السفير اللبنانية : لبنان في مواجهة الفتنة .. مجدداً
أطل شبح الفتنة مجددا أمس، عبر الاعتداء الآثم الذي تعرض له الشيخان من دار الفتوى مازن حريري وأحمد فخران في الخندق الغميق، والشيخان حسن عبد الرحمن وعدنان أمامة في الشياح، من قبل بعض الشبان الموتورين، الأمر الذي أدى الى توترات في الشارع، كادت تتطور الى ما هو أسوأ وأخطر، لولا مسارعة الجيش اللبناني الى توقيف خمسة متورطين في الاعتداءين، وسط استنكار سياسي شامل لهذا الاعتداء الذي مسّ كل لبناني شريف، بمعزل عن انتمائه المذهبي.
وبرغم عدم وجود أي تغطية سياسية للفاعلين، إلا ان تزامن الحادثتين في يوم واحد، وفي ظروف متشابهة، يدفع الى التساؤل عما إذا كان هناك رابط بينهما، وهل ثمة أصابع مشبوهة تقف خلفهما لإثارة الفتنة والفوضى، علماً أن المطلوب في كل الحالات إنزال اشد العقوبات بالمرتكبين وعدم التهاون في محاسبتهم، لأن ما فعلوه كاد يشعل حريقاً كبيراً في البلد.
وما حصل هو جرس إنذار مدوٍ يؤشر الى التداعيات الخطيرة للمناخ الداخلي المحتقن وللخطاب السياسي والمذهبي المشحون، الأمر الذي يستوجب مراجعة شاملة من كل الأفرقاء لحساباتهم وأدبياتهم، قبل وقوع المحظور وفوات الأوان.
وإزاء فداحة الاعتداء وجسامته،
سارعت كل الأطراف السياسية الى إدانته، وفي طليعتها «حركة أمل» و«حزب الله» اللذان استنكرا بشدة التعرض للمشايخ ووضعا الاعتداء في خانة السعي الى إثارة الفتنة، علماً أنهما ساهما في المساعدة على اعتقال الفاعلين الخمسة، فيما ندد مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني بالاعتداء، وناشد الجميع ضبط النفس والتزام الهدوء.
وإثر التعرض للمشايخ، قطع شبان غاضبون العديد من الطرقات في بيروت والمناطق بالإطارات المشتعلة، فيما عزز الجيش انتشاره الميداني وظل يعمل حتى ساعة متأخرة من الليل على فتح الطرقات المقطوعة.
طرابلس تغلي
على خط مواز، تلاحقت في طرابلس إشارات الفلتان الأمني التي تنذر بهبوب عاصفة على المدينة، في ظل تحكم المجموعات المسلحة بالأرض. وسجلت خلال الساعات الـ 48 الماضية حوادث متلاحقة على محور التبانة وجبل محسن، من تبادل للقنص، وتصاعد الاعتداءات على المواطنين تبعاً لانتماءاتهم المذهبية، وإطلاق خمس قنابل يدوية في أماكن متفرقة، الى جانب سقوط قذيفة «إنيرغا» على أحد المنازل في الجبل لم تسفر عن إصابات.
وقد استقدم الجيش اللبناني تعزيزات إضافية الى المنطقة، وسيّر دورياته في مختلف أرجاء طرابلس، وتحديداً على خطوط التماس.
الدولة مسافرة
وتعكس الفوضى الأمنية المتنقلة الحاجة الملحة الى ان تحزم الدولة أمرها، لمرة نهائية، وأن تتعامل بحزم مع الحالات النافرة، بعد منح الأجهزة العسكرية والأمنية القرار السياسي الحقيقي، لا الشكلي.
لكن، وفيما كانت الحوادث الخطيرة تتنقل بين المناطق، كان الرؤساء يتوزعون على الخارج، بين أفريقيا التي يزورها الرئيس ميشال سليمان، والفاتيكان التي انتقل اليها الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي، للمشاركة في حفل تنصيب البابا الجديد.
لقاء روما
وكانت تعقيدات قانون الانتخاب محور نقاش خلال الاجتماع الذي استضافه مقر إقامة البطريرك الماروني في المدرسة المارونية في روما أمس، بحضور الكاردينال بشارة بطرس الراعي والرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ووزير البيئة ناظم الخوري وسفير لبنان في الفاتيكان جورج خوري.
وقال بري بعد اللقاء: كما صعد الدخان الأبيض من هذا البلد، نأمل إن شاء الله ان يكون دعاء من البطريرك ومسعى من قبله لمساعدتنا على أن يصعد الدخان الأبيض في ما يتعلق بمشكلاتنا، خصوصاً في موضوع قانون الانتخاب.
وأشار الى أن المشروع المختلط هو في الأساس»اقتراح تقدمتُ به الى اللجنة الفرعية، وعندما لاحظتُ وجود اعتراض من شتى الأطراف سحبته، ولننتظر أن يأتينا أي مشروع توافقي من أي فريق من اللبنانيين وأنا معه».
وأكد أنه يؤيد كل اتفاق، على قاعدة أن «أسوأ قانون يتوافق عليه اللبنانيون هو أفضل من أي قانون آخر».
أما ميقاتي، فأكد أنه باق على رأس الحكومة، وقال تعليقاً على المعلومات التي أفادت أن جلسة مجلس الوزراء في 21 آذار ستكون الأخيرة: هذا الكلام نسمعه منذ اليوم الأول لتشكيل الحكومة، والبعض يراهن على هذا الأمر دائماً. لنكن متفائلين وليست هناك استقالة للحكومة.
سليمان يرد على كونيلي
ومن نيجيريا، رد رئيس الجمهورية ميشال سليمان على الموقف الأميركي من الانتخابات النيابية، حيث قال في لقاء مع أبناء الجالية اللبنانية، مساء أمس: سمعنا من بعض السفراء (مورا كونيلي) أن على لبنان إجراء انتخابات وفق «قانون الستين». لا أحد له الحق في التدخل وإعطاء رأيه لأي دولة في كيفية إجراء انتخاباتها او كيف تقرر شؤونها، فهذه المسألة سيادية لبنانية».
مجلس الوزراء
ويبدو أن جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل، ستكون مفصلية، بالنسبة الى مصير هيئة الإشراف على الانتخابات التي يمكن أن تشكل جهاز التنفس الاصطناعي الوحيد لـ«قانون الستين».
وقالت أوساط قيادية في الأكثرية لـ«السفير» إن جلسة مجلس الوزراء المقبلة، ستشهد مواجهة مع الرئيس ميشال سليمان، إذا طلب التصويت على موضوع تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات.
وأشارت الأوساط الى أن قرار التصويت ضد تشكيل الهيئة وبالتالي إسقاطها في مجلس الوزراء هو قرار نهائي لا رجوع عنه، مهما كانت كلفته السياسية، حتى لو هدد رئيس الجمهورية بتعليق ترؤسه لجلسات مجلس الوزراء او بسحب وزرائه من الحكومة، لافتة الانتباه الى أنه إذا وجدت الأكثرية نفسها أمام محك الاختيار بين احتمال فرض أمر واقع انتخابي عليها عبر استحضار إجراءات «قانون الستين»، وبين التصدي لهذا الخطر ولو أدى ذلك الى أزمة حكومية، فإنها لن تتردد في اعتماد الخيار الثاني.
جنبلاط مع «الهيئة»
في المقابل، قال النائب وليد جنبلاط لـ«السفير» إن وزراءه سيصوتون مع تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات، معتبراً أن قرار بعض مكونات الحكومة بالوقوف ضدها يخالف الأصول، لأن «قانون الستين» لا يزال موجوداً، وهو يبقى ساري المفعول بكل حيثياته، الى أن نتوافق على قانون جديد.
وإذ اعتبر أن تأليف الهيئة هو إجراء روتيني - إداري لا مفر منه، لفت الانتباه الى أن «قانون الستين» من صنيعة مجلس النواب، والمجلس وحده يستطيع أن يلغيه، وليس الوزراء في الحكومة.
( المصدر : السفير اللبنانية )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews