Date : 23,11,2024, Time : 06:32:33 PM
5910 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الاثنين 17 صفر 1434هـ - 31 ديسمبر 2012م 04:01 م

نكبةٌ فلسطينية في سوريا

نكبةٌ فلسطينية في سوريا
عبد الاله بلقزيز

الفلسطينيون ورقة في النزاعات العربية كافة، التي حصلت منذ سبعينات القرن الماضي، وهدف سهل ومباشر لكل ذي قضية سياسية مع نظامه الحاكم أو مع معارضته . وكلما اشتدت نيران النزاع الداخلي بين زيدٍ وعمرو على السلطة، وبلغ الاحتقان والتوتر مداه، أو اتسعت رقعة الصدام المسلّح، يصبح واجباً على الدم الفلسطيني أن يدفع أقساطه من ضريبة الموت والخراب العظيم، وكأنّ الجنون الداخلي لا يستقيم من دون أن يمرَّ بالمخيمات، وكأنّ المخيمات تحيط بالقصور الجمهورية أو تشكل مقارَّ وملاذات لمعارضة النظام الحاكم .

في لبنان الحرب الأهلية، أُقْحم الفلسطينيون عَنوة في صراع داخلي حادّ كان قد بدأ بسنوات، قبل مجزرة عين الرمانة، بين “الجبهة اللبنانية” المسيحية وبين الحركة الوطنية على مسألة الإصلاح الديمقراطي للنظام، والحصص المطلوبة أو المرفوضة في التوازن الطائفي . كان بين المتنازعين من يريد تزوير الصراع من صراع على السلطة بين فريقين داخليين، إلى صراع لبناني فلسطيني، أو إلى صراع بين لبنان و”الغرباء”، وكان بينهم في الجهة القابلة من استقوى بالسلاح الفلسطيني ليحسم به صراعه مع خصمه السياسي الداخلي . وكان على الفلسطينيين أن يدفعوا ضريبة ذلك من دمائهم في منطقة برج حمود ومخيمات ضبية، وتل الزعتر، وصبرا، وشاتيلا، ثم برج البراجنة، وعين الحلوة، والمية ومية، والبرج الشمالي، والبداوي، وصولاً إلى نهر البارد، وكانت الضريبة فادحة إنسانياً، وبدرجات من الفداحة لا تطاق .

وحين اندلعت “أزمة الخليج”، قبل عشرين عاماً ونيّف، عقب الاجتياح العسكري العراقي للكويت، وشنَّ الحلفاء حرب “عاصفة الصحراء” على العراق لإخراجه من الكويت، وتدمير بُناه ومقدّراته، كان على الفلسطينيين أن يدفعوا حصتهم من خلاف بين قوى عربية لم يكونوا طرفاً فيها، بل وما كانت لهم مصلحة أصلاً في نشوب مثل ذلك الخلاف الذي أسال دماء الآلاف من الناس بغير حق، والذي تبدّدت به أرزاقهم وحصتهم من العيش الكريم في بلاد عربية بعيدة عن أرضهم، لكنها أدعى إلى حفظ حقوقهم من بلدان الجوار العربي لفلسطين .

وعندما غزا الأمريكيون والأطلسيون بلاد الرافدين، في العام ،2003 ودمروا الدولة والكيان، وأطلقوا الفوضى والحرب الأهلية في نسيج الوطن لتُعمِلَ فيه التمزيق، اقتصَّ من اقتصَّ من الفلسطينيين، وكأنهم كانوا جنداً في نظام صدام حسين، فتعرضوا للقتل والتهجير، وسيموا هواناً، وسيقوا إلى المعازل والسجون، فأجبر الآلاف منهم على ترك بلد عاشوا فيه لعقود بكرامة وأسهموا في بناء نهضته في زمن مضى . .

ولحظة تبيَّن للعقيد معمر القذافي أن مناسك الحج لا تكتمل إلا بزيارة المسجد الأقصى، فأرسل حجيجه إلى القدس المحتلة، وثارت ثائرة المعارضين العرب للخطوة هذه، فعدُّوها تطبيعاً مع العدوّ الصهيوني، أو تقرباً منه لكسب ود أمريكا، ودفعها إلى رفع الحصار عن ليبيا، دفع الفلسطينيون مرة أخرى ضريبة هذه “النازلة” من حقوقهم، إذ وقع تجميعهم في معسكرات على الحدود، تمهيداً لإجلائهم، بدعوى أن عليهم أن يعودوا إلى وطنهم الذي قامت فيه سلطة فلسطينية! بل وقع طرد الكثير منهم فعلاً .

واليوم، يدفع الفلسطينيون، مجدداً، ثمن نزاع ليسوا طرفاً فيه، ولا مصلحة لهم في اندلاعه، بين المعارضة المسلحة والنظام في سوريا، فيتعرض مخيمهم في اليرموك للاستباحة والعدوان، ولنزوح بشري لعشرات الآلاف من السكان الذين كانوا في غنى عن حرب مكانها على جبهة الجولان، لا على “جبهة الحجر الأسود واليرموك”! والمفجع أن فلسطينيي سوريا، بالذات، تمتعوا بالحد الأدنى من حقوقهم الإنسانية، ومن حقوقهم المدنية والسياسية، إذا ما قورنوا بغيرهم من اللاجئين في دول الجوار العربي، فعاشوا بكرامة، وانصهروا في المجتمع السوري وتصاهروا معه، وما كانت لهم عداوات مع فريق بعينه فيه . وإذ تبنى نظام سوريا قضيتهم ومقاومتهم، وآوى قادتهم وفصائلهم ومكاتبهم ومقراتهم، وجد الفلسطينيون في ذلك خير سند من الدولة والمجتمع، وهم لهذا لا يمكنهم أن يجدوا مصلحة في انقسام البلد، ولا أن يوالوا فريقاً في مواجهة فريق .

ولسنا معنيين، هنا، أن نتهم هذا الجانب أو ذاك من السوريين بفتح معركة مخيم اليرموك، ولا أن ننحاز إلى رواية من الروايتين الرائجتين عن الأحداث، إنما يعنينا أن نقول إن من يفتح الحرب على الوجود الفلسطيني في سوريا إنما يسيء إلى نفسه وصورته، ويسدي أجزل الخدمة إلى الكيان الصهيوني، ويحارب في المكان الخطأ . وليس لأحد من السوريين المتقاتلين على السلطة من قضية “عادلة” إذا كان ثَمَنَها دمٌ فلسطينيٌّ يُراق، وشعبٌ لاجئ يشرَّد، إذ يكفي شعب فلسطين ما يلقاه على يد الغاصب المحتل، من قتل وتشريد وتنكيل، فما الحاجة إذاً إلى مزيد؟! ويكفي فلسطينيي سوريا أنهم نُكِبوا في بلد كان لهم ولقضيتهم سنداً وظهيراً، فبات دماراً وخراباً لا يقوى على قيام، فلِمَ المزيد؟

(دار الخليج)




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد