القوى الدولية الكبرى محكومة بالمصالح لا بالمبادىء
لم نسمع أي إدانة أميركية قوية أو صريحة للعدوان الاسرائيلي على القطاع، رغم السيل المتدفق خلال شهر كامل من الصور المرعبة للأطفال والنساء الذين كانت تقتلهم الطائرات والمدافع الاسرائيلية، والأشلاء المتناثرة تحت أنقاض آلاف البيوت المدمرة والتي شكلت مشاهد شبيهة بما حصل في الحرب العالمية الثانية.
قبل العدوان سارعت واشنطن لإدانة حادثة اختفاء ثلاثة مستوطنين عثر على جثثهم بعد اسبوعين من اختفائهم، وحملت حماس المسؤولية عما وصفته باختطافهم، على الرغم من أن الحكومة الاسرائيلية لم تقدم أي دليل ملموس لا على اختطاف المستوطنين ولا على مسؤولية أي فصيل عن اختفائهم.
وخلال العدوان ادعت اسرائيل أن أحد جنودها قد أسر من جانب الفصائل الفلسطينية قرب رفح. فبادرت واشنطن على أعلى المستويات لإدانة الاختطاف ومطالبة الفصائل بإعادة الجندي، مع أنه جندي مقاتل معرض للأسر أو الإصابة كما يتعرض الجنود في كل جيوش العالم في الظروف المشابهة.
وحين غيرت السلطات الاسرائيلية روايتها وقالت إن جنديها قد قتل، لم يصدر عن الولايات المتحدة ما يشير إلى اعتراف بتسرعها في ترديد الرواية الاسرائيلية، وهو نفس ما قام به بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة.
هذا الموقف من جانب الولايات المتحدة غير مستغرب، فهي تدافع عن الرواية الاسرائيلية على الدوام وتمنح حليفتها مظلة سياسية في كافة المحافل الدولية، وتحديدا في الأمم المتحدة.
والدعم الذي تقدمه واشنطن لحكومة المالكي سابقا وحكومة العبادي لاحقا، في الوقت الذي لم تتدخل فيه لتنفيذ تهديدها بضربة جوية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد عندما أكدت المصادر الأميركية أنه استخدم الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين في غوطة دمشق، أقل ما يقال فيه أنه متناقض إلى حد كبير.
فهل اليزيديين في شمال العراق الذين تحاصرهم عصابات "داعش" بشر في حين أن المدنيين في سوريا، وفي قطاع غزة من فصيلة غير آدمية؟.
الملاحظ أن عنصر البترول هو الذي يحرك عجلة سياسات الدول الكبرى. فقد تدخلت في ليبيا ضد معمر القذافي بسبب النفط الليبي، وها هي تتدخل في العراق لأن العراق يحتوي على أكبر احتياطي للنفط في العالم.
في سوريا كمية النفط لا تذكر، وفي مياه غزة الإقليمية هناك بئر غاز طبيعي لكن الاحتلال الاسرائيلي يمنع استغلاله.
لقد حرص الآباء الأميركيون المؤسسون على تضمين الدستور الأميركي بنودا تتعلق بالحريات ومساندة الشعوب المظلومة، لأن الثورة الأميركية في الأساس قامت ضد الظلم والاستعمار البريطاني. فلماذ يتم استبعاد الشعب الفلسطيني الذي كابد أقسى أنواع المعاناة والظلم من قائمة الشعوب الجديرة بمساندة الولايات المتحدة؟.
سؤال برسم أي إجابة عليه ممن يعنيهم الأمر.
(المصدر: القدس 2014-08-20)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews