اردوغان- داود اوغلو: تحدي العام 2015
تكاد كلمتا الرئيس التركي الجديد رجب طيب أردوغان ورئيس حزب العدالة والتنمية والحكومة الجديد أحمد داود أوغلو، في المؤتمر الاستثنائي للحزب يوم الأربعاء الماضي، تتطابقان حتى في أدق التفاصيل. تشابه حتى في طريقة الكلام والمشي على المسرح. كذلك في نبرة الصوت كاد يتحول داود أوغلو إلى أردوغان ثان. أما المضمون فكان واحدا.
طوي الأمر ورتب أردوغان أمور خلافته. داود أوغلو رئيسا للحزب بدلا منه وهو تلقائيا رئيس للحكومة الجديدة.
إنها مرحلة جديدة تدخلها تركيا عنوانها"تركيا الجديدة".
والعنوان يتضمن مخاطر متعددة محورها أن هذا يعني أن المرحلة التي سبقت وصول أردوغان إلى الرئاسة وداود أوغلو إلى رئاسة الحكومة كانت "مرحلة قديمة" وهذا صحيح وغير صحيح في الوقت نفسه.
المؤتمر الاستثنائي للحزب سيشكل مرحلة جديدة في تاريخ الحزب للأشهر المقبلة. إذ إن المهمة الأولى له هي التحضير للانتخابات النيابية التي ستجري في نهاية ربيع 2015. وهي انتخابات يعول عليها أكثر من طرف لأكثر من سبب. فهي ستكون الامتحان الأول والأخطر لداود أوغلو بصفته رئيسا للحزب والحكومة. وهي أول انتخابات نيابية يخوضها الحزب من دون أردوغان. لذا سوف تتضاعف مسؤولية داود أوغلو في إثبات وجوده وأهليته الشخصية لقيادة حزب العدالة والتنمية. إذ ليس من السهل على أي شخصية سياسية خصوصا أنها ليست عريقة وقديمة في العمل السياسي أن تملأ الفراغ الذي تركه رجل مثل أردوغان خاض سبعة انتخابات ناجحة على التوالي.
وستكون الانتخابات امتحانا لتماسك حزب العدالة والتنمية في ظل خروج أردوغان منه. والتجارب السابقة في تركيا غير مشجعة. إذ إن حزب الوطن الأم انهزم بعد تولي رئيسه طورغوت اوزال رئاسة الجمهورية عام 1989. وحزب الطريق المستقيم بات في خبر كان بعد تولي رئيسه سليمان ديميريل أيضاً رئاسة الجمهورية عام 1993. ليس بالضرورة أن تتكرر التجربة مع حزب العدالة والتنمية في ظل اختلاف الظروف لكن الاحتمال يبقى قائما.
وتركيا الجديدة بالنسبة لحزب العدالة والتنمية هي أيضاً تلك المتجددة في الكوادر القيادية للحزب. وأولى علامات التجديد في اتجاه العنصر الشاب هو التخلي عن الشخصيات التي مر عليها في موقعها النيابي أو الوزاري أو الحزبي ثلاث دورات متتالية. وهذا يعني تصفية أكثر من نصف هذه الكوادر لتبقى تلك الحديثة نسبيا في العمل الحزبي والرسمي. لكن الملاحظة الأبرز أن التجديد طال أيضاً أحد أعرق الكوادر ومؤسس الحزب رئيس الجمهورية المنتهية ولايته عبدالله غول عندما بات خارج العودة لتزعم الحزب بعد عملية انتخاب داود أوغلو لرئاسة الحزب والحكومة. وغول ليس شخصية عادية في تاريخ الحزب بل إنه هو الذي حمل على كتفه الحزب في مراحل التأسيس والبدايات عندما كان أردوغان محظورا من العمل السياسي.
تركيز أردوغان في كلمته أمام مؤتمر الحزب على دور داود أوغلو في التصميم على اقتلاع جماعة فتح الله غولين كان لافتا. ولذا فإن اختيار أردوغان لداود أوغلو خليفة له يتصل بمدى الإخلاص له والاستعداد لاستكمال المعركة ضد غولين.
هذا من جهة. لكن يبقى الأساس هو أن أردوغان يريد مواصلة السير على أن تكون تركيا الجديدة قوية على الساحة العالمية باقتصادها ودورها السياسي. وإذا كانت المصالح السياسية الدولية قد انعكست سلبا على طموحات تركيا الإقليمية والدولية فإن مواصلة التغيير الداخلي سيكون مجالا لترسيخ رؤية أردوغان- داود أوغلو لاعتبار أن هوية تركيا في عهد أتاتورك والعلمانيين قد تم تحريفها بل سلبت منها وأن العودة إلى الهويات التركية العثمانية- السجوقية هو أمر أكثر من ضروري لاستعادة التوازن النفسي والثقافي للمجتمع التركي.
أردوغان- داود أوغلو ثنائي متكامل للسير قدما في الأهداف التي وضعاها والعبرة تبقى في امتحان الانتخابات النيابية المقبلة بعد أقل من سنة.
(المصدر: الشرق 2014-08-30)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews