السياسات المحاسبية المؤثرة بأسعار أسهم شركات البورصة
أسفرت السياسات المتصلة بانفتاح الأسواق والتوجه للعولمة في الفترات الأخيرة، لزيادة اهتمام حملة الأسهم والمهتمين، وكل من أصحاب المصالح في الشركات ( الإدارة - الدائنين - مجلس الإدارة - المالكين) المدرجة بالأسواق المالية، فيما يجب أن تفصح تلك الشركات من معلومات ولاسيما المعلومات المالية و المحاسبية ذات التأثير المباشر في القرارات المالية والاقتصادية والتمويلية والاستثمارية أيضا..
وقد ساهم ذلك في تزايد الأهمية النسبية للتقارير المالية ولاسيما التقارير المرحلية (ربع - نصف) سنوية التي يتم إعدادها من قبل الشركات المدرجة بسوق الأوراق المالية، ومراجعتها من مدققي حسابات مستقلين ومعتمدين إلى تقديم معلومات محاسبية تتسم بالملاءمة والشفافية والوضوح وإمكانية المقارنة والفهم والاعتماد عليها من قبل حملة الأسهم، وأصحاب المصالح في هذه الشركات وبالتوقيت المناسب..
هذا الأمر أدى إلى عناية الجهات الرسمية المختصة بالرقابة والإشراف والمتابعة بإصدار وصياغة المعايير المحاسبية ذات الصلة بإعداد التقارير المالية المرحلية وتطوريها وكذلك معايير الرقابة والإشراف الدوري لمراجعتها مما اضطر الشركات للاتجاه لإدارة الأرباح وهو موضوع هذا التحليل"Earning Management
أولا: إدارة الأرباح
محاولة الإدارة لاختيار البيانات المحاسبية بالمؤسسة المالية للتأثير في إدارة الأرباح التي تظهر بالقوائم المالية والتقارير المحاسبية لحجب القيم الأساسية للشركة أو التأثير على تخفيض الموارد والاستخدامات عما يجب أن تكون علية باستخدام أساليب محاسبية وسياسات إدارية لا تخضع لأسباب إستراتيجية ومصممة خصيصا لذلك كحالات التقدير الشخصي للبنود الظاهرة بالقوائم المالية وتعديل التقارير المالية عن الأداء المالي والإداري للمؤسسة خلاف الحقيقة والتأثير على النتائج التعاقدية التي تعتمد على الأرقام المحاسبية بالقوائم المالية والتقارير المحاسبية بغرض التأثير على الأرباح بالمدى القصير والبعيد والوصول لرقم ربح محدد مسبقا، وموضوع من قبل الإدارة أو حسب توقعات المحللين الماليين وفق قيم متفق عليها لاستدامة الربحية.
Earning Management Styles""
ثانيا: أنواع إدارة الأرباح
ترجع أهمية إعداد التقارير المالية على فترات محاسبية (ربع - نصف) سنوية ومراجعتها من مدققي الحسابات المستقلين بهدف تقييم أداء هذه الشركات وتخفيض درجة عدم التأكد عند التنبؤ بنتائج أعمالها ( ربح - خسارة ) المتوقعة، وبالتالي عوائد أسهمها فضلا عن تعزيز كفاءة سوق الأوراق المالية نفسه والاقتصاد العام لذلك تنقسم إدارة الربحية لنوعين:
الإدارة الجيدة للأرباح(Good Earning Management)
تتمثل في إدارة الأرباح التشغيلية عندما تتخذ الإدارة قرارات اختيارية من شأنها المحافظة على أداء مالي مستقر.
الإدارة السيئة للأرباح (Bad Earning Management )
تتمثل في إخفاء إدارة الأرباح التشغيلية الحقيقية بواسطة وضع القيود غير الحقيقية أو تطبيق تقديرات غير منطقية مثل تخفيض أو زيادة مخصص الديون المشكوك فيها- تقديرات أعمار الأصول والموجودات - تقديرات أعمار الديون المستحقة- المبالغة أو التخفيض في المخصصات والاحتياطيات بجميع أنواعها.
ثالثا: دوافع إدارة الشركات المدرجة بسوق الأوراق المالية لإدارة الأرباح.
تزايد الاهتمام في القطاع المالي والاقتصادي على المدخل الأخلاقي بالمحاسبة وإدارة العمال والمراجعة وهناك العديد من النماذج السلوكية التي ما تتخذه الإدارة التنفيذية من قرارات تتحكم في المعلومات المحاسبية التي تعتمد عليها الأطراف المهتمة بالمؤسسة المالية وقد تؤدي هذه لقرارات إيجابيا أو سلبيا على صافي الربح الذي يعتبره البعض الآخر تغيرا سلوكيا قانونيا لأنه قد يصب في مصلحة الشركات ويكون ذلك بغرض تخفيض الدخل العام للمؤسسة المالية ضمن مجموعة من المبادئ المحاسبية المتعارف عليها تمتد من العمليات التشغيلية والاستثمار والتمويل ومسك الدفاتر وتحدث عندما تستخدم الإدارة التنفيذية المرونة للاختيار بين الطرق والسياسات المحاسبية كحالات التقدير والحكم الشخصي لبعض البنود الظاهرة في التقارير المالية لهيكلة التصنيفات أو تعديل التقارير المالية وذلك لدوافع منها:-
1- عرض نتائج إيجابية عن الأداء الاقتصادي للشركة.
2 – التأثير على القرارات التعاقدية التمويلية والاستثمارية التي تعتمد على نتائج التقارير المالية والمحاسبية
3- تشجيع المستثمرين لشراء أسهم الشركة.
4- ارتفاع القيمة السوقية للشركة على المديين القصير والبعيد.
5- تشجيع الإدارات التنفيذية ومجلس الإدارة لمزيد من المزايا والمكافآت.
رابعا: الأساليب المستخدمة لإدارة الأرباح بالشركات المدرجة بسوق الأوراق المالية
• إدارة الاستحقاقات (المصروفات - الإيرادات)
عملية تغيير احتمالات تحقق الإيرادات والمصروفات المستحقة مثل تغير العمر الافتراضي للأصول والموجودات أو احتمال سداد المدينين بغرض التحكم في مقدار الإيرادات والمصرفات التي تظهر في فترة مالية معينة.
• توقيت تطبيق المعايير المحاسبية والسياسات المالية سواء (جديدة- تعديل).
عند صدور معيار محاسبي جديد أو تعديل معيار سابق فيكون تطبيقه في موعد لاحق لصدوره ولكن غالبا ما يتم السماح بالتطبيق المبكر للمعيار المحاسبي أو الانتظار حتى الموعد الملائم المحدد للتطبيق حسب رؤية الإدارة التنفيذية لمدى تأثيره على الربحية.
• إجراء التغيرات المحاسبية (إجباري – اختياري) بالسياسات المطبقة.
تشمل التحول من طرق محاسبية لأخرى مثل طرق تسعير المخزون السلعي المعروفة مثلا مع ملاحظة أن استخدام أي من التغييرات المطبقة تؤثر على مستوى الربحية الكلي ( ارتفاع - انخفاض ) وتتفق هذه الأساليب مع المعايير المحاسبية المتعارف عليها ( محليا - دوليا ) وعدم ارتباطها بعمليات مع أطراف خارجية ويتم العمل بها لفترت مالية كاملة وقادمة.
خامسا: أهداف إدارة الأرباح بالشركات المدرجة بسوق الأوراق المالية
• تحقيق منافع ذاتية
المديرون في الشركات المالية والاقتصادية التي تربط خطط المزايا والمكافآت بالأرباح سوف يختارون الطرق المحاسبية التي ستزيد الأرباح الظاهرة بالقوائم المالية خلال الفترة الحالية لأن ذلك سيزيد من القيمة الحالية لمزايا الممنوحة، كما أن الإدارات التنفيذية قد تخفض الأرباح عند وصول الحوافز إلى أعلى حد ممكن لأنه في هذه الحالة لن تحقق أي زيادة في الحوافز والمكافآت للإدارة بل يمكن تحقيق الأمن الوظيفي أو مما يسمى جودة الأرباح والتي تتمثل في تأجيل الأرباح لفترات مستقبلية قادمة وبالتالي ستزيد من حصة الإدارة بالمكافآت مستقبلا في السنوات (العالية الأرباح ) إلى السنوات ( المنخفضة الأرباح ) .
• تخفيض قيم الضرائب والتعاريف المرتبطة بنسب تدريجية بالأرباح
يقوم اختيار الإدارة التنفيذية بالشركات المالية الطرق المحاسبية التي تقلل من القيمة الحالية المتوقعة لمدفوعات الضرائب المرتبطة بنسب تدريجية على قيم الأرباح الصافية، ومن إحدى هذه الطرق المستخدمة لتحقيق سياسة تقييم المخزون السلعي مثلا والتبديل من سياسة الوارد أو الصادر أولا، وسياسة الوارد أولا، أخيرا ذلك سيؤدي إلى التغيرات بالتدفقات الواردة للشركات خصوصا عند زيادة الأسعار مما يزيد معه زيادة الدخل الظاهر بالقوائم المالية والذي سيؤدي إلى زيادة الضرائب.
• شروط سداد الديون والالتزامات
يوجد تعارض بالمصالح والرغبات بين دائني الشركة والمساهمين لذلك فإن عقود الديون غالبا تتضمن شروطا لتقييد الإدارة للحد من هذا التعارض والحد من قدرة الإدارة على سداد توزيعات الأرباح على المساهمين فيما يسمى بتحويل الثروة من حملة الديون إلى حملة الأسهم أو إصدار ديون جديدة أو طلب تأجيل أو تقديم سداد الديون المستحقة ويسمى ذلك بتكلفة الوكالة التي تتحملها الإدارة التنفيذية والناتجة عن التصرفات المقيدة أو بسبب سداد تكلفة الديون والقروض لذلك تلجأ الإدارة إلى إدراج الأرباح بهدف زيادة الربحية باستخدام التغيرات المحاسبية والتطبيق المبكر أو التأجيل للمعايير المحاسبية الجديدة حسب الحالة للتخلص من قيود عقود الديون ومخالفة الشروط الواردة مثل نسب عدد مرات الفوائد أو شروط منح القروض بزيادة الطاقة الاقتراضية للشركة وانخفاض تكلفة الأموال المقترضة وتجنب الإخلال بشروط اتفاقات الديون السابقة مما يزيد من أرباح تلك الشركات عند مقارنتها بالشركات المماثلة.
• التكاليف الرسمية
الالتزامات التي تتحملها الشركات نتيجة القوانين واللوائح التنظيمية التي تفرضها الجهات الرسمية للرقابة والإشراف والتراخيص كمعدلات الضرائب خصوصا إذا كانت مرتبطة بنسب مئوية من شرائح الأرباح المتصاعدة والتعاريف الجمركية المفروضة أو التزامات يفرضها المجتمع في صورة مشاركات ومساهمات ومرتفعة القيمة، لذلك تتوجه الإدارة التنفيذية لإدارة الأرباح باختيار الأساليب المحاسبية والسياسات المالية التي تؤدي لتخفيض الأرباح النهائية وتتجنب معها التكاليف والالتزامات المفروضة عليها كإعادة تقييم الأصول الثابتة لتخفيض ربحيتها خصوصا الشركات المعرضة لاضطرابات العمال والمطالبات العمال بزيادة الأجور أو طلبا للدعم والمعونة من الدولة بحالة انخفاض ربحيتها وخسارتها.
سادسا: العلاقة بين السياسات المحاسبية وأسعار أسهم الشركات المدرجة ببورصة الأوراق المالية..
أشارت العديد من الدراسات لشركات المساهمة أن ربحية الشركة تعد عاملا ضروريا ومهما لإدارة الأرباح إذ أنة لا يمكن الاعتماد على ربحية ضعيفة للقيام بإدارة الأرباح فكلما زادت ربحية الشركة كلما زادت احتمالية إدارة أرباحها، وذلك لعقود الوسائل والخيارات أمام تلك الشركات لاتباع الطرق الملائمة لإدارة أرباحها وزيادة توزيعات الأرباح للمساهمين (مطلب أساسي) وقدرتها على سداد إلزاماتها تجاه الدائنين ويمثل صافي الدخل القاعدة الرصينة لأصول الشركة وحقوق الملكية، كما يساعد على جذب رأس المال من المستثمرين الجدد فضلا عن العلاقة الإحصائية لمؤشر إدارة الإرباح ومؤشر أسعار الأسهم.. وكل المعاملين ذوو اتجاه إيجابي للارتفاع والانخفاض معا وأن أسعار أسهم الشركة تتأثر بشكل مباشر بأرباح الشركة لذلك فإن الشركات تسعى دوما للحفاظ على مستثمريها الذين يفضلون أن تكون أرباح الشركة مستقرة ويسعى المستثمرون كذلك، ويدفعون أسعارا عالية للأسهم في الشركات التي تكون أقل تقلبا للانخفاض في أرباحها، مما يعني عدم تأكد أقل حول اتجاه الأرباح، وبما يعزز انطباعا بانخفاض المخاطر لتخفيض تقلب الأرباح وهو الأمر الذي يؤدي عمليا إلى رفع سعر السهم ....
( الشرق 29/6/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews