"وشم" السيرة الذاتية على الجلد ..أحدث التقليعات

عندما يتم تسريحك من العمل، أهم شيء هو محاولة نسيان الأمر بسرعة. لكن هذا سيكون صعباً جداً بالنسبة لجيل أبرامسون التي أقيلت الأسبوع الماضي من منصبها رئيسة لتحرير صحيفة "نيويورك تايمز"، لأنها تملك جزءاً من شعار الصحيفة موشوماً على ظهرها.

تعتبر كتابة حرف T قوطي أسود على جلدك بالحبر من أكثر الأمور المأساوية التي سمعتُ بها فيما يتعلق بولاء في غير محله لصاحب عمل. حتى إنه أقل قابلية للتفسير من رسم وشم باسم حبيبك الحالي. عندها على الأقل أ) هناك فرصة أن الشخص محور إعجابك سيكون مفتوناً بدلا من كونه مرعوباً. ب) من الممكن على الأقل أن الاثنين قد يظلان معاً إلى الأبد.

في المقابل، القيام بوشم اسم صاحب عملك بشكل ثابت على جلدك لا يبدو منطقياً أبداً. إن مديرك، بدلاً من أن يشعر بالسرور من ذلك، من المرجح أكثر أن يعتقد أن هذا غريب ومخيف. الوظائف لم تعد تدوم إلى الأبد. فكل الوظائف تنتهي؛ وغالباً تنتهي بشكل سيئ.

الحالة الوحيدة الأخرى التي تمكنتُ من العثور عليها حيث الموظفون قاموا بوضع شعار الشركة على أجسامهم، كانت تتعلق بشركة عقارات في نيويورك، هي رابيد رياليتي. أكثر من 70 في المائة من الموظفين أصبحوا الآن ما تسميه الشركة "سفراء وشم العلامة التجارية" بعدما كتبوا الحرفين الأولين من اسمها RR بالحبر على أذرعتهم ورؤوسهم، في حين رسم رجل ضخم البنية صورة كبيرة للواجهة الأمامية لمتجر الشركة على نصف عضلات بطنه المنتفخة.

وتقول الشركة "إن هذا ليس بسر كبير. وكلاؤنا يحبون المكان الذي يعملون فيه (...) ولا يخشون إظهار ذلك". كما لا يعتبر سراً أنه عُرض عليهم زيادة في الراتب مقابل تشويه أنفسهم، الأمر الذي ربما يكون قد أسهم في قرارهم أيضاً. ربما كان ذلك يبدو صفقة جيدة في ذلك الحين، لكن أفترض أنه لن يبدو كذلك بمجرد أن يدركوا أن الوشم دائماً ما يبقى فترة أطول من وظيفة في العقارات - أو في الصحافة.

لكن قبل أن يتم صرفها من العمل، أجرت مع أبرامسون مقابلة صحافية تحدثت فيها على نحو جعل فكرة وشم شعار صاحب عملك بشكل دائم تبدو أقل جنوناً بقليل. قالت "لقد أصبح بالنسبة لي شكلاً غريباً من الهيروغليفية الشخصية. أعتقد أنهم في نهاية المطاف، عندما أنتهي منهم، سيخبرون قصتي، والمكان الذي عشت فيه، وما هي الأشياء التي كانت مهمة بالنسبة لي". حتى الآن، لديها أربعة أوشام، منها اثنان يمثلان "المؤسسة التي احترتمها كثيراً، التي شكّلت شخصيتي". حرف T يمثل التايمز، وحرف H قرمزي يمثل هارفارد.

فجأة بإمكان المرء رؤية استخدام جديد بالكامل للأوشام. باعتبارها أول رئيسة تحرير أنثى في صحيفة "نيويورك تايمز"، لطالما كانت أبرامسون تعتبر شخصاَ يقوم بتحديد الموضات السائدة. لكن هذا الأسلوب الجديد قد يكون أكبر بكثير. مع حرفي H وT فقد جعلت نفسها رائدة عالمية في السير الذاتية التي يمكن ارتداؤها.

ستكون الفكرة هي وشم جسمك بأسماء ترغب كثيراً في ربط نفسك بها. كما ستكون الأوشام نسخة دائمة وأكثر إيلاماً من الشارات التي كان الكشافة يخيطونها على أكمامهم منذ أكثر من مائة عام. فبينما شارات الأولاد تقول "دراسة الحشرات" و"الرماية" و"السلامة من الحريق"، فإن ما تعادلها للبالغين يمكن أن تقول: كامبريدج، وجوجل، وجولدمان ساكس.

الأمر الوحيد الذي أخطأت فيه أبرامسون هو وضع الأوشام على ظهرها، حيث لا يمكن رؤيتها إلا إذا جاءت إلى العمل في ثوب مكشوف الظهر - عادة لا يكون ذلك مظهراً مناسباً لامرأة عاملة في عمر معين. بدلاً من ذلك، كان عليها رسم سيرتها الذاتية التي يمكن ارتداؤها على ذراعها أو يدها - أو حتى على رقبتها أو جبينها. عندها في كل مرة ترغب فيها في لفت الانتباه، ستكون تلك المؤسسات التي شكّلت شخصيتها ظاهرة علناً بكل فخر.

إن فكرة السيرة الذاتية التي يمكن ارتداؤها لا تبدو لي مثيرة للاشمئزاز بصرياً أكثر من أوشام فراشات، أو جماجم، أو أسلاك شائكة - ومفيدة أكثر بكثير. وستكون لها ميزة تحرير الأشخاص من الدخول في محادثات التباهي المملة بشأن الجامعة التي درست فيها، لأن الجميع سيكونون قادرين على رؤية ذلك بأنفسهم. وأيضاً ستعني أنك إذا رصدت شخصاً في حفلة كتب على جلده كثيرا من أسماء المؤسسات، فبإمكانك تحديد ما إذا كنت ترغب في التحدث إليه أو تجاهله - حسب تفضيلاتك.

إذا كانت أبرامسون قد قدمت لنا استخداما واحداً ممتازاً للأوشام في الحياة المهنية، فقد قام أحد مشجعي نادي مانشستر يونايتد لكرة القدم الغليظين بعرض آخر. ففي حين إن أوشام رئيسة التحرير السابقة هي عرض للإنجازات، كانت أوشامه تمثل جانباً مظلماً من دسائس المكاتب. سابقاً في شباط (فبراير)، بعد أن شعر بالاشمئزاز من أداء فريقه، كتب المشجع "اخرج يا مويز!" بالحبر على كافة أنحاء أردافه المشعرّة. وعندما تم صرف سيئ الحظ، ديفيد مويز، من عمله مدربا للفريق الشهر الماضي، عاد المشجع إلى الصالون وأضاف تحتها "انتهت المهمة". والعبرة هي عندما يكون تملق الآخرين غير مطلوب، فإن إظهار عدم الاحترام قد ينجح.

(فايننشال تايمز 2014-05-25)