Date : 23,11,2024, Time : 02:27:40 PM
13519 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الجمعة 30 رجب 1435هـ - 30 مايو 2014م 01:59 ص

تونس من الثورة إلى الدولة!

تونس من الثورة إلى الدولة!
د. آمال موسى

أصدر القضاء التونسي خلال هذا الأسبوع حكما نوعيا شكَّل بدوره، حقيقةً، منعطفا مهما سيكون من جهة في صالح الدولة ومؤسساتها، ومن جهة أخرى مساهمة نوعية في ترتيب المناخ العام لخوض الانتخابات القادمة في ظروف أقل التباسا.

هذا الحكم الذي آثرنا تقديم الحديث عن أهميته ونوعيته على كشف مضمونه أولا، ينص على حلِّ الرابطة الوطنية لحماية الثورة وكل فروعها ومصادرة ممتلكاتها.

وللتذكير، فإن هذه الرابطات تشكَّلت مباشرة بعد اندلاع الثورة التونسية في 14 يناير (كانون الثاني) 2011، ثم تمكَّنت بسرعة مذهلة من الانتشار في كل المحافظات التونسية. وأصبحت بنفس السرعة أيضا تتدخل في الشأن السياسي العام وتنتصر لطرف وتعادي سلوكا وخطابا لأطراف وشخصيات أخرى.

وفي الحقيقة، وجدت هذه الرابطات من حكومة الترويكا السابقة الدعم اللازم، وتحديدا من حركة النهضة وحزب المؤتمر، حيث ضربا بعرض الحائط كل انتقادات المجتمع السياسي والمدني الموجهة ضد رابطات حماية الثورة. وليست مبالغة إذا قلنا، إن مساندة الترويكا العلنية لرابطات حماية الثورة قد مثَّلت سببا رئيسا لفشل الترويكا وللضغط عليها للخروج من الحكومة والقبول بحكومة كفاءات وطنية، وذلك من منطلق أن هذه الرابطات لم تكن معادية فقط للأحزاب الموصوفة باليسارية أو العلمانية، بل إنها كانت شديدة العداء لأهم قوة سياسية في البلاد، وهو الاتحاد العام التونسي للشغل. وفي هذا السياق نُذكِّر بحادثة الاعتداء على مقر الاتحاد العام التونسي للشغل التي أدت إلى تهديد الاتحاد ساعتها بإعلان إضراب عام تم التراجع عنه في اللحظة الأخيرة.

أيضا من الاتهامات الأخرى المورطة فيها رابطات حماية الثورة نشير إلى قضية قتل الشهيد القيادي في حركة نداء تونس لطفي نقض سنة 2012. وفي ذلك التاريخ، كانت حركة نداء تونس في أسابيعها الأولى، ووجدت معارضة شرسة من طرف رابطات حماية الثورة التي اعتبرتها ولادة جديدة للدستوريين والتجمعيين. وبحكم تطابق موقف حركة النهضة مع ردود فعل هذه الربطات في قضايا وأحداث عدة، فإن الغالب على النخب التونسية الاعتقاد أنها تخدم أجندات حركة النهضة، خصوصا أنها - أي هذه الرابطات - كانت حاضرة بقوة في مسيرات كثيرة حاسمة ودقيقة الأسباب والأهداف نظَّمتها حركة النهضة.

ولقد لاقت هذه الرابطات معارضة راديكالية وقوية من أحزاب وجمعيات تونسية عدة رافضة لمجرد وجودها، وذلك من منطلق أن تاريخ الدولة في تونس طويل، وأن المنطق الجمهوري والنظام السياسي الديمقراطي يقولان إن مؤسسات الدولة هي المؤهلة فقط لحماية الثورة وحقوق المواطنة، إضافة إلى أن الاستئثار بما يسميه ماكس فيبر استخدام العنف المشروع، هو من امتيازات الدولة لا الجمعيات والرابطات.

كما أعاق وجود هذه الرابطات أداء الدولة لوظائفها ومسَّ من هيبتها بالمعنى «الأمني»، حيث كانت هذه الرابطات في أحداث معينة بمثابة دولة موازية، على شاكلة الاقتصاد الموازي الذي تعاني من مشكلاته الحكومة التونسية منذ سنوات.

طبعا، بقدر ما وجد الحكم القضائي المتعلق بحلِّ رابطات حماية الثورة في تونس التِّرحاب والثناء والمواقف الإيجابية من النخب السياسية والمدنية والحقوقية، فإنه لاقى أيضا انتقادات وتشكيكا في نزاهته القضائية، علاوة على شعور البعض بنوع من الخيبة والإحباط. من ذلك ما صرح به مؤسس حزب وفاء السيّد عبد الرؤوف العيادي من أن هذا الحكم يندرج ضمن تنفيذ لبرنامج سياسي بموجب خريطة الطريق واستكمال لمهزلة.

ولمَّا صادف صدور هذا الحكم نفس الشهر الذي شهد تصويت المجلس الوطني التأسيسي ضد قانون العزل السياسي، إضافة إلى إطلاق سراح الكثير من رموز النظام السابق، وأيضا تبرئة القضاء التونسي للقادة الأمنيين المتهمين بقتل «شهداء الثورة التونسية»، فإن مجرد تتالي هذه الأحكام والأحداث وما يحيل إليه تراكمها من معانٍ ومضامين ورسائل، قد جعل المتمسكين بمنطق الثورة وبضرورة مواصلة النهج الثوري، يرون أن الثورة التونسية قد أصيبت في مقتل وتمت خيانة أهدافها وأحلامها. بل إنهم يذهبون إلى إعلان إجهاض الثورة وعودة النظام القديم، وكأنه لا شيء حصل في تونس ولم تقم فيها ثورة!

في الحقيقة، يبدو لنا أن القراءة الموضوعية تقول، إن الدولة في تونس هي التي عادت وليس النظام القديم الذي ذهب إلى غير رجعة. ومن المهم بالنسبة إلى معارضي هذه الأحكام أو الرافضين لإسقاط قانون العزل السياسي - وهذا من حقهم - ألا ينسوا تحت تأثير الانتماء السياسي وغيره من المؤثرات، أن النظام القديم هو قبل كل شيء ثقافة سياسية وطريقة في الحكم، وهذا ما تحصنت ضده تونس جيدا من خلال مضامين الدستور الجديد والحرية التي اكتسبتها.

إن تاريخ الثورات التحرّرية لا يعود إلى الخلف.

(المصدر : الشرق الاوسط 2014-05-30)

 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد