حلاوة الروح
في دورة المعلقين الرياضين التي شهدتها العاصمة البحرينية المنامة، كان المشهد جميلاً، أن نرى أعداداً كبيرة من أبناء الخليج يحضرون على غير العادة، لمعرفة الثقافة الجديدة لمنظومة الإعلام الرياضي، فقد كانت القاعات بها أعداد لا بأس بها.
حيث أقيمت ثلاث ندوات في توقيت واحد، خلال الملتقى الخليجي للإعلام الرياضي الثالث، والذي نظم وأقيم بإشراف الاتحاد الخليجي للإعلام الرياضي، وشهدت المحاضرات إقبالاً كبيراً، خصوصاً في دورة المعلقين، على اعتبار أن التعليق اليوم فن وعلم ووظيفة وراتب مغر.
فقد أصبح هدفاً لكل الشباب، بعد أن تعددت الأوصاف والأساليب، وأصبح لدينا أكثر من موهبة، هناك من يقلد حتى (الكحة)، وهناك من يصنع لنفسه شخصية، فأصبح الملعق اليوم غير الأمس، فجيل اليوم يتمتع بخاصية لم تكن متاحة «زمان».
فالمعلومة تصله في ثانية، وبسبب التقنية الحديثة المتطورة التي حولت العالم إلى كف واحد، وهناك من تجده يغني ويقول الشعر ويترك المباراة ويقوم بتمجيد ومجاملة الإداريين على حساب المباراة، وهذا النوع من التعليق، أصبح سهلاً للبعض، بل أصبح هواية لمن ليس له هواية، فتجد الصراخ منذ الوهلة الأولى حتى نهاية المباراة وحتى لو كانت المباراة مملة وفي طريقها للتعادل السلبي.
وقديماً أيام الملعق المرحوم الفلسطيني الأصل البريطاني الجنسية أكرم صالح، كان يركز على كلمة «من حلاوة الروح»، ويرددها دائماً في معظم المباريات، وبالأخص العالمية منها، لقد كان قمة في التعليق الكروي، وبرحيل هؤلاء العمالقة، افتقدنا شيئاً من حلاوة الروح في التعليق، إلا من بعض من دخلوا القلوب والآذان، ولهم تجربة جميلة من حيث الحضور والتوقيت المناسب للمعلومة وارتباط الناس بهم.
ونعود لكلمة (حلاوة الروح) أي روح الجماهير، وهي التي تتنفس بها ملاعب كرة القدم، وليس حلاوة روح هيفاء وفيلمها الشهير الممنوع بقرار من أعلى الجهات في عدد من الدول العربية، إذاً، حلاوة الروح هي أن تستمع إلى المعلق الذي يقدم لك كلمة هادفة مع الصورة التي تتناسب والمشهد.
وأنا في الحقيقة استمتع عند سماع المعلق التونسي الناجح عصام الشوالي، وبالمناسبة هو رجل متواضع يحترم الجميع، وحضر خصيصاً إلى البحرين، وبعد المحاضرة طار مباشرة إلى الدوحة، للتعليق على مباريات أبطال أوروبا، وقدم لنا تجربته في التعليق، بعد أن أصبح اليوم نجماً كبيراً في عالم التعليق، ونتذكر هنا في الإمارات كيف بدأنا التعليق في مستهل المشوار من مباريات الصفوف في المدارس، أيام كانت لدينا حصص رياضية صحيحة، ليست استعراضية نقدمها أمام كبار المسؤولين وبس!
فقد كان للأجواء التنافسية بين المدارس شكل، وكان لنا منتخبات قوية تمثلنا في الدورات العربية المدرسية، عندما كانت هناك رياضة مدرسية عربية، وأما اليوم فحدث ولا حرج، فالمعلم زمان كان بمثابة المدرس والأخ والمربي الفاضل، واليوم أصبح (مغلوباً على أمره) مقهوراً من التلاميذ، بعد أن تغيرت المفاهيم وصرنا في زمن «الفهلوة والهمبكة»! والمقارنة الآن ظالمة، واستكمالاً للتعليق.
فقد علمنا المدرسون المصريون الأوائل أصول التعليق في المنطقة، واستفدنا الكثير من أبناء مصر الحبيبة، عندما بدأنا في التعرف إلى فن التعليق، وأتحدث كتجربة شخصية في الإمارات، كانت البداية من ملعب نادي الخليج، مقر نادي ضباط الشرطة الحالي بالشارقة، ومن فوق السطح، حيث يقوم المعلق بالتعليق على الهواء مباشرة عبر الإذاعة التي كانت منبراً ثقافياً اجتماعياً، واليوم برامجنا الرياضية الإذاعية تحولت إلى سوق سمك.. والله من وراء القصد.
(المصدر : البيان 2014-04-30)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews