ترامب وجونسون وبيرلسكوني.. ثلاثة مهرجين خلفوا وراءهم إرثا سيئا للعالم
نشرت صحيفة “الغارديان” مقال رأي لسايمون تيسدال، قال فيه إن وقت دونالد ترامب وبوريس جونسون وسيلفيو بيرلسكوني انتهى، لكن الضرر الذي تسببوا به لا يزال حيا. وقال إن المضحكين أو المهرجين الثلاثة، هم نجوم اليمين الشعبوي.
وتساءل تيسدال عما يجمع ترامب وجونسون وبيرلسكوني؟ وقد يبدو هذا السؤال نكتة، ولكن الجواب هو أن كلا منهم لديه غرور كبير وحب للمال وميل عظيم للكذب، ولا يمكن الثقة بهم، ويلاحقون النساء، ولهم علاقات مع شخصيات مشبوهة، ويتلاعبون بالإعلام، وقد اشتركوا في كل هذا، في الحياة والموت. كما تميز الثلاثة بالانتهازية وتلاعبوا باليمين الشعبوي المتطرف، المتبّل ببهار الفخر والسحر الفج، من أجل إدهاش من يريدون أصواتهم، وهو ما ينجحون فيه دائما.
وقال الكاتب إن المهرجين الثلاثة كانوا في مركز عناوين الأخبار الأسبوع الماضي ولكن لأسباب مختلفة. فقد وصلوا مرحلة الحساب، أيا كان الوصف الذي تختاره، فقد تم توجيه اتهامات جنائية لترامب في محكمة فدرالية، وهرب جونسون للتلال، إلى بلدة تشيتلرنز بدلا من مواجهة تحقيق “بارتي غيت”. أما الزعيم الشعبوي المثير للانقسام في إيطاليا، وظن أنه مخلد، فقد ذهب إلى خالقه.
ويشير الكاتب إلى أن لفت الانتباه هي ميزة أخرى مشتركة بينهم، ولكن ترامب كان مذعنا عندما وقف أمام محكمة ميامي، لكنه انتعش عندما خرج ووجد المهووسين بشعار “ماغا” أو لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى، والحاملين شعارات الإنجيل والمعجبين به والمداهنين له في عيد ميلاده السابع والسبعين.
ويشعر ترامب بالحياة عندما يكون في مركز الانتباه وتحت الأضواء الساطعة. وفي قلبه رجل استعراض، وطفل يرغب أن تشاهده أمه وبالطبع العالم، ويريد القول: “هاي، ماما، شوفي شو عملت”، وهو ما أطلقت عليه مارغريت تاتشر “أوكسجين الدعاية” وبدونه يشعر ترامب بالاختناق.
ونفس الشيء مع جونسون. فكما تم تذكير البرلمان الأسبوع الماضي، لم يكن هناك شيء يمنعه من عمل أي شيء أو خيانة أي شخص، والحنث بالوعد لكي يسرق لحظة في عناوين الأخبار.
وكان هذا ما حصل لبرليسكوني الذي حدق من كفنه لمراقبة الجنازة الرسمية التي نظمتها الدولة له.
وتظل موضوعات مثل سقوط الأبطال والأشرار والإطاحة بالملوك والطغاة، معروفة منذ القدم، وهي تمثيليات مسرحية دائمة، وما عليك إلا أن تفكر بالملك لير، وشاه إيران، والرئيس الروماني نيكولاي شاوشسكو، ومارغريت تاتشر أيضا.
ولهذا السبب، يعتبر ترامب وشلته، نجاحا في شبابيك التذاكر، وتبيع الصحف نسخا منها، وتجذب إليها تعليقات القراء وتعزز من الشعبية.
وللأسف، فإن إسقاط ترامب وجونسون من علٍ لن يكون دائما، فكلاهما يتآمر للعودة المجيدة. والمشكلة الكبرى والمستمرة وتحول الجدّي إلى هذر، هي أنها تحرف النظر عما يحدث للناس الحقيقيين في العالم الحقيقي. وهي معضلة معروفة لمحرري الأخبار المختلفين والمستهلكين على حد سواء.
خذ الحرب في السودان مثلا، ففي الوقت الذي كان فيه ترامب يتحدث غاضبا عن عدم الإنصاف، وجونسون يتذمر من رفاقه، كان المئات من الخائفين، والأطفال الهاربين لوحدهم يتدفقون نحو تشاد، ضحايا كارثة إقليمية مستمرة. وكان السودان في قلب الأخبار قبل عدة أسابيع عندما عملت بريطانيا والدول المحظوظة الأخرى على إجلاء رعاياها. ولكن الحكومات الغربية نسيته الآن وبالكامل، مع أن الحرب في تصاعد.
وأعداد اللاجئين مثيرة للصدمة، فقد قدرت الأمم المتحدة أن حوالي 47 ألف شخص فروا من السودان منذ نيسان/ أبريل، وأصبح حوالي 1.4 مليونا مهجرين داخل وطنهم، وهناك حوالي 25 مليون شخص بحاجة للمساعدة العاجلة. وصار انفجار السودان حقيقيا، ويتردد صداه في شمال أفريقيا حيث تحطمت الدول مثل الصومال وليبيا ودول الساحل والصحراء كلها تتمايل نحو التفكك، أبعد من حدودها.
وحذرت منظمة الأزمات الدولية قبل فترة، من أن “اندلاع القتال في السودان يجب أن يعطي قادة العالم لحظة للتفكير، فهو يهدد بأنه واحدة من الحروب الأخيرة المدمرة التي شهدتها أفريقيا، الشرق الأوسط وجنوب آسيا، وتفتح الباب أمام عصر من عدم الاستقرار”. و”هذا لأن النزاعات شردت الناس (100 مليون شخص) أو أنهم بحاجة للمساعدة (399 مليون نسمة) أكثر من أي مرحلة منذ الحرب العالمية الثانية”.
وما لا يمكن الفرار منه، حقيقةُ أن الدول الفقيرة كانت الخاسر الأكبر من مجموعة عوامل: الوباء والحرب في أوكرانيا والحملات النارية المعادية من الغرب.
ويقول البنك الدولي إن أهداف محاربة الفقر لن يتم الوفاء بها. ولأن منظور تدفق المهاجرين بدا واضحا في مأساة البحر الأبيض المتوسط في اليونان، مما يعني أن على بريطانيا أن تتعامل مع أصل المشكلة في أفريقيا والمساعدة في حلها.
ويقول الكاتب إن خسارة أكبر قارة في العالم للتأثير الروسي والصيني، يجب أن يكون مثارا لقلق الولايات المتحدة، إلا أن الشعبويين مثل جونسون وترامب لا يبالون، فهم يعيشون في واقع بديل ومضيء، ودراما الأضواء حيث يلعب الإعلام، وللأسف دورا في هذا.
ولا يمكن قياس الضرر الذي حدث بسبب الأكاذيب التي قالها هؤلاء “القادة” والوعود التي حنثوا بها، بل لأن المثال السيئ الذي وضعوه بات محل تقليد حول العالم، ودمر مستقبل الملايين.
ففي كل مرة يضع ترامب نفسه فوق القانون، يصفق ديكتاتور في أفريقيا وآسيا. وفي كل مرة يشوّه فيها جونسون الحقيقة، يهرب الجناة من أعمالهم القذرة.
وجونسون وترامب وبيرلسكوني هم دجالون يحبون الأضواء، وقاموا باختطاف الأجندة، وكتب عنهم الصحافيون، وقرأ القراء ما يُكتب، ولكن القصة الحقيقية: هؤلاء الرجال هم أخبار سيئة لكل شخص ولكل مكان، بحسب رأي الكاتب.
الغارديان
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews