بعد التحقيق: إسرائيل تنحي قائد اللواء وتسأل: كيف لجندي مصري أن يعلم بالثغرة ويجتاز المسار وحيداً؟
الحادث الخطير الذي جرى على الحدود المصرية والذي قتل فيه شرطي مصري وجندية وجنديان من الجيش الإسرائيلي، أدى إلى سلسلة واسعة من الخطوات الإدارية في الجيش. رئيس الأركان هرتسي هليفي التحقيقات التي استكملت بسرعة كبيرة بعد 9 أيام على الحادث. وفي أعقابها تقرر عزل قائد اللواء الذي كان مسؤولاً عن القطاع وتوبيخ قائد الفرقة وقائد كتيبة برديلاس وتأخير ترقيته لمدة خمس سنوات.
رغم الخطوات القاسية نسبياً، يبدو أن رئيس الأركان يحاول ألا يلقي الطفل مع ماء الاستحمام. يعتمد الجيش على كتائب سلاح المشاة المختلطة، والتي تخدم فيها مجندات أكثر من مجندين من أجل تفريغ ألوية سلاح المشاة والمدرعات للتدريبات ولنشاطات عملياتية في ساحات أكثر اشتعالاً. ربما خاف الجيش من أن عملية قطع رؤوس كبيرة جداً سوف يضر بالدافعية نحو الخدمة في الكتائب المختلطة، ومع الوقت سيصعب الحصول على موافقة ضباط وضابطات للخدمة فيها كخدمة دائمة. إزاء هذه المقاربة، يبدو أن قائد الكتيبة نجا من العزل، والذي ربما كان ضرورياً في مثل هذه الظروف.
واهتم هليفي أيضاً بأن يثني على من يخدمنا ويخدمون في هذه الكتائب، كجزء من محاولة صد لنقد المرفوض من اليمين، والذي حاول أن يلقي إخفاقات الحادث على الخدمة المشتركة للرجال والنساء. تخدم في الجيش الإسرائيلي حوالي 7 آلاف مجندة. وبدونهن، لا يستطيع الجيش إنهاء مهامه العملية، ولكن كيف تفسر هذا لمجموعة “من يعرفون كل شيء” من القناة 14.
تحقيقات القيادة الجنوبية، وكما عرضت اليوم على وسائل الإعلام، كشفت سلسلة من العيوب والأخطاء القاسية التي أدت للنتيجة المفزعة. لا يدور الحديث هنا عن خطأ واحد، أو عن سوء حظ للقوات في معالجة اختراق مسلح واحد، بل كان خطأ فكرياً في الدفاع عن الحدود، الطويلة والهادئة نسبياً، والتي جاء منها جزء من الأخطاء الأخرى.
مجموعة جزئية للأخطاء التي اكتشفت: الجنود في المواقع على طول الحدود حرسوا في ورديات، كل واحدة 12 ساعة، والتي يصعب فيها المحافظة على استعداد ويقظة عملية، وتم وضعهم في أزواج طوال الليل ـ على الرغم من أن توجيهات الفرقة حددت بأن الورديات يجب أن تكون أقصر، يجب أن يشارك في وردية الحراسة 4 ليلاً 4؛ فقد تجاوز قائد الكتيبة التوجيهات على عاتقه دون أن يحسب حساب المستويات التي فوقه. لم يفحص أحد عبر شبكة الاتصال وضع الجنود طوال حوالي 5 ساعات، منها حوالي ساعتين بعد إطلاق النار الأول، وأخذ الجنود معهم تلفونات محمولة إلى المواقع خلافاً للتعليمات؛ واجتاز الشرطي المصري الحدود عن طريق ثغرة في الجدار. والذي لم يكن الجنود الذين يخدمون في المواقع يعرفون عنها مطلقاً؛ ما رصد الاختراق أجهزة الرادار، والمجندات في موقع مجاور سمعن أصوات إطلاق نار، ولكن الأحداث لم تُفحص بصور معمقة ولم يبلغ عنها للمستويات العليا، وبهذا ضاع وقت ثمين من أجل القيام بملاحقة: الجندي الثالث الذي قتل والضابط الذي كان معه ذهبا للمطاردة مشياً على الأقدام وراء الجندي المصري، ونسوا أخذ خوذات معهم، وأصيب جندي برصاصة في رأسه.
هذه الأخطاء، وكان هنالك غيرها، لا تدل على ساحة عملياتية أديرت طبقاً لمعايير وتوقعات القيادة العليا. فجزء كبير من المسؤولية ملقاة على المستوى الأعلى، ليس فقط بحكم المسؤولية الشاملة بل بغياب إشراف ورقابة، وسيطرة وتربية مناسبة للمستويات الأدنى. يرى رئيس الأركان أن المشكلتين الأخطر اللتين اكتشفتا واللتين ترتبطان أكثر بالنتيجة، هما معالجة غير سليمة لثقب الجدار وغياب الحماية المتبادلة ما بين المواقع.
بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن القطاع أدير ليواجه المشكلة الأكثر تكراراً، وهي محاولات متكررة لتهريب المخدرات، والتي رافقها في كل مرة إطلاق نار استهدف إبقاء الجنود في مواقعهم ولتمكين إنجاح عملية التهريب. في هذا المجال، سجلت الفرقة والوحدات الخاضعة لها نجاحات عديدة في السنتين الأخيرتين وجهزتا الاستعداد لإحباط وتشويش عمليات التهريب، ولكن يبدو أن جزءاً من المشكلة كان في أن اللواء والكتيبة كانتا أقل استعداداً لاقتحام شخص مسلح واحد، والذي كان هدفه قتل جنود وربما حتى التقدم إلى عمق منطقة النقب من أجل المس بمدنيين إسرائيليين.
كما أن هنالك تداعيات سياسية للحادث، ولكنها لا تتعلق بتحقيق القيادة. منذ اختراق الشرطي جرت سلسلة لقاءات بين ضباط كبار، من إسرائيل ومصر. من المهم جداً للسلطات في القاهرة أن تبث لإسرائيل أنه حادث استثنائي وأن الجيش والشرطة سيعملان لمنع أحداث أخرى من هذا النوع. حتى الآن، أصر المصريون أنه لم يكن للشرطي شركاء في تخطيط عملية الاختراق. مع ذلك، ليس واضحاً كيف أن شخصاً خدم على بعد 5 كيلومترات من الحدود، خطط مساراً تقدماً مخفياً على طوله عن نقاط المراقبة الإسرائيلية، بل وعرف كيف يعثر بالضبط على الثغرة التي أغلقت بقيود بلاستيكية فقط، والدخول تحت أنظار منظومة الدفاع للعسكرية الإسرائيلية.
بعد أن انتهى تحقيق قيادة المنطقة، يستمر حتى الآن عمل لجنة أخرى، يرأسها الجنرال نمرود ألوني، والتي تستهدف فحص استعداد الجيش على حدودي السلام مع مصر والأردن. وثمة موضوع آخر يبدو أن هيئة الأركان يجب أن تقوم به طال الوقت أم قَصُر. الجيش الإسرائيلي جيش لا يحرص على انضباط وحداته بصورة كافية، وهذه ظاهرة متكررة، تبرز تقريباً في كل حادث حدودي وفي كل خطأ تدريبي. رئيس الأركان في الواقع اتخذ خطوات شديدة ـ نحى الجيش الإسرائيلي ي قائد لواء واحداً فقط في كل عقد أو اثنين بالمتوسط ـ ولكن في نهاية الأمر، ستكون هنالك حاجة للتعامل بصورة معمقة أيضاً بما يحدث في الوحدات نفسها، تحت المستويات القيادية.
عاموس هرئيل - هآرتس
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews