أكثر من مجرد كرة
فوز منتخبنا الوطني على المنتخب الساموراي الياباني في الدور الثالث والمؤهل لنهائيات كأس العالم، واقتراب الحلم المونديالي من التحقق، أطلق فرحة أردنية مكبوتة، ونزل الأردنيون للشارع للتعبير عن فرحهم وفخرهم بأبطالهم الذين استطاعوا، رغم فارق الإمكانيات والتاريخ، تحقيق النصر وتقديم الأردن بأبهى صورة، ورسم بسمة على وجوه الأردنيين في الزمن الصعب.
حين يتفاعل الأردنيون مع منتخبهم الوطني لكرة القدم بهذه الصورة فهو أمر يدل على عدة أمور ويؤشر على عدة مناح لا يجوز تجاوزها، فهو بداية يدل أن الأردنيين، وتحديداً الجيل الشاب، يملكون روحاً وطنية متقدة، ينتمون لهذا المكان جغرافياً وإنسانياً، ويعرفون نفسهم عبر هويتهم الكبرى بأنهم (أردنيون) على مختلف ألوان طيفهم، ويصبحون بألوانهم فسيفساء جميلة يعبر عنها العلم الأردني بنجمته السباعية.
كما تظهر الاحتفالات أن الشعب الأردني (العابس)، كما يحلو للكثيرين القول، هو شعب قابل للضحك والفرح، وهو ما يعني أن (كشرة) الأردني وبسمته ليست مجرد طباع أو حركات (وجهية) بلا معنى أو دلالة، فالأردنيون يعرفون كيف يفرحون حين يكون للفرح مبرر.
فرح الأردنيين الغامر بعد الفوز على اليابان يؤشر إلى حاجة الشباب الأردني إلى بطل شعبي، وربما أكثر من بطل، ولكن من شروط هذا البطل ألا يكون من أبطال التراجيديا اليونانية، الذين يموتون من أجل قضايا نبيلة وأخلاقية، بل من نمط رامبو، الأميركي الهوليودي، القادر على تحقيق النصر عبر اجتراحه ما كان يعتبر مستحيلاً، ولصورة البطل الشعبي الجديدة مبررات عدة أبرزها أن الجيل الجديد هو جيل (العولمة) الذي سيطرت فيه هوليوود على رسم المخيال الجمعي للشعوب لصورة البطل وصورة الخير والشر وغيرها من القضايا، وهو أمر حاسم لمعرفة ماذا يريد هذا الجيل وكيف يمكن دفعه للتفاعل مع القضايا العامة.
وعلى الجانب الآخر كان من المحركات الحقيقية للفرح الأردني في الفوز الأخير هو أنه كان حلماً يراود الأردنيين دون أن يستطيعوا البوح به لاعتقادهم أنه من المستحيلات، إلى أن أثبتت أرض الملعب العشبية الخضراء أن الحسابات قابلة للتغيير، ولكن هذا التغيير مشروط ببذل الجهد الحقيقي طوال المدة وإعداد وتهيئة الأفراد المؤهلين لاحتلال مواقعهم عبر قاعدة الرجل المناسب في المكان المناسب، ووجود خطة استراتيجية واضحة عند من يرسم المشهد ويقود الفريق (المدرب)، ووضع أهداف، رغم صعوبتها، قابلة للتحقيق، وكل ذلك لا يمكن حدوثه إلا إذا راهنا على قدرات الإنسان الأردني وفجرنا طاقاته الكامنة وأهلناه على أعلى المستويات وشعر الأردني أن ما يقوم به سيرفع علم وطنه عالياً، حينها وحينها فقط يصبح المستحيل مفردة غير موجودة في قاموس الأردنيين فكل شيء قابل للتحقق.
قديماً كان الإغريق يوقفون الحروب في فترة زمنية محددة وهي فترة إقامة الألعاب الرياضية (الأولمبية)، وكانوا يتوجون أبطال هذه الألعاب بتيجان من الغار كأبطال المعارك والحروب، ربما لأنهم كانوا يدركون، أكثر من غيرهم، أهمية الدروس المستفادة من الرياضة، فالرياضة على بساطتها، وليس سذاجتها، تحمل في طياتها دروساً وعبراً لعلماء الاجتماع والاقتصاد.
خليل بني عطية وأحمد هايل وعامر شفيع أبطال أردنيون، لا يختصرون القصة للحلم الأردني، ولكنهم عناوين له، وفي القصة تفاصيل لم ترو بعد.
وليتذكر الأردنيون أن عدنان حمد مدرب (النشامى) أكد أن إقامة المباراة في ستاد الملك عبد الله الثاني، وليس ستاد الحسين في المدينة الرياضية، يرجع إلى أننا لم نخسر أية مباراة رسمية يحتضنها (الملك عبد الله الثاني)، منذ سنوات، فمنه كان التأهل إلى نهائيات آسيا، وعليه كان الفوز على استراليا ومن ثم اليابان، ومنه إن شاء الله سيكون العبور نحو حلم صيف 2014 في البرازيل.
( المصدر : الرأي الأردنية )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews