الليلة الكبيرة
من الصعب على أي شخص شهِدَ افتتاح مدينة الملك عبدالله الرياضية ونهائي كأس الملك ألّا يتوقف طويلاً عند ذلك الصرح المعماري الرائع الذي تستحقه مدينة جدة بكل تأكيد، وكما يقولون أن تصل متأخراً خير من ألّا تصل. ولطالما طالبنا بأن يكون لهذه المدينة ملعب يتسع لعشاق كرة القدم فيها، وبخاصة بوجود ناديين عملاقين هما الاتحاد والأهلي، وأعتقد أن الملعب لو كان بسعة خمسة وسبعين ألف متفرج فإنه سيمتلئ بالتأكيد في المباريات المهمة، ومع هذا تبدو سعته الحالية واقعية جداً لأننا في بعض الدول نرى ملاعب عملاقة، ولكن بمدرجات خالية أو شبه خالية، ولعل السلبية الوحيدة (والمهمة جداً) هي أرضية الملعب التي فاجأت الجميع، حتى قلنا: «صحيح الحلو ما بيكلمش»! إضافة إلى مسألة التذاكر التي كادت تعكر فخامة المناسبة وضخامة الاحتفالية، وبخاصة في الأوبريت الغنائي والألعاب النارية وتكنولوجيا الأضواء المبهرة .
في تلك الليلة كان لحضور خادم الحرمين الشريفين وقعه الطاغي على ماعداه، وكانت ابتسامته تضفي على الاحتفال ألقاً خاصاً، فبدت تفاصيل المباراة وأحداثها ثانوية، وهي مناسبة لأن نهنئ الشباب ونبارك له فوزه الكبير والثقيل على الأهلي المتخصص في هذه البطولة تحديداً، ولكنه بدا ظلاً باهتاً للأهلي الذي نعرفه، ولم يترك أية بصمة تذكر في أول نهائي في الجوهرة المشعة.
وفي زحمة تلك الليلة كان هناك اسم عربي صنع التاريخ ثم رحل من بعدها وسط مئة ألف علامة استفهام، وأقصد التونسي عمار السويح الذي تسلم الشباب في وضع لم يكن يُحسد عليه، وحقق معه نتائج باهرة آسيوياً ومحلياً توّجها بأغلى الألقاب، ثم سمعنا أنه سيرحل عن الليث كما رحل قبله الأوروغوياني كارينيو وسط حيرة النصراويين الذين لم يكادوا يفرحوا بالتتويج بلقبي الدوري وكأس ولي العهد حتى فاجأهم الرحيل، على رغم أن النجم محمد السهلاوي وقبل ثلاثة أسابيع من رحيل كارينيو قال لي في «صدى الملاعب» إنه يتمنى بقاء كارينيو، ولكنه يتوقع رحيله..
أي أن مسألة الرحيل كانت أكثر من مؤكدة ولم تكن مجرد إشاعات، ولكن الصادم للجمهور كان تعيين كانيدا مدرب الاتحاد السابق، الذي خرج من الباب الضيق بعدما دخل في متاهات القيل والقال والتغريد والتغريد المضاد ثم نفى ما غرد به، وشعرت من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أن الارتياح لم يكن عارماً، وإن كان عشق النصر فرض على المشجعين عدم استباق الأمور وانتظار ما سيقدمه كانيدا للنصر الذي فقد عبده عطيف وكسب أحمد الفريدي وسط جدل في ما الذي سيقدمه الفريدي للعالمي وهو الذي كان احتياطا معظم وقته في الاتحاد.
في كل الأحوال أنا شخصياً أحب ألّا أستبق الحكم على الأمور، وكما يقول إخوتنا المصريون «يا خبر بفلوس.. بكرة يبقى ببلاش».
( الحياة اللندنية 5/5/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews