الأردن: مديونية مرتفعة ... لكنها تحت السيطرة
يشكو الأردن ارتفاع مستوى مديونيته العامة بعدما اضطر إلى التوسع في الاقتراض محلياً وخارجياً، لتغطية النفقات التي ترتبت عليه جراء انقطاع الغاز المصري الذي أدى إلى ارتفاع خسائر شركة الكهرباء الوطنية من 1.1 بليون دينار (1.55 بليون دولار) عام 2012 إلى 1.3 بليون دينار في 2013، وكذلك بلوغ عدد السوريين الذين يستضيفهم الأردن 1.3 مليون شخص، بلغت كلفة استيعابهم نحو 1.8 بليون دولار عام 2013، بحسب تقارير الأمم المتحدة، أما وزارة التخطيط والتعاون الدولي في عمان فقدرت الكلفة خلال 2014 - 2016 بـ 4.1 بليون دولار، وتشمل كلفة البنية التحتية والكلفة الأمنية وتوابعها.
ووفق أرقام وزارة المال، بلغ مستوى المديونية العامة للأردن نحو 19.1 بليون دينار نهاية 2013، مقارنة بـ 16.6 بليون دينار قبل عام، أي بزيادة 3.5 بليون دولار، ما أدى إلى ارتفاع نسبة المديونية إلى ما يعادل 83 في المئة من الناتج المحلي الأردني، وهي نسبة مرتفعة، حذرت المؤسسات المالية الدولية من أن ارتفاعها قد يهدد الأردن بالتعرض إلى إجراءات تقشفية، مع الإشارة إلى أن مجلس المديرين التنفيذيين لصندوق النقد الدولي في اجتماعه الأخير في 28 نيسان (أبريل)، أنهى مراجعته الرابعة في إطار مراجعاته الدورية تحت ترتيبات الاستعداد الائتماني، مشيداً ببيان رسمي بأداء الاقتصاد الأردني الذي تمكن من تحقيق جميع معايير الأداء الملتزم بها، على رغم الأعباء المالية المتزايدة جراء انقطاع الغاز المصري وازدياد تدفق اللاجئين السوريين.
وتقدر خدمة الدين العام بـ 1.1 بليون دينار لعام 2014، منها مبلغ 885 مليون دينار لتغطية فوائد الدين الداخلي، في مقابل 215 مليون دينار فوائد للدين الخارجي، وهكذا يبرز الفارق الكبير بينهما، وبما أن استراتيجية وزارة المال لإدارة الدين العام، تهدف إلى تنويع مصادر التمويل المتاحة، قررت الحكومة الأردنية التوسع في الاقتراض من الخارج والاستفادة من شروطه الميسرة لجهة آجال الاستحقاق وأسعار الفوائد المنخفضة، فضلاً عن تخفيف الضغط على السوق المحلية وعدم منافسة القطاع الخاص على سيولة الجهاز المصرفي.
وبلغت أرقام الموازنة العامة للأردن لعام 2014 نحو 8 بلايين و96 مليوناً و377 ألف دينار للنفقات، في مقابل 6 بلايين و982 مليون دينار للإيرادات، وهي تحمل عجزاً بقيمة بليون و114 مليوناً و377 ألف دينار، وعلى رغم ضخامة هذا العجز فهو أقل من عجز موازنة 2013 والبالغ 1.834 بليون دولار، أي بنحو 274 مليون دولار، وهو تحسن جيد. لكن الملفت في الأمر في بنود الموازنة، توزيع الإيرادات إلى مصدرين: الأول، إيرادات محلية، بلغت 5.831 بليون دينار بزيادة نحو 535 مليون دينار عن إيرادات 2013، والثاني، المنح الخارجية، وبلغت 1.151 بليون دينار، الأمر الذي يؤكد مدى استمرار الأردن في الاعتماد على المساعدات الخارجية في دعم وضعه المالي ومسيرته الاقتصادية.
ومع الأخذ في الاعتبار المفاهيم الاقتصادية للعلاقات الدولية والتي تتحكم بها المصالح المشتركة، تؤكد المساعدات التي تلقاها الأردن مدى أهمية «الاستثمار في السياسة» في تحديد مواقف الدول من التطورات الإقليمية في ضوء الصراع القائم وتحالفاته، وكذلك تحديد أثمان هذه المواقف التي تنعكس دعماً مالياً واقتصادياً لحكومات الدول المعنية.
ولم يعتد الأردن على فترة هدوء في محيطه، فالإقليم غير مستقر منذ سنوات طويلة، لكن على رغم كل الصعاب، تجاوزت عمان الأزمات الخارجية بكل مرونة، وذلك بفضل عوامل، أهمها المساعدات الخارجية الاستثنائية التي تلقاها من الأصدقاء، وبلغت بين 2000 و2012 نحو 13.2 بليون دولار، وهو رقم كبير لاقتصاد صغير مثل الأردن، وساهمت هذه المساعدات في تعويض الخزينة التراجع الهائل في إيراداتها نتيجة الركود الذي أصاب قطاعات مهمة مثل السياحة والاستثمار والحوالات، وكلها بسبب مؤثرات خارجية.
واللافت في أهمية المساعدات المقدمة إلى لأردن أن قيمة المنح بلغت 9.1 بليون دولار، أو ما يعادل 69 في المئة، في مقابل 4.1 بليون دولار للقروض الميسرة، أي ما يعادل 31 في المئة. وتمتاز هذه القروض بشروط تمويلية ميسرة، وبأسعار فائدة منخفضة تتراوح بين صفر وخمسة في المئة، وفترة تسديد بين 15 و30 سنة، متضمنة فترة سماح تصل إلى 7 سنوات.
أما مصادر تلك المساعدات فتشمل الدول المعنية بالتطورات الإقليمية، خصوصاً ثورات الربيع العربي، فضلاً عن أزمة الشرق الأوسط والصراع بين العرب وإسرائيل منذ أكثر من 65 سنة، وأهمها: الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي واليابان والمؤسسات المالية الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وكذلك دول مجلس التعاون الخليجي وصناديق التمويل العربية والبنك الإسلامي للتنمية، وكلها تتفاعل مع التطورات الإقليمية، وتتسابق في تقديم المساعدة، بهدف المساهمة في توفير الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي للأردن. ويلاحَظ أن أرقام المساعدة صعوداً وهبوطاً، تخضع لبورصة التطورات الإقليمية ومدى خطورتها وتأثيرها في المملكة.
وتقدم الولايات المتحدة مساعدات إلى الأردن لأنه من حلفائها الأساسيين في المنطقة، وهي تمده سنوياً بـ 660 مليون دولار، منها 360 مليوناً لدعم الاقتصاد و300 مليون دعماً عسكرياً، وقررت أخيراً مده بمساعدات إضافية بقيمة 340 مليون دولار، اعتباراً من 2014 ليصل المبلغ إلى بليون دولار. ويشدد رئيس الحكومة الأردنية عبد الله النسور على أن في استقرار بلاده «مصلحة لكل الدول العربية»، مشيراً إلى أن «الأردن المستقر والأمن، محاط بكوارث أثرت في تجارته وسياحته وقطاع النقل الذي يعد من أكبر قطاعات النقل في الشرق الأوسط».
( الحياة 23/6/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews