Date : 22,09,2024, Time : 01:57:51 AM
2878 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الاثنين 19 رجب 1435هـ - 19 مايو 2014م 02:02 ص

تايلاند في انتظار المزيد من المتاعب

تايلاند في انتظار المزيد من المتاعب
د. عبد الله المدني

على الرغم من أن تايلاند شهدت في تاريخها المعاصر الكثير من الهزات في صورة انقلابات عسكرية، ومماحكات سياسية، وقمع للمتظاهرين، وحركات احتجاجات شعبية، فإنه لم يسبق لها أن عانت ما تعانيه اليوم من مستقبل سياسي مجهول وسط انقسام مجتمعي حاد ما بين تيارين.

والمعروف أن أحد التيارين يقوده ذوو القمصان الحمراء من مؤيدي رئيسة الوزراء "إينلوك شيناواترا"، التي قررت المحكمة الدستورية أخيراً بإجماع قضاتها التسعة عزلها مع عدد من وزرائها. أما سبب العزل فنجده في منطوق القرار، وهو قيامه- بُعيد وصولها إلى الحكم في 2011 من خلال انتخابات تشريعية- بمخالفة إحدى مواد الدستور عبر استخدام سلطتها في نقل موظف من موظفي الجهاز المدني- المقصود هنا هو الأمين العام لمجلس الأمن القومي "تاويل بليانسري"- إلى منصب آخر بطريقة تحقق فائدة سياسية لها ولأسرتها ولحزبها السياسي (حزب بويا تاي). وبطبيعة الحال فقد رفضت السيدة شيناواترا هذه التهمة قائلة: "كنت دائما متمسكة بالقانون ولم أتورط قط في قضايا فساد أو محسوبية". أما أنصارها فقد وصفوا القضية بالتافهة، مؤكدين أنها قضية كيدية رفعها ضد شيناواترا بعض خصومها من أعضاء مجلس الشيوخ، علما بأن "بليانسري" أعيد لاحقا إلى منصبه بموجب حكم من المحكمة الإدارية.

أما التيار الآخر فيقوده ذوو القمصان الصفراء ممن يطلقون على أنفسهم "اللجنة الشعبية للإصلاح الديمقراطي. وهؤلاء يعادون "اينلوك شيناواترا" وشقيقها "تاكسين شيناواترا" تايكون المال والأعمال ورئيس الحكومة الأسبق المقيم في المنفى الاختياري، ويزعمون أن صلاح الأمور في البلاد لن يتحقق إلا بتعديلات دستورية تعيق وصول آل شيناواترا وأنصارهم إلى السلطة مجددا، بل يسعون إلى تحقيق تلك التعديلات الدستورية من خلال مجلس شعب غير منتخب، وهو ما يتناقض مع التسمية التي يطلقونها على أنفسهم وهي "أنصار الإصلاح الديمقراطي".

وبحسب قرار المحكمة الدستورية خلف السيدة شيناواترا في منصبها نائبها ووزير التجارة "نيواتومرونغ بونسونغبايسان" على رأس حكومة تصريف أعمال إلى حين إجراء انتخابات تشريعية جديدة في العشرين من يوليو القادم. غير أني أتفق مع الكثير من متابعي الشأن التايلاندي ممن لا يرون في الانتخابات القادمة مخرجا للأزمة. فلو أثمرت الانتخابات عن عودة شيناواترا أو أي من حلفائها السياسيين إلى الحكم، فإن ذوي القمصان الصفراء سيكونون لها بالمرصاد، والعكس صحيح. بل يمكن القول إن طرفي الأزمة يستعدان منذ الآن لمواجهات جديدة ستغرق هذه البلاد في الفوضى وستدمر اقتصادها المزدهر، علما بأن مثل هذه المواجهات بدأت في 2006 إثر إطاحة الجيش بحكومة تاكسين شيناواترا المنتخبة، وخلّفت حتى الآن المئات من القتلى والجرحى، وتسببت في خسائر اقتصادية بمليارات الدولارات ولا سيما في قطاع السياحة الذي يعتبر عمود اقتصاد البلاد.

فبمجرد إذاعة قرار المحكمة الدستورية بعزل رئيسة الحكومة تداعى أنصارها وأنصار شقيقها، وجلهم من الريفيين الذين استفادوا من مشاريع الأخير في المناطق الشمالية النائية، لتنظيم مظاهرات شعبية منددة بقضاة المحكمة الدستورية ومتهمة إياهم باستخدام القضاء للتخلص من السيدة التي لم تستطع المظاهرات الشعبية طيلة ستة أشهر إسقاطها، الأمر الذي رد عليه ذوو القمصان الصفراء، وجلهم من سكان المدن ومن الطبقة الوسطى المتعلمة أو من الجنوبيين المؤيدين للملكية بقوة، بالقول إنهم سيقدّمون موعد مظاهرات كان قد سبق لهم الاتفاق عليها، بل قام هؤلاء فعلا ــ أثناء كتابة هذا المقال ــ بتأزيم المشهد عبر التظاهر واحتلال مقار الدولة.

والحقيقة أن قرار المحكمة الدستورية قد خيب آمال ذوي القمصان الصفراء، وإنْ منحهم نصرا رمزيا! فهو لئن عزل رئيسة الوزراء من منصبها، فإنه أبقى حكومتها في السلطة لتدير البلاد لفترة انتقالية، بينما كان هؤلاء يمنون النفس بطرد الحكومة بأكملها وإحلال حكومة جديدة مكانها قادرة على إجراء إصلاحات دستورية قبل موعد الانتخابات القادمة، بحيث تطهر تلك الإصلاحات الحياة السياسية من آل شيناواترا.

على أن أعداء وخصوم آل شيناواترا لا تزال أمامهم فرصة لتحقيق أحلامهم! حيث إن "اينلوك شيناواترا" عليها أن تخوض بعد عزلها معركة قانونية طويلة أمام مفوضية مكافحة الفساد التي تنظر في قضية أخرى منفصلة مرفوعة ضدها تتعلق بإهدارها لبلايين الدولارات من أموال الدولة في مشروع لدعم زراعة الأرز كنتيجة للإهمال وسوء التصرف. فإذا ما فشلت في كسب هذه القضية فإنه قد يصدر حكم ضدها بمنعها من المشاركة في الحياة السياسية لمدة خمس سنوات، وهذا ما يتمناه خصومها كيلا تــُقــْدم على الترشح في انتخابات يوليو المقبلة.

إن الكثير من الانتقادات وجهت في وسائل الإعلام التايلاندية المتمتعة بهامش واسع من الحريات لقرار المحكمة الدستورية آنف الذكر، حيث اتهمها البعض بالتسرع في إصدار حكمها ضد رئيسة الوزراء وكأنها تحابي خصومها، خصوصا أن لهذه المحكمة سوابق كثيرة لجهة الانحياز ضد آل شيناواترا. ففي 2008 مثلا أصدرت المحكمة نفسها حكمين ضد رئيسين من رؤساء الحكومات الحليفة لـ "تاكسين شيناواترا". وفي شهر مارس الماضي أبطلت المحكمة ذاتها نتائج انتخابات الثاني من شباط (فبراير) 2014 متضامنة بذلك مع الذين مارسوا الشغب في الشارع من أجل إعاقة تلك الانتخابات، الأمر الذي جعل البلاد تعيش حالة فراغ تشريعي.

ونختتم بتسليط بعض الأضواء على السيدة شيناواترا التي دخلت تاريخ بلادها كأول امرأة تتولى رئاسة الحكومة، وبيان إنجازاتها وإخفاقاتها.

كتب الكثيرون يوم أن فازت شيناواترا (46 عاما) في انتخابات 2011 قائلين إنها لا تتمتع بأي خبرة تؤهلها لقيادة البلاد، وأن مجيئها ليس سوى تمهيد لعودة شقيقها إلى السلطة. وأضاف آخرون أنه حتى لو لم يتمكن شقيقها من العودة من منفاه الاختياري، فإنها ستكون دمية في يديه يحركها من على بعد لتنفيذ مآربه.

غير أن هذه السيدة الجميلة والأنيقة والثرية والمؤهلة تأهيلا أكاديميا عاليا ــ حاصلة على شهادتي البكالوريوس والماجستير في العلوم السياسية وإدارة الأعمال من جامعة كنتكي الأمريكية ــ وصاحبة الخبرة العملية في إدارة مؤسسات عائلتها الضخمة العاملة في مجال الاتصالات والتطوير العقاري، استطاعت أن تثبت خلاف ما قيل عنها. فطوال أكثر من سنتين من حكمها تمتعت تايلاند باستقرار نسبي معطوف على حالة من الانتعاش الاقتصادي. غير أن مشكلتها الرئيسة تمثلت حصريا في حقيقة كونها شقيقة لرئيس وزراء هارب مغضوب عليه جماهيريا في نصف أقاليم البلاد على الأقل، الأمر الذي وضع كل تصرفاتها وخطواتها تحت المجهر الشعبي. فلولا هذا الأخير وهروبه من البلاد لما فكرت اينلوك شيناواترا يوما أن تدخل عوالم السياسة ودهاليزها القاتمة.

أما غلطتها القاتلة، التي فجرت الشارع التايلاندي شغبا ومظاهرات وصدامات، فقد تمثلت في مشروع تقدمت به للبرلمان في تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 للعفو السياسي، حيث رأى الكثيرون من خصومها في هذا المشروع توطئة لإسقاط كل الأحكام القضائية الصادرة ضد شقيقها، وبما يمهد السبيل أمامه للعودة من منفاه دون أن يـُمس أو يـُعاقب، بل بما يمهد الدروب له للعودة إلى السلطة مجددا.

( الاقتصادية 19/5/2014 )




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد