المرحلة التالية: سيضغط الامريكيون والمصريون على اسرائيل
لوحظ أثر عملية الجرف الصامد على القيادة السياسية العليا، فقد مر يومان فقط منذ دخول وقف اطلاق النار حيز التنفيذ، بيد أن ما يلي من الاجراءات بقي غامضا.
ما زال المجلس الوزاري المصغر مشغولا بمعنى الهدنة وبالصراعات السياسية التي صاحبت الخمسين يوم قتال، لكن الساحة الدولية اصبحت تغلي بطريقة الدومينو. وحاول خالد مشعل، وهو أبرز الخاسرين في قيادة حماس، أن يعيد الزمام الى يده بخطبة خطبها في قطر. ولم يفاجيء حديثه عن أن السلاح الذي تملكه منظمته في غزة مقدس ولا مساومة في نزع سلاح القطاع، لم يفاجيء أحدا.
قدمت الولايات المتحدة الى مجلس الامن اقتراحا يقوم على السعي الى تجريد قطاع غزة من السلاح الذي في يد حماس. وقد صدت نفسها ولم يتبين سبب ذلك الى الآن، لكن الارتياب ثقيل أن يكون الامريكيون استجابوا لضغط قطر – بتأثير من مشعل – كي يمحوا من اقتراحهم كل ذكر لنزع سلاح القطاع.
تطلب اسرائيل نزع السلاح لكنها تعلم منذ بدأت العملية أن ذلك لن يتحقق في المستقبل القريب. واذا كان مشعل يعبر عن موقف منظمته واذا لم تلتف القيادة في القطاع عليه كما فعلت في استقرار رأيها على قبول الهدنة فلن يتم تفاوض حقيقي في انشاء ميناء أو التمهيد لمطار. ويستمد نزع السلاح من اتفاق اوسلو. فاذا لم يوجد نزع سلاح فلن يوجد ميناء. وستدفع حماس في غزة الثمن من مستوى عيشها ورفاه مواطنيها.
اصبح هذا الامكان يلوح في الأفق، لكن لاسرائيل اهتماما كبيرا بتحسين مستوى عيش سكان غزة. إن تدمير الانفاق ومنع وصول المال من قطر (الى الآن) يزيدان في الحاجة الى مشاركة اقتصادية تعوض الفلسطينيين ايضا عن فقدان مصادر الدخل كالغاء مشروع الحفريات تحت الارض. وقد خسرت قطر مليارات في الانفاق وكان فقراء غزة يعتاشون من ذلك الجنون الفظيع. وسيوجد الآن عدد أكبر من الفقراء ولهذا يُحتاج الى بديل عنها.
يتعلق مفتاح فهم الوضع في المستقبل للعلاقات التي ستتطور أو ستجمد بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية. وهناك اشاعات داحضة بلا حدود أولها أن نتنياهو التقى مع أبو مازن في عمان (ويبدو أنه لم يفعل) وبعد ذلك حديث رئيس السلطة الفلسطينية أمس عن أن رئيس الوزراء كأنما وافق في الماضي على انشاء دولة بحسب حدود 1967. وكل تلك بالونات اختبار تدل على أنه تجري تحسسات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية تمهيدا لتحقيق الهدنة.
سيكون المعنى العملي وضع رجال أبو مازن في المعبرين في رفح وكرم أبو سالم. وستعلل حماس موافقتها النابعة من ضعفها بأن الامر يعبر عن وجود حكومة الوحدة الفلسطينية، وهي في واقع الامر لا تريد ممثلي أبو مازن على حدودها خشية موطيء قدم للسلطة في القطاع مجددا.
بيد أن المصلحة المشتركة في المثلث الذي أضلاعه اسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية لا يمكن أن تغطي على اختلافات الرأي التقليدية بينها. ويخطر بالبال أن الامريكيين والمصريين سيضغطون على اسرائيل لتظهر السخاء على أبو مازن. واليمين في الحكومة الذي ناكف نتنياهو خلال العملية لن يدعه يُسهل على أبو مازن برغم أن ذلك الامر مطلوب وضروري في واقع الامر، هذا الى أن الحديث ايضا عن وقف بناء مؤقت في المستوطنات لا أكثر.
سيتغير مضمون الجدل، لكن الاختلاف بين نتنياهو وخصومه في الحكومة بقي على حاله.
( اسرائيل اليوم 31/8/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews