هل تنجح حفيظة غاي أركان بإخراج تركيا من أزمتها المالية؟
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالا حول المرأة التي أوكلت لها مهمة إنقاذ الاقتصاد التركي، كتبه مراسل شؤون الاقتصاد بيتر كوي قال فيه “عندما تفقد الآمال عين امراة كي تستلم (وتتحمل المسؤولية) والآن حفيظة غاية أركان، المصرفية التي عملت سابقا في وول ستريت وعينت حاكما للبنك المركزي التركي”.
وقال إن فترة عمل أركان في البنك المركزي للجمهورية التركية ستكون تحت النظر ولعدة أسباب، الأول لأنها أول امرأة تتولى المنصب ولأن تركيا تعتبر لاعبا دبلوماسيا مهما وعضوا في حلف الناتو وتلعب دورا حساسا في الحرب القريبة من أعتابها. وكتب يفغيني غيبر، الزميل غير المقيم في المجلس الأطلنطي أن تركيا “دعمت وبشكل متناسق أوكرانيا سياسيا وعسكريا بدون تنفير روسيا اقتصاديا”. ولأن تركيا لديها واحدا من أكبر اقتصادات العالم، حيث تأتي بالمرتبة 19 وبناتج محلي إجمالي وصل إلى تريليون دولار حسب أرقام البنك الدولي.
ويقول الكاتب إن حل أزمة العملة في بلد كبير كتركيا ليس سهلا على صندوق النقد الدولي ولا يوجد ما يشي أن تركيا ستقبل بشروط الصندوق للحصول على المال. ويرى الاقتصاديون أسبابا أخرى لمراقبة الوضع في تركيا وعن قرب، فهي بلد نادر من حيث إن مشكلتها الملحة هي نقص العملة الصعبة وهو أمر عام، ولكن كيف وصلت إلى هذه النقطة؟ والجواب أن رئيسها رجب طيب أردوغان تحدى الحكمة التقليدية وأكد على أن الطريقة الوحيدة لمحاربة التضخم هو تخفيض سعر الفائدة وليس رفعه.
وهذا يشبه وبطريقة غامضة نظرية الإقتصادي الأمريكي إريفنغ فيشر، مع أن ما قاله هو أن “سعر الفائدة هو أم وأب كل المشاكل”، وأخبر اردوغان “سي أن أن” في الشهر الماضي أنه “كلما كانت أسعار الفائدة منخفضة كلما انخفض التضخم” و “في هذا البلد ستنحفض معدلات الفائدة مع انخفاض معدل الفائدة وسنصل إلى نقطة يشعر فيها الناس بالراحة، وأقول هذا كاقتصادي وليس وهما”. وفي الحقيقة هذا وهم، يقول الكاتب، إلا أن أردوغان متمسك به. فقد ضغط على من جاءوا قبل أركان لتخفيض معدلات الفائدة رغم الأدلة المتزايدة من أن معدلات الفائدة المنخفضة تزيد من سوء التضخم وتضغط على النمو الإقتصادي. فقد خفض شهاب قوجي أوغلو، محافظ البنك السابق معدل الفائدة بنسبة 8.5% هذا العام من 19% عندما تولى المنصب عام 2021 وكانت النتيجة متوقعة، فقد زادت أسعار الاستهلاك الرسمية بنسبة 39.6% مما كانت عليه في العام السابق.
وشعر الاقتصاديون بالدهشة من سياسة أخرى لأردوغان وهي زيادة النمو مع ليرة تركية قوية. وهو ما ساعد على الاحتفاظ بشعبيته وانتخابه كرئيس لولاية ثالثة. وواحدة من الطرق للحفاظ على سعر مرتفع للعملة هو زيادة معدلات الفائدة والتي قد تخفض النمو. وبدلا من ذلك جعل اردوغان المصرف المركزي يقترض العملة الأجنبية من البنوك المحلية وحكومات أخرى. وأنفق هذه الإحتياطات الأجنبية الثمينة لشراء الليرة في سوق العملة بأسعار عالية. وأدار برنامجا مكلفا عرف باسم “كي كي أم” لحماية ودائع الليرة المحلية من انحفاض قيمتها أمام العملات الأجنبية مثل الدولار. وهو ما أعطى المودعين الثقة للحفاظ على العملة المحلية في البنوك، وبعبارات أخرى، فقد تأكدت الحكومة من أن المصرف المركزي يستطيع الحصول على الدولارات و “نظام ناجح حتى يثبت فشله” كما نقل الكاتب عن خبير في هذا المجال.
ونظرا للمبالغ التي ضيعتها تركيا من أجل دعم العملة فلم يعد لديها رصيد قوي من العملات الصعبة، وفي الحقيقة لم يعد هناك لأن الرصيد الذي لديها مقترض ويجب أن تعيده للمقرضين. ويواجه المصرف المركزي وضعا غير مريح لأنه مدين للبنوك المحلية بدون طريق واضح للخروج. فقد أقرضت البنوك المحلية المصرف المركزي بشكل كبير وبشكل أقل إلى الحكومة لا تستطيع الوفاء بالودائع الأجنبية المحلية لو طلب الأتراك بها.
وعادة ما تبدأ الأزمات المالية عندما تدير الحكومات سياساتها بعجز وتنفق أكثر مما تتلقى من الضريبة. ولكن تركيا وجدت طريقا آخر للخروج من المشكلة و “النتيجة ستكون أسوأ من الأزمات المالية المعروفة” ولن يستمر الاحتياطي التركي الصعب حتى هذا الصيف لو لم يحدث أي تصحيح للمسار. وسيكون هذا بيد شخصين وهما اركان ومحمد شميشك وزير المالية. وكلاهما يحظى باحترام خارج تركيا ويعرفان ما يجب عمله. والسؤال إن كان أردوغان سيقاوم الرغبة في التدخل. وكان تراجع الليرة في الأسابيع الماضية وإن كان مخيفا إشارة إيجابية، وهذا يعني أن تركيا لا تنفق ما تبقى لديها من عملة صعبة من أجل رفع قيمة الليرة فوق ما تستحقه، وفي منتصف نهار يوم الإثنين كان سعر الليرة في نيويورك هو 4.22 سنتا أمريكا أي أقل بـ 23% مما كانت عليه في 23 أيار/مايو.
ومن في المقعد الساخن الآن امرأة نشأت في تركيا وذهبت للحصول على الدكتوراة في عمليات الأبحاث والهندسة المالية من جامعة برينستون. وعملت في غولدمان ساكس وبعد ذلك في فيرست ريبيلك بانك في 2014 وأصبحت مديرة تنفيذية لمدة ستة أشهر حتى 2021. وقد انهار البنك وبيع إلى غولدمان ساكس.
نيويورك تايمز
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews