بدأ البحث في اسم "مرشّح التفاهمات"!
في مهبّ حملته الانتخابية لإيصال رئيسه الجنرال ميشال عون تقدّم "تكتل التغيير والإصلاح" باقتراح يقضي بتعديل المادة 49 من الدستور لانتخاب الرئيس المقبل من الشعب مباشرة، وذلك على مرحلتين، الأولى على مستوى المسيحيين، والثانية على مستوى اللبنانيين. أتى الاقتراح ليزيد العقبات الموضوعة أمام اتمام الاستحقاق الرئاسي بمحاولة نقل الاهتمام من موضوع التعطيل الى البحث في الدستور نفسه، ومن ضمنه بموضوع شديد الحساسية لا يتعلق بموقع الرئاسة الأولى فحسب بل يتعداه الى صلب النظام، وذلك عبر اقتراح أن يكون رئيس الجمهورية منتخباً من الشعب مباشرة، فيما رئيسا مجلس النواب ومجلس الوزراء يتم انتخاب الأول من النواب، أما الثاني فيأتي بنتيجة الاستشارات الملزمة!
من هنا التعقيد الكبير في الاقتراح الآتي في الوقت الخطأ، في حين أن المطلوب هو اتمام الاستحقاق بالنزول الى مجلس النواب وانتخاب رئيس للجمهورية وفق ما ينص عليه الدستور. وإذا كان من إمكانية لإجراء تعديل يسهل امكانية انتخاب الرئيس العتيد فالاقتراح الأقل تعقيداً، والذي لا يكلف أكثر من "اجتهاد" معاكس لاجتهاد رئيس مجلس النواب القاضي بإبقاء نصاب الثلثين، فيعيد النصاب للالتئام ثم للانتخاب الى النصف زائد واحد تسهيلاً لانتخاب الرئيس المقبل.
بالطبع لن يكون نصيب اقتراح "تكتل التغيير والإصلاح" أكثر من "المبيت" في أحد أدراج الرئيس نبيه بري الملأى بعشرات الاقتراحات السابقة، فاللعب على تعديلات بخطورة تعديل النظام ليس وقته، وما من قوّة سياسية قادرة من الناحية العملية على فتح "علبة باندورا" هذه في ظل تفاقم "الحرب الباردة المذهبية" في لبنان. فالمس بالنظام أو بالدستور في موضع بحساسية تغيير طريقة انتخاب رئيس الجمهورية سيشرع الأبواب أمام رياح طائفية مذهبية تهب من كل صوب. فلكل فريق مطالبه، وطموحاته لتحسين موقعه في التركيبة السياسية، ومتى فتح طرف من الأطراف الباب فلن يكون وحده من يدخله. فمن يطالب بانتخاب الرئيس من الشعب مباشرة على مرحلتين، عليه أن يتوقع مطالب مشابهة للرئاسات الأخرى، فضلاً عن مطالب من نوع الولايات الثابتة أسوة برئاسة الجمهورية، مما يغير في طبيعة النظام بأسره. ولا ننسى بالطبع فريقا آخر معنياً باستحداث مجلس شيوخ وبالتالي رئاسة رابعة، الى ما هنالك من جنوح في مطامح الطوائف.
صحيح أن ملف الانتخاب الرئاسي مجمد عند نقطة التعطيل، ولكن البحث عن أسماء مقبولة من الأطراف الفاعلين تكون ترجمة واقعية لبدايات حوار اقليمي جدي قائم على قدم وساق. ولعل النقطة الوحيدة التي يتقاطع عندها كل الأطراف المقررين في الاستحقاق الرئاسي هي أن الرئيس المقبل ينبغي ألا يشكل تحدياً لأي كان، هذا إذا ما أريد للبنان أن ينجو من النار وعلى تخومه بالتحديد. إن البحث الجدي في اسم "مرشح التفاهمات" قد بدأ...
(المصدر: النهار 2014-08-28)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews