Date : 21,09,2024, Time : 08:04:19 PM
2129 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الأحد 01 رمضان 1435هـ - 29 يونيو 2014م 03:46 ص

بريطانيا تفتقر إلى رؤية واضحة تحدد مكانها في عالم متغير

بريطانيا تفتقر إلى رؤية واضحة تحدد مكانها في عالم متغير

بريطانيا مثل السفينة التي خسرت مراسيها، وهي بحاجة إلى سياسة خارجية وليس إلى محاولة مختالة لاستعادة مجدها الضائع، وهي أيضاً بحاجة إلى استراتيجية محسوبة لتحديد مكانها في عالم مختلف. مصالح بريطانيا الوطنية عالمية الطابع، وهي بالرغم من كل التغيرات العاصفة بالنظام العالمي لا يزال لديها شيء مفيد لتقوله، لكنها بدلاً من ذلك اختارت جنوح سفينتها.

أحدث متاعب "ديفيد كاميرون" في أوروبا هي أعراض لمرض وليست سبباً لهذا المرض. كانت تأملات "رادوسلو سيكروسكي" العبثية حول أسلوب رئيس الوزراء كاشفة وواضحة. وزير الخارجية البولندي هذا محب للإنجليز، وهو مثل "كاميرون" خريج جامعة أكسفورد وعضو في نادي بولينغدون الصاخب، المنبثق عن هذه الجامعة. وقد أصاب وصف "سيكورسكي" المليء بالصراحة لموقف بريطانيا في بروكسل كبد الحقيقة. فكيف أصبحت بريطانيا ماهرة إلى هذا الحد في تنظيم هزائمها؟ إن انتشار المشاعر المناوئة للتكامل الأوروبي في حزب المحافظين أعطى "كاميرون" بطاقات غير مناسبة للعب. وقد لعب بما في يديه من بطاقات دون أن يبدي كفاءة أو اكتراثاً.

لم يمض زمن طويل على بريطانيا عندما كانت مدافعاً قوياً عن قبول الدول الشيوعية السابقة في أوروبا الشرقية والوسطى في الاتحاد الأوروبي. و"جون ميجور" هو أيضاً رئيس وزراء محافظ آخر كان منزعجاً من المناوئين للتكامل الأوروبي وسبق له أن شكل سياسة أضاءتها المصالح الذاتية. كان انتشار الازدهار والديمقراطية باتجاه الشرق أمراً جيداً للجميع. وقد وفر الأعضاء الجدد في الاتحاد الأوروبي بنظرتهم الليبرالية والعابرة للأطلسي وجهاً مختلفاً عن فرنسا ذات الاقتصاد الموجه.

ألقت بريطانيا بالصداقات بعيداً. وعملت الحكومة على شيطنة السباكين البولنديين وجامعي الفاكهة الليتوانيين المجتهدين في عملهم في بريطانيا ووصفتهم بـ "السياح المستفيدين" وأن هدفهم فقط هو سرقة وظائف البريطانيين والسطو على محفظات العمال البريطانيين. ساعد "ميجور" هذه الدول في الدخول إلى الاتحاد الأوروبي، أما "كاميرون" فقد حاول أن يدغدغ عواطف الشعبويين الذين أرادوا إخراج هؤلاء المهاجرين. وأثناء ذلك بدأت بريطانيا بالتدريج والتقليل من قيمتها حليفاً لهذه الدول. فما الذي يدفع البولنديين، أو التشيك، أو دول البلطيق للتنسيق مع أمة تتجه للخروج من الاتحاد الأوروبي؟

كانت الحكومة تعتمد على المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، لكي تأتي لإنقاذها. لكن بدلاً من ذلك أظهرت المواجهة حول المرشح لرئاسة المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، حدود الدعم الذي يمكن أن تقدمه المستشارة. إنها ترغب بصدق في إبقاء بريطانيا في النادي الأوروبي، لكن ليس بأي ثمن.

لن يوجد أي رابح إذا تأكد التوظيف غير المناسب لـ"يونكر" (وهو أمر أصبح مؤكداً الآن)، ولا من اعتماد "كاميرون" لأفكار الحكومة الفرنسية الرامية إلى إبقاء المفوضية ملتزمة بفرض الحد الأدنى للأجور في الاتحاد الأوروبي في السنوات الخمس المقبلة، أو فرض معدل ضرائب ثابت على الشركات، واعتماد استراتيجية صناعية حِمائية مع إعادة فتح أحكام اتفاقية التجارة عبر الأطلسي. ومع ذلك يبقى "كاميرون" هو الخاسر الأكبر.

ليست بريطانيا وحدها في تخبطها في السياسة الخارجية. فألمانيا استفاقت أخيراً على حقيقة أن فلاديمير بوتين الروسي لا يلعب حسب قوانين أوروبا المحبة للمعانقة. وهم يسخرون الآن في الكرملين من استجابة برلين المتلعثمة لضم القرم إلى روسيا. وفرنسا، مثلها مثل بريطانيا، سبق لها أن سارت في وقت ما بخطوات واسعة وملموسة على المسرح الدولي، لكنها أصبحت الآن رهينة للضعف الاقتصادي وعجز الشجاعة السياسية. وهي تلعب في هذه الأيام دوراً أقل أهمية من دور إيطاليا في عهد "ماتيو رينزي". وهذا أمر مؤذٍ، حتى لو بدت السياسة الخارجية الإيطالية تشتمل على تقديم الأعذار لبوتين.

ومع ذلك لكل دولة من هذه الدول مجالها الأوروبي. وفي أحوال أخرى ربما نظرت بريطانيا إلى أمريكا لموازنة الخلاف مع أوروبا. و"كاميرون" يفهم جيداً "باراك أوباما"، لكن غالباً ما يتحدث القائدان عن أشياء مختلفة وهما يعتقدان أنهما يتحدثان عن الشيء نفسه.

بعض السياسيين البربطانيين يلقون باللوم على إدارة أوباما. فهم يقولون: إن الولايات المتحدة تتخلى عن دورها العالمي. ويوجد الكثير من الحقيقة في ذلك. فقد أصبح تراجع نفوذ الولايات المتحدة في العالم من الموضوعات الثابتة في الجغرافيا السياسية اليوم. والحقيقة الأصعب هي أنه من وجهة نظر واشنطن، فإن إدارة وجه بريطانيا عن قارتها وانفصالها عنها يجعلها صديقاً أقل فائدة بكثير مما مضى. والولايات المتحدة قلقة من أن يكون الاستفتاء الاسكتلندي الذي يلوح في الأفق نذيراً بتفكك المملكة المتحدة. وبالتالي تحول "أوباما" إلى برلين باعتبارها مركز الثقل في أوروبا.

أما من الخارج فتبدو وزارة الخارجية أكثر ضعفاً من أي وقت مضى. عندما زحف الروس على القرم أخذت الحكومة البريطانية على حين غرة. وتبين أن وزارة الخارجية كانت قد قلصت ميزانية القسم الروسي في الوزارة واستنفدت موارده. وهكذا وقعت المبادرة الدبلوماسية على عاتق مثلث فايمار، المكون من ألمانيا وفرنسا وبولندا. ولا يزال لدى بريطانيا عدد من أذكى الدبلوماسيين الموجودين في الساحة، لكنهم يمكن أن يكونوا جيدين بالقدر نفسه الذي تكون فيه توجهاتهم السياسية. لقد تم الطلب منهم أن يكونوا قوة مبيعات للشركات البريطانية ولم يعد يوجد متسع للمساعي التي كانت متبعة في السابق، مثل التحليل الاستراتيجي والدبلوماسية.

ويشكل "ويليام هيج"، وزير الخارجية، لغزاً محيراً في المسألة. وهو سياسي جاد وذكي وله وزن في الحكومة البريطانية استطاع استعادة العلاقات مع القوى الصاعدة، وسافر بكثرة إلى دول الخليج وآسيا وأمريكا اللاتينية وافتتح سفارات في بلدان نسيتها لندن منذ فترة طويلة. كل هذا معقول، لأن العلاقات الثنائية مهمة في هذا العالم المتشظي.

يوجد حنين إلى الماضي في رؤية "هيج" للعالم وهذا يعيد ذكرى عصر الملكة إليزابيث (في أيام شكسبير) حين كانت بريطانيا تسير حسب هواها في العالم. هذا هو الوهم الذي يعمى عيون المناوئين للوحدة الأوروبية عن عواقب الانفصال عن الاتحاد الأوروبي. ستكون التحالفات الجديدة مفيدة فقط إذا أبقت بريطانيا على نفوذها في القارة الأوروبية وتمكنت من تشكيل الأحداث فيها. الصين تقيس وزن بريطانيا بناءً على مكانتها في بروكسل.

لكن يبدو أن "كاميرون" يرى غير ذلك. فقد توقف عن سحب "المرساة" مع أوروبا حتى في الوقت الذي تتسع فيه المسافة عبر الأطلسي. لا يوجد شيء رائع يخص العزلة في هذه الأيام. بريطانيا فعلاً بحاجة إلى سياسة خارجية.

( فايننشال تايمز 29/6/2014 )




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد