أمهات عربيّات... لا للحديث بالعربية مع أولادنا!
مع الانتشار الواسع للمدارس الأجنبية في بلادنا وإقبال الكثير من الآباء والأمهات على إلحاق أولادهم بها، إضافة لزيادة الطلب على من يتقنون اللغة الإنجليزية في مجال العمل والوظائف، أصبح من الشائع بمكان أن يسعى الأهل لأن يصبح ابنهم أو ابنتهم ضليعًا في اللغة الإنجليزية لضمان مستقبلهم على حد قول الكثير من الأهل. ولكن، حين نفاجأ بأم تخاطب ابنتها الصغيرة بالقول: "أوه ماما، Don't be Selfish!" (بالعربية: لا تكوني أنانية يا ماما) في مكان عام، فهل يكون هذا الخيار هو الأفضل فعلًا؟.
حملنا في "سيدتي نت" هذا السؤال لعدة أمهات، حيث طلبنا منهن أن يشاركننا بآرائهن حول اللغة التي يفضلن الحديث بها مع أولادهن داخل المنزل وخارجه. "إسراء"، أجابت بأنها "تكتفي باللغة العربية فقط" وتؤيدها في ذلك "أم ياسمين"، التي أضافت بأن اللغة العربية هي وحدها ما "يفش الغل" عند محاولة التخاطب بجدية مع الأبناء.
أما "أم سلمان"، فعلقت بأن تركيزها كان مقتصرًا فقط على اللغة العربية إلى أن انتبهت إلى تفوق الأولاد الذين تخاطبهم أمهاتهم بالإنجليزية عن أقرانهم، مما هداها إلى تخصيص ساعة في اليوم فقط للحديث مع أولادها باللغة الإنجليزية بهدف تقويتهم. وتشارك "أم سلمان" تجربتها الخاصة التي اهتدت فيها إلى أنه من الأفضل أن تتم مخاطبة الطفل بجمل كاملة سواء أكانت باللغتين العربية أو الإنجليزية، حتى يصل المعنى إليهم كاملا غير منقوص.
وتختلف تجربة "أم عمر" في هذا الشأن من حيث كونها تعيش مع عائلتها في دولة أجنبية. تقول "أم عمر" بأنها اضطرت أن تسمح لابنها بالحديث باللغتين في المنزل ذلك لأن تركيزها على العربية فقط سبب له نوعًا من التردد والخجل في الحديث مع الأجانب، مما لفت انتباهها إلى ضرورة التركيز على اللغتين بنفس الدرجة.
"أم سارة" التي تعيش في دولة الإمارات التي تعد مستقرًا لجنسيات عدة من أماكن مختلفة من العالم، عبرت عن رغبتها في أن تتعلم ابنتها الصغيرة الحديث باللغتين العربية والإنجليزية حتى تتمكن من التواصل مع مختلف الجنسيات المتواجدة بالدولة.
ومن ناحيتها، لا تحبذ "أم حسن" استخدام الإنجليزية للتواصل خارج المنزل، إلا أنها لا ترفض استخدامها داخله لتقوية مهارات اللغة عند الأولاد.
توجهت بالسؤال لمحمد زيدان، وهو باحث ومترجم أردني مقيم في إسطنبول، فكان أن أجاب:
" تعليم الأولاد لغة أجنبية ليست أمرًا خطيرًا في ذاته كما يذهب البعض، خاصّة من المتحمّسين للدفاع عن العربية، وإنما الخطر يكمن في البيت في طبيعة الحال، هذا إن افترضنا أنّ المدرسة التي يذهب إليها الولد أو البنت مدرسة تدرّس اللغة الأجنبية بشكل ممتاز".
ويتابع زيدان: "أودّ أن أشير إلى أنّ الضعف الحاصل في اللغة العربية ليس مرتبطًا بتعلّم اللغة الأجنبية، فالطفل قادر على اكتساب لغتين وأكثر في آنٍ معًا، بل وتشير بعض الدراسات إلى أن ذكاء الطفل الذي يكتسب أكثر من لغةٍ في طفولته أعلى من سواه. إن الضعف في اللغة العربية مرتبط بعدم وجود تعليمٍ جيّد بالعربية الفصيحة في مدارسنا، الحكومية منها بالأخصّ، لأني اطّلعت مثلًا على تجارب بعض المدارس الخاصّة في عمّان التي تركّز بشكل كبير على تعليم العربية الفصيحة واستخدامها وسيلة للتواصل في الحصص العربيّة. فحينما نذهب إلى قسمٍ للغة العربية في جامعة من جامعاتنا، قلّما نجد عددًا كافيًا من الطلاب القادرين على استخدام الفصيحة، وهذا ينعكس بلا شكّ على التعليم الموجود في مدارسنا"، ليختتم "زيدان" محذرًا:"فإن اجتمع على الطالب غياب العربيّة في البيت وفي المدرسة في آن معًا، فهذه هي الطامّة الكبرى التي تؤذن بضياع لغتنا بعد جيلين أو ثلاثة أجيال".
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews