أوباما يحمل عملاءه على ظهره !
يستخدم الديكتاتور قوة جيشه ضد شعبه والقوى السياسية المعارضة له، حين يضعف أو حين يكون ضعيفا في بداية حكمه، فاستخدام القوة إعلان رسمي واعتراف بأن الآخرين أقوى في الشارع وأن تأثيرهم على بقاء نظامه أكبر مما يحتمل، لذا يلجأ للسلاح وهو الذي يحرص دوما على أن يظل مخوفا ومهددا به دون استخدام، ذلك أن القوة إن استخدمت وجرى تحديها، انكسر الخوف وفقد الديكتاتور أقوى أسلحته.
وديكتاتور العالم، رئيس الولايات المتحدة يستخدم القوة ضد بلد آخر، حين تفشل كل محاولات إخضاع إرادته عبر الحصار السياسي والاقتصادي وحين لا تجدي وسائل الإعلام نفعا مع الناس وتفشل أجهزة الاستخبارات في تدبير الانقلاب في هذا البلد أو قتل رأس النظام وإثارة الاضطراب والتخريب.. يتحول الرئيس الأمريكي لاستخدام القوة تعبيرا عن قوة جيشه واستخدامه أداة لاحتلال بلد آخر أضعف، وكسر إرادته ووقف تنميته الاقتصادية واستنزاف موارده.. لكن هناك من الحالات التي يكون استخدام الرئيس الأمريكي للقوة العسكرية، تعبيرا عن الضعف لا القوة والفشل لا النجاح. والمثال أمامنا الآن.
الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش دخل العراق حربا، وهو، يحمل على ظهر دباباته من قبلوا العمل تحت الاحتلال، ليعينهم في مواقع الحكم – بالمناسبة ليس صحيحا ما تشيعه أجهزة الإعلام الأمريكية والمتأمركة عن خديعة الجلبي وغيره- فقد كان حمل هؤلاء على الدبابات وإدخاله العراق جزءا من العملية العسكرية وضمانة لإقامة سلطة توالى المحتل وتعمل تحت إمرته بعد نجاح الغزو. أما الرئيس الأمريكي الحالي، فهو يحمل ذات العملاء على ظهره لا على دباباته، إذ يستخدم القوة العسكرية لمواجهة فشلهم وهزيمتهم على أيدي الثوار.
والمقارنة تظهر أن سبب استخدام أمريكا للقوة العسكرية الآن، هو الهزيمة لا الوعد البراق بالنصر الذي سيطر على عقول الإدارة الأمريكية في بداية الغزو.. دخل بوش العراق بزهو الانتصار العسكري، فيما يتدخل أوباما الآن لإنقاذ سلطة الاحتلال من الانهيار. وقبلها، حين وصل بوش للعراق بقواته فقد كان متأكدا من عدم قدرة الجيش العراقي على المواجهة –لأسباب تسليحية وظروف الحصار المدمر-ويعود أوباما ليقصف العراق الآن، وهو واقع تحت تهديد قوة الثوار على أرض العراق، ولا يستطيع النزول على الأرض كما فعل سلفه.
أوباما يحمل العملاء على ظهره ولا يستطيع تركهم وحدهم في مواجهة الثورة والثوار.. وقصفه الآن عنوان ضعف لا عنوان قوة.. فعودة أوباما للقصف دفاعا وحماية لشخوص العملية السياسية – وهم من سبق أن ثبتهم بوش بالقوة العسكرية حكاما لنحو 8 سنوات-يعنى أن ما يستغرق الجيش الأمريكي نحو 8 سنوات لسلطة الاحتلال تجهز عليه مقاومة الشعب العراقي في نحو ثلاثة أعوام هي عمر الانسحاب والهروب الأمريكي من العراق. وأوباما يحمل العملاء على ظهره لأن لا مكان آمن بشكل حقيقي لهم في العراق، فإذا كانت الأوضاع على الأرض في منطقة وسط العراق قد خرجت من تحت سيطرة الاحتلال وسلطته، فقد أصيب هو والإيرانيون بالهلع حين جرت تحركات المرجع الشيعي الحسني فواجهوه وأنصاره بالحرب والقتال. وأوباما يحمل العملاء على ظهره بعد ما صارت المنطقة الكردية المحمية بالحديد والنار في وضع الاشتباك.. وبعد أن سرت أنباء عن تهديد الثوار لمطار بغداد من جهة أخرى.
إن ما ينطبق على الديكتاتور الداخلي ينطبق على الديكتاتور الدولي.. وإذ استخدم أوباما القوة العسكرية، ويجري تحديها ويتواصل القتال على الأرض وتظل قوات المالكي – العبادي حاليا- في وضعيتها المتدهورة، فذلك عنوان ضعف الديكتاتور الدولي، وفشل خطة غزو واحتلال العراق، خاصة والتوازنات تتغير بشكل مضطرد لمصلحة ثوار العراق.
وإذ يستعد كل ديكتاتور داخلي للمغادرة وقت اشتعال الثورة ضده ووصولها إلى قصر رئاسته، فأوباما يستعد ليوم تنهار فيه سلطة الاحتلال تماما.. ويومها سيقذف بعملاء العملية السياسية من فوق ظهره وستحمل طائراته جنوده ورجال سفارته.. سيتكرر مشهد فيتنام.
( الشرق 22/8/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews