لماذا فشل الربيع العربي؟
في إجابة أحد مذيعي قناة الجزيرة عن سؤال: إلى أين ذهبت مآلات الربيع العربي؟ قال: أعتقد أننا نشهد مرحلة فشل ذريعة لهذه الثورات؛ لأن الجميع نزل إلى الملعب على طريقة معمر القذافي الذي ألغى فكرة الفريقين في الميدان، داعيا الجمهور للمشاركة في اللعبة. وجميل جدا جدا أن يخرج مثل هذا الجواب من مذيع في قلب قناة الجزيرة، ذاك لأن قناة الجزيرة نفسها كانت من حيث لا تقصد، ربما، جزءا من هذه المآلات، وشريكا بنسبة لافتة في نزول العوام وكتائب الأمية السياسية إلى قلب ملعب السياسة.
قناة الجزيرة مثلا هي من أعطت الشاشة لساعة كاملة إلى فلاح مصري لا يحمل الشهادة الابتدائية ثم يترشح لسباق الرئاسة. كانت الحجة أن مثل هذا المرشح "الأمي" مثال على كسر القاعدة لاحتكار السلطة، ومثل هذه الخطوة الإعلامية من أشهر قنوات العرب ليست بأكثر من سقطة مهنية، وخلل موضوعي، وأنا اليوم لا أحاكم القناة.
أنا أتساءل عن الأسباب والكلام المحظور الذي يجرم السؤال عن فشل مآلات ربيع بني يعرب.
فشل الربيع العربي؛ لأن الجميع نزل إلى ميدان السياسة. لك أن تعلم من الأرقام مثلا أن مصر سجلت في أول ستة أشهر من كذبة الثورة إعلان 78 حزبا سياسيا منها 13 حزبا بأجندة ناصرية.
القوى الإسلامية انقسمت إلى تسعة أحزاب كان للتيار السلفي منها أربعة. لجنة الانتخابات الرئاسية يومها شهدت ما يقرب من أربعة آلاف استمارة ترشيح. هذه قمة الفوضى السياسية وقمة الجهل بقواعد الديموقراطية. هذه دلالة تشبه الفضيحة المكتملة على هشاشة "الإنتلجنسيا": إنه التعليم يا أخي.
وخذ على النقيض: أميركا تعمل بحزبين، بريطانيا بثلاثة، وفرنسا بخمسة. ينتهي السباق الرئاسي الأميركي بترشيح متنافسين اثنين، وقد لا يعلم الكثر أن هذين الاثنين يحصدان ترشيح الحزبين عبر انتخابات تمهيدية في الولايات المختلفة، لا يزيد عدد المشتركين فيها عن 15% من مجمل القوة الانتخابية للأمة الأميركية، ولم يقل أحد أبدا إن أميركا ليست ديموقراطية.
في المقابل: شاهدوا ولو لليلة واحدة ما يحدث على "الجزيرة مباشر مصر"، وهي تحشد العوام وكتائب الأمية لإعطاء الرأي في مجمل الحياة والشراكة السياسية؛ كي نعرف الجواب على السؤال: لماذا نزل كل هؤلاء إلى ملعب السياسة؟.
(المصدر: الوطن السعودية 2014-07-31)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews