وإلى أي مدى يمكن أن تهبط أسعار النفط؟
والحقيقة أن أوبك ليست اللاعب الوحيد في سوق النفط، ولكنها أثبتت عبر السنوات وبصورة واضحة خلال السنوات الأخيرة أنها تعمل بمصداقية في تأمين إمدادات النفط في السوق، وفي أجواء التصعيد الجيوسياسي وما ينتج عنه من قلق حول أمن المعروض فإن استراتيجية المحافظة على مستوى إنتاج للنفط حول 30 مليون برميل يومياً هو عامل استقرار في السوق يحتاجه الاقتصاد العالمي، ويؤكد إيجابية دور أوبك في سوق النفط.
تقلب الأسعار في أجواء جيوسياسية غير مستقرة هو أمر متوقع في ظل معطيات السوق وتوقعات السوق لميزان الطلب والعرض متى ما هدأت العوامل الجيوسياسية، لكن استمرارها بلا شك يمثل دعماً لبقاء أسعار النفط الخام حول مئة دولار للبرميل، خصوصا أن هذا المتوسط أثبت إلى الآن أنه مستوى مقبول بشكل عملي في السوق.
ولعل حال أسعار النفط الحالية مقابل المستقبل، حيث الأسعار في المستقبل مازالت حسب المنحنى السعري – forward curve – هي تمثل توقعات ارتفاع مقابل ضعف نسبي حالي تؤكد قلق السوق بخصوص الأجواء الجيوسياسية واستمرارها، وكذلك أيضا السوق مقبلة على الربع الرابع من هذا العام والذي عادة ما يقوى فيه الطلب على أساس موسمي مع برودة الطقس وارتفاع الطلب على النفط، خصوصا الفائق النوعية والخفيف.
هذه قراءة موجزة أحببت من خلالها أن أساهم في طمأنة المراقبين والمهتمين في سوق النفط أنه على الرغم من اختلال ميزان العرض والطلب في المرحلة الحالية مع ارتفاع المعروض وتأثر الأسعار بذلك فإن الأوضاع لم تصل إلى القلق من تغير كبير في مسار الأسواق وأن هناك عوامل لاتزال تدعم الأسعار من الهبوط بصورة كبيرة، وفي كل الأحوال فإن أوبك تظل تراقب تحركات السوق، وبلا شك ستعمل في مصلحة أمن الإمدادات في السوق، وقد أثبتت ذلك في الماضي.
( العربية 2014-09-02 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews