من غزة لسوريا عبر الأنفاق : القتيل وشح ترك غزة ليحارب الظلم في سوريا

جي بي سي نيوز :- أثار خبر مقتل الشاب وديع وشح "21 عاما " صدمة لأسرته التي تقطن وسط مخيم جباليا شمال القطاع ، رغم توقعهم استقبال خبر استشهاد ابنهم البكر في اى وقت ، إلا أن الصدمة الحقيقة كان كالصاعقة على رأس والديه وإخوانه .

صدمة نشرت الحزن والبكاء على وجه أسرته وجيرانه على فقدان هذا الشاب الذي يتمتع بأخلاقه الطيبة بين الجميع ، فقد تركهم ورحل بدون وداع قبل سفره وها هو يكرر المشهد برحيله إلى الأبد دون أن تقبله والدته لحظة وفاته .

ونشأ وشح برفقة 7 أشقاء له في أزقة مخيم جباليا حيث كان مواظبا على الصلوات منذ صغره ومتفوقا في دراسته لغاية المرحلة الإعدادية ، ليلتحق فيما بعد لصفوف التنظيمات الفلسطينية التي بدأها بصفوف الجبهة الشعبية لينتقل بعدها لسرايا القدس الجناح العسكري للجهاد الإسلامي ، ثم التحق مع تنظيم السلفية الجهادية وتبوأ منصب رفيع فيها بقيادة العمل العسكري بعد استشهاد احد أقاربه ضمن صفوفها .

وشق طريقه مقاتلا في البلاد التي يتواجد فيها الظلم بعد اقتناعه بضرورة الجهاد في سوريا برفقة أصدقائه وأقاربه الذين سبقوه هناك ، ولم تعرف أسرته عن نيته المفاجئة للسفر ، حيث تلقى والده نافذ وشح اتصالا منه في شهر أغسطس الماضي بضرورة جلب بعض الحاجيات للمنزل ، وتوجه بعدها لمدينة رفح ودخل مصر عبر الأنفاق ليستقر في رفح المصرية ، ليكون ذلك الاتصال الأخير من رقم ابنه

وبعد سؤال والده أفراد الأسرة عن تأخره لم يجيبه احد عن معرفة مكانه ، ليتفاجأ الساعة الحادية عشر ونصف منتصف الليل برسالة على هاتفه الخلوي من رقم ابنه يكتب له " أنا في مدينة الشيخ زويد سأتجه مع رفاقي للجهاد في سوريا ، أرجو منك يا والدي أن تسامحني وتدعو لي " .

كلمات كانت وقعها كزلزال على أبيه الذي لم يقبل ابنه قبل سفره ، حيث كان يمانع فكرة خروجه من قطاع غزة نهائيا ، واضطر أن يسامحه دون أن يراه أمامه ويتقبل الوضع الجديد داخل الأسرة بفقدان ابنه البكر .

وفى محاولة سابقة لوشح بالدخول لمصر عبر الأنفاق القي القبض عليه داخل العريش ، ليتم محاكمته وسجنه شهرين بتهمة دخول مصر بطريقة غير مشروعة ودفعه غرامة "2000 دولار امريكى " وأضاف والده " توجهت لمصر لدفع الغرامة وعدت بابني قبل رحيله الأخير ، وعندما عاد لغزة تعرض للاعتقال على يد جهاز الأمن الداخلي وتعرض للتحقيق بنفس الأسئلة التي طرحت عليه في السجون المصرية عن سبب وطريقة توجهه وأسماء الأشخاص الذين أرسلوه لمصر ليتجه لسوريا بعدها ، وتعرض ابني طوال مدة شهر كامل في السجن للتعذيب اضطررت بعدها لعلاجه شهر كامل لألام في العين والرجلين ، ثم قاموا بمراقبته مدة طويلة ، ثم تلقى اتصالات كثيرة من جهاز المخابرات الاسرائيلى تهدده بالقتل وان مصيره كمصير احد الأقارب الذين اغتالتهم طائرات الاحتلال الاسرائيلى "

وأضاف " توجه ابني لسوريا لعدم رضاه عن الوضع المعيشي والسياسي داخل غزة ، وأقام في مدينة حلب لرغبته في الجهاد ضد الظلم والظالمين تنفيذا لأوامر الشريعة الإسلامية "

وتواصل وشح مع أهله منذ خروجه من غزة قبل تسعة أشهر بشكل متفاوت عبر الفيسبوك على الانترنت ، معربا عن ارتياحه وسعادته في إقامته في مدينة حلب ضمن صفوف الدولة الإسلامية في العراق والشام " داعش " في ظل تطبيق الشريعة الإسلامية هناك ، نافيا لوالده الإشاعات التي تبث عن تنظيم داعش بقطع الرؤوس وقتل الأطفال والنساء ، مؤكدا له أن هناك بعض الأخطاء التي يمرون بها إلا أن معظم الإشاعات التي تبث عنهم غير صحيحة ، حسب إفادة والده .

وأكد وشح لوالده خلال اتصال هاتفي انه القي القبض وقتل عشرات المقاتلين الإيرانيين الذين يقاتلون مع النظام السوري ، حيث اعتبر خطرهم على الإسلام اشد من السوريين .

ورضخ والده للواقع الجديد بفقدان فلذة كبده ، رغم منعه عشرات المرات من السفر خارج القطاع ، إلا انه تمكن هذه المرة من المغادرة دون أن يشعر به احد .

وقد تلقى اتصالا مؤكدا من احد أقاربه المقيمين معه في حلب يفيده بخبر مقتل ابنه في اشتباك على يد قناصة من الجيش السوري ، ويسرح بعيدا وهو ينظر إلى صورة ابنه المعلقة في بيت عزائه مستذكرا لحظاته الجميلة برفقة ابنه ومناكفاته الجهادية .

وأكد والده أن ابنه ذهب لسوريا برفقة مجموعة من الشبان بإيعاز واقتناع من قيادة السلفية الجهادية في قطاع غزة ، حيث خرج من منزله بدون امتلاكه اى مصروف جيب معه ، وتكفلوا بإيصاله لهناك وتنفيذ طلباته .

وبدموع تنساب من والدته " أم وديع " بين الكلمات حزنا على رحيل نجلها التي حلمت ببقائه جانبها وإتمام مراسم زواجه والاحتفال به ، مستذكرة ابتسامته الجميلة وممازحته لها دائما قائلة " منذ رحيله أفكر فيه واشتاق إليه وأتلمس ملابس وحاجياته التي تركها خلفه لاشتم رائحته فيها ، وكان يحث إخوانه على الصلاة دائما ، ولم أتوقع خروجه دون ابلاغى رغم أن الأوضاع السياسية كانت سيئة بإغلاق المعابر "

ورغم معارضتها لانضمامه ل "داعش " رضخت في النهاية لتوجهاته وأفكاره التي حملها عنهم ، حيث مازحته مرارا وتكرارا بضرورة العودة لغزة برفقة عروس من حلب ، حيث كان بالفعل حديثا جادا في الفترة الأخيرة بالعودة لغزة مصطحبا معه زوجة سورية ، مما أعطى الأمل لوالدته بالعودة سالما ، لينتهي حلمها برحيله إلى الأبد تاركا لها بعض الصور المعلقة على جدران المنزل .