وزير الخزانة الأمريكي في الغرفة التجارية بجدة
على ايقاع اصوات القنابل وزخات الرصاص في عدة دول في المنطقة وصل وزير الخزانة الأمريكي (جيكوب ليو) في زيارة لعدة دول منها الإمارات والمملكة. ويبدو أن الوزير كان يستهدف فيما يستهدف اقناع كبار رجال المال في المنطقة بجدوى الاستثمار في الولايات المتحدة باعتبارها في رأس قائمة الدول الأكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية حسب وصفه.
وبدعوة من الشيخ صالح كامل كنت ضمن المدعوين لحضور إحدى حلقات النقاش المتعددة التي عقدها الوزير في الغرفة التجارية بجدة يوم الثلاثاء الأسبوع الماضي وأدارها (غلين كاري) مسؤول مكتب (بلومبيرغ) المقيم في الرياض منذ خمس سنوات.
ولربما كان من محاسن الصدف أن يكون موعد الحلقة في اليوم التالي للمؤتمر الصحفي لرئيسة صندوق النقد الدولي (كريستين لاغاردي) الذي أعلنت فيه تراجع الصندوق عن تقديراته المتفائلة جدا لنمو الاقتصاد الأمريكي لهذا العام 2014 ليخفضها بحوالي واحد في المائة (0.8 %) لتصبح بعد التعديل حوالي (2 %) مقاسة بإجمالي الناتج الوطني. ولقد عزا الصندوق تعديلاته السلبية لأرقام النمو الأمريكي لمعاناة البلاد من فصل شتاء استثنائي هذا العام ما أثر على الانتاج في مختلف القطاعات الاقتصادية، إضافة إلى عدم الوضوح في مستقبل نمو قطاع العقارات السكنية الذي ما زال يناضل لاستعادة توازنه بعد الانهيار المروع سنة 2008، وإضافة إلى ضعف الطلب العالمي على المنتجات الأمريكية ما أثر بدوره على مستوى البطالة بالارتفاع وعلى توقعات الصندوق لها بالاستمرار كذلك ما لم تكثف الإدارة الأمريكية الإنفاق في المدى القصير خاصة على البنية التحتية والتعليم والتدريب وإعانات العناية بالأطفال.
وبالفعل فقد تحدث الوزير عن بعض من هذه الصعوبات التي يواجهها اقتصاد بلاده إضافة إلى الهاجس المستمر من تأثر انسيابية إمدادات النفط من المنطقة للأسواق العالمية.
واستعرض الوزير بعض وجهات نظره ايضا عن الاقتصاد العالمي ومنه السعودي الذي أثنى على جهود التنويع فيه رغم أن النفط ما زال سائدا في هيكل صادراته، والصيني الذي توقع له الاستمرار في النمو مع الحاجة لمزيد من التحرير في سوق الصرف الأجنبي. أما دول أوربا وشرق اسيا فيرى أن النمو فيها متوقع وإن كانت تعاني من مشاكل في تمويل المؤسسات الصغيرة.
ولكن الوزير يبشر بعودة قوية للاقتصاد الأمريكي في الفترة القادمة وهذا ما يشاركه به صندوق النقد الدولي الذي يتوقع ألا يقل النمو في الناتج الوطني الأمريكي عن 3 % اعتبارا من العام القادم.
ولذلك يبدو أن الوزير قام بهذه الزيارة وعقد هذه الحلقات واللقاءات لاجتذاب رؤوس الأموال الخاصة إضافة للحكومية التي تم استقطابها للمساهمة في توفير التمويل الكافي للنمو الأمريكي في المدى القصير بحسب نصيحة صندوق النقد الدولي.
ويبقى أن اشير إلى أن توقيت زيارة (ليو) للمنطقة وعقد لقاءات لاستقطاب استثمارات وأموال رجال أعمالها لأمريكا لم يكن التوقيت المثالي لمثل هذه المهمة، فقد شعرت كأننا في المنطقة نعيش فوق سفينة غارقة وأن من يحاول إنقاذنا يقول لنا سفينة الانقاذ التي سأقدمها لكم فيها عيوب كثيرة ولكن هذا هو الموجود وعليكم أن تقبلوه لأنه أفضل مما لديكم.
يا معالي الوزير، نحن بحاجة لمن يساعدنا في فتح افاق استثمارية جديدة في بلادنا وتوفير فرص عمل كثيرة لملايين الخريجين الجدد من ابنائنا وإيصال التنمية لكل بقعة في أرضنا. فنحن لا نخشى مما يدور حولنا فنحن المأوى ونحن المستقر ورجال أعمالنا حين يستثمرون في أي بلد أجنبي فهم لا يفعلون ذلك إلا من باب الزيادة وتعظيم الأرباح لأن استثماراتهم الأساسية في وطنهم، وحتى لو رغبوا في الاستثمار في أمريكا أو غيرها فالتوقيت الان غير مناسب لاستقطابهم لأن لديهم من الوطنية والذكاء ما يكفي لتقدير الأمور تقديرا مناسبا بعدم التسرع في الاستثمار أو توظيف الأموال في بلاد أجنبية في مثل هذه الأجواء من عدم الاستقرار الاقتصادي على مستوى العالم والتوقعات المتزايدة بانفجار عدد من الفقاعات العقارية وغير العقارية في العديد من الدول التي اعتمدت سياسة التيسير النقدي في قطاعات اقتصادية مختارة ما أدى إلى نمو أعرج في تلك القطاعات ما يلبث أن يتضح أنه وهمي وغير قابل للاستمرار..
(المصدر: عكاظ 2014-06-25)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews