مشكلة على الحدود تضيف إلى متاعب أوباما
"لا يوجد هنا أشخاص غير شرعيين"، جملة كتبها بواسطة علبة رش في الفترة الأخيرة شخص على جدار ثكنة مهجورة تابعة للجيش في وستمنستر في ولاية ميريلاند. وقد نظرت السلطات الأمريكية في أمر استخدام المبنى لإسكان نحو 57 ألف شخص في سن الشباب كانوا قد وصلوا إلى الحدود الأمريكية منذ الخريف الماضي، مستفيدين من ثغرة في قانون مكافحة الاتجار بالبشر لعام 2008 تتيح تقديم التماس للحصول على اللجؤ. إنها رسالة تهديدية إلى المهاجرين المحتملين (وبلا شك مصدر للمرح لأولئك الذين يعرفون القليل من اللغة الإنجليزية). لكنها، أكثر من أي شيء آخر، هي مصدر خطر سياسي للرئيس باراك أوباما وحزبه. ويبدو أن الأزمة السياسية التي خلال الفترة المؤدية إلى الانتخابات في تشرين الثاني (نوفمبر) لن تشهد وضعاً أسوأ من هذا بالنسبة للديمقراطيين.
تعلم السياسيون الأمريكيون من مخاطر أزمات اللاجئين في عام 1980، عندما أخرجت واحدة من هذه الحالات الطارئة الحياة المهنية لبيل كلينتون عن مسارها، الذي كان في ذلك الحين حاكم ولاية أركنسو الشاب ذي الشخصية الآسرة. في ذلك العام، تم نقل نحو 125 ألف لاجئ على متن قوارب متهالكة من كوبا، وهذا العدد ملأ إلى حد الاكتظاظ المرافق في ولاية فلوريدا. ونقلتهم السلطات الفيدرالية إلى مخيمات في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك 19 ألف شخص منهم إلى مرفق الحرس الوطني في فورت شافي في أركنسو. وقد أُلقي باللوم على كلينتون عندما اندلعت مواجهات بين اللاجئين والسكان المحليين. وكانت ردة فعله على أعمال الشغب تلك صارمة حيث أجاز استخدام القوة المميتة ضد أولئك الذين يعكرون السلام، لكن ذلك لم يساعده. فبعد أشهر كانت هزيمته قاسية في الانتخابات.
هذا هو الخوف الذي يعصف بالساسة في الولايات المتحدة، خاصة أولئك المقربين من أوباما. الشباب الذين يتم القبض عليهم في الحدود يتم شحنهم الآن في كل مكان، وهو ما يؤدي إلى خلق "حرائق غابات سياسية" في أقل المناطق احتمالاً. خارج بوسطن، اشتكى توماس هودجسون، عمدة مقاطعة بريستول، من: "أنهم قادمون من ولاية تكساس بالطائرات" (وهذا صحيح)؛ وتحدث عن حالة واحدة من المحتمل أن تكلف السلطات مليون دولار في شكل فواتير طبية (وهذا أمر وارد). ديفال باتريك، حاكم ماساتشيوستس وحليف أوباما، يؤكد أن اللاجئين قادمون لأن المسؤولين المحليين وقعوا على عقود مربحة مع الحكومة الفيدرالية لإيوائهم.
المناقشة حامية بين أولئك الذين يريدون من اللاجئين المغادرة وأولئك الذين يرغبون في بقائهم. يريد الجمهوريون أن تُنشَر وحدات الحرس الوطني على الحدود. واستغل ريك بيري، حاكم تكساس، هذه التطورات على أمل إنعاش آفاقه الرئاسية. وتذكر صحيفة "هيوستن كرونيكل" أن ميليشيات مسلحة بدأت في التشكيل في جنوب سان أنطونيو. كذلك أقام اتحاد الحريات المدنية الأمريكي دعوى جماعية لتأمين التمثيل القانوني لبعض طالبي اللجوء في سن المراهقة، والذين يقول إن من بينهم شهوداً على جرائم قتل وضحايا سوء معاملة. وجادل السيناتور باتريك ليهي، من فيرمونت، بانتهاج سياسة رحيمة، مستشهداً باغتصاب الأطفال والاغتصاب الجماعي.
أما "غير الشرعيين" في ولاية ميريلاند فقد خلقوا مشكلة خاصة لأن مارتن أومالي، الحاكم هناك، تراوده هو نفسه فكرة الانتخابات الرئاسية. وميريلاند تميل إلى الديمقراطيين بصورة كبيرة للغاية - حصل أوباما على 62 في المائة من الأصوات في عام 2012 – وجادل المحافظ علناً من أجل الرحمة. لكن الولاية لديها أيضاً نصيبها من الزوايا المحافظة، بما في ذلك وستمنستر. وفي محافله الخاصة توسل أومالي إلى الإدارة لإرسال اللاجئين إلى أماكن أخرى.
وفي الأسبوع الماضي أعلن كل من جون كورنين، عضو مجلس الشيوخ الجمهوري، وهنري كويلار، عضو مجلس النواب الديمقراطي، وكلاهما من تكساس، عن مشروع قانون من شأنه إغلاق ثغرة في قانون عام 2008. ويظهر تحالفهما الجوانب السياسية غير العادية لهذه القضية. وحقيقة أن كويار يشعر وكأنه يقوم "بتأمين الحدود" في منطقة في الولاية يعتبر أكثر من ثلاثة أرباعها من أصل إسباني، ليس أمراً مستغربا كما قد يبدو. هذه الثغرة تعطي معاملة تفضيلية لأمريكا الوسطى على المكسيكيين، في حين أن المكسيكيين الأمريكيين يشكلون حصة كبيرة من الناخبين بالنسبة لكويلار. ووجد استطلاع أجرته "واشنطن بوست" أخيرا أن هناك فارقا صغيرا بين وجهات نظر المواطنين من أصل إسباني حول طريقة تعامل أوباما مع الأزمة (54 في المائة لا يوافقون) والآراء لدى عامة الجمهور (58 في المائة لا يوافقون). وقال كويار إن على الكونجرس ألا يأخذ عطلته في آب (أغسطس) حتى يتخذ قراراً بهذا الخصوص.
لذا يواجه أوباما تحدياً رئاسياً بخصوص الثقة بالنفس. إحدى المهارات الأساسية في السياسة هي إعادة صياغة الاستسلام باعتباره نصراً. عندما يتم اتخاذ إجراءات على الحدود، يجب أن يكون ذلك بسبب أمر أعطاه الرئيس وليس بسبب أمر تلقاه. وبالتالي قام أوباما بتقديم طلب للحصول على 3.7 مليار دولار لتقديمها للموظفين والمرافق، ابتداء من القضاة إلى زنازين السجن وطائرات الاستطلاع دون طيار. ولا يتضمن المقترح تعديلاً لقانون عام 2008.
ربما ستؤول الأمور إلى ذلك. حذرت الإدارة من أن البلاد قد تواجه 150 ألف لاجئ من أمريكا الوسطى، إذا لم يوافق الجمهوريون على "إصلاح شامل للهجرة". إلا أن الجمهور، في مزاجه الحالي، لا يريد إصلاحاً شاملاً للهجرة، بل يريد هجرة أقل. وتعتمد حظوظ حزب أوباما على عرضه لذلك.
( فايننشال تايمز 24/7/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews