هولاند يستعين بصديق لمعالجة رئاسته المريضة
اختار الرئيس الفرنسي واحداً من أقدم أصدقائه، ومن أكثر الفرنسيين خبرة في شؤون الإدارة لمعاونته في دفع الإصلاحات الاقتصادية قدماً، وزيادة نفوذ فرنسا في أوروبا وإنجاح رئاسته العليلة.
بعد أسبوع من تعيين مانويل فالس الإصلاحي الصارم رئيساً للوزراء في حكومته الاشتراكية، عين هولاند جان- بيير جوييه سكرتيراً عاماً في قصر الإليزيه، وهو أعلى منصب إداري في الرئاسة، والوظيفة التي تلعب أكثر الأدوار تأثيراً في الحكومة الفرنسية.
يرأس جوييه حالياً المؤسسة الفرنسية المالية Caisse des Dépôts أو "صندوق الإيداع" وهو بمثابة "الجناح المسلح" في وزارة المالية، كما يعتبر جوييه من أقرب أصدقاء هولاند منذ أن كانا زميلي دراسة قبل 30 عاماً في الكلية الوطنية للإدارة، التي اشتهرت بتدريب النخبة من الفرنسيين العاملين في الإدارة والسياسة.
لقد عمل وزيراً للشؤون الأوروبية لفترة من الزمن في عهد الرئيس الفرنسي السابق المنتمي ليمين الوسط نيكولا ساركوزي، حيث كان يدير رئاسة فرنسا للاتحاد الأوروبي في عام 2008. وعمل رئيساً للخزانة الفرنسية ولجهاز إيه إم إف AMF، المنظم المالي لسلطة الأسواق المالية الفرنسية، كما كان كبيراً لموظفي الرئيس السابق للمفوضية الأوروبية جاك ديلور، في التسعينيات.
قال هولاند لصحيفة لوموند: "إن جان بيير جوييه يعرف كل شخص ويحترمه الجميع، بمن فيهم شخصيات المعارضة".
تعيينه سيدعم مساعي هولاند الرامية لتفعيل حكومته الجديدة التي أعاد تشكيلها، والتي يكمن وراءها التحول إلى الإصلاحات المؤيدة للأعمال والمصممة لتسريع النمو، وإنقاذ رئاسته من التراجع العميق في شعبيته الذي أكدته الهزيمة الكبيرة التي لحقت بالاشتراكيين، في الانتخابات المحلية التي أجريت في الشهر الماضي.
سيكون أهم عمل يناط به هو الإشراف على التحضيرات لمفاوضات الاتحاد الأوروبي.
كما نقل هولاند سكرتارية الشؤون الأوروبية التي تنسق السياسة الأوروبية لتكون تحت الإشراف المباشر لقصر الإليزيه، حيث جعل فيليب ليجليز- كوستا مسؤولاً عنها، الذي كان يتولى منصب مستشاره الأعلى لشؤون الاتحاد الأوروبي، وأكبر مساعد لجوييه حين كان هذا الأخير وزيراً للشؤون الأوروبية.
ستكون مهمته العاجلة هي كسب مساندة المفوضية الأوربية في الحصول على مهلة زمنية للوفاء بالهدف الذي سبق تأجيله من قبل مرتين، والرامي إلى تخفيض العجز في الموازنة ليصبح 3 في المائة من الناتج الأهلي في عام 2015، وفي أثناء ذلك تتخذ الحكومة خطوات لتحفيز النمو.
حدد فالس لشركائه الأوروبيين في خطابه الأول في البرلمان كرئيس للوزراء خطوة الحكومة المقبلة، وهي زيادة التزامها بالإصلاحات الهيكلية لتحرير الاقتصاد بناءً على طلب بروكسل. على أن التمسك بصورة متزمتة بأهداف الموازنة سيكون له تأثير معاكس، من حيث إبطاء النمو الضعيف الذي يتوقع أن يصل في هذه السنة إلى 1 في المائة.
يوجد بعض التعاطف مع هذا الموقف في الأسواق المالية. فقد كتب بنك مورجان ستانلي في مذكرة وجهها لعملائه بأن فرض المزيد من التشدد المالي لتحقيق العجز المستهدف في عام 2015، يمكن أن يؤخر من استعادة الاقتصاد لعافيته، وبالتالي يمكن أن يدفع بفرنسا نحو "مصيدة التقشف"، كما توجد إمكانية بأن يعوق ذلك استعادة العافية لمنطقة اليورو ككل، إذا أخذنا في الاعتبار حجم الاقتصاد الفرنسي".
رسم فالس خطة للتخفيض الضريبي على مدى السنوات الثلاث المقبلة على أصحاب العمل والأسر قدرها 11 مليار يورو، وهي تضاف إلى ما تعهد به سابقاً بتخفيض مبلغ 30 مليار يورو، للتخفيف عن كاهل أصحاب العمل من نفقات العمالة عالية التكاليف.
كما كرر ثانية تعهد هولاند في وقت سابق بالتقليل من النفقات العامة بمبلغ 50 مليار يورو- أي نحو 2.5 في المائة من الناتج الأهلي - خلال الفترة من 2015 إلى 2017. ووعد ببذل جهد لم يسبق له مثيل في التقليل من النفقات متعددة المستويات في الحكومة المحلية. وأضاف بأنه سيضع ميزانية تكميلية لعام 2014، تتضمن وفورات تضاف إلى تخفيض في النفقات، قدرها 15 مليار يورو تمت برمجتها بالفعل لهذا العام.
هذا لن يكون كافياً للوصول إلى العجز المستهدف لعام 2015، الذي يتوقع من الحكومة أن تعترف به رسمياً في أواخر هذا الشهر، عندما يتعين عليها تقديم خطة السنوات الثلاث ليتم تدقيقها من قبل المفوضية الأوروبية.
يعوِّل هولاند على قدرة جوييه التي تجمع بين الحذق الإداري والعلاقات الواسعة، من أجل المساعدة في إنجاز هذه الحزمة التي تتطلب المهارة، في الداخل والخارج، بعد سنتين من الفوضى في الإدارة والحوكمة.
وقال هولاند إلى صحيفة "لوموند" إن جوييه سوف يساعد في جلب "تناسق مطلق، ووحدة حقيقية في القيادة" إلى الحكومة.
من جانب آخر، فإن ستيفان لوفول، أكثر المساعدين السياسيين ولاءً لهولاند منذ عقدين، تولى دور المتحدث الرسمي باسم الحكومة إلى جانب كونه وزيراً للزراعة.
وحيث إن أعداء هولاند يطاردون رئاسته الجريحة في محاولة لاصطيادها، فقد أحاط عرباته بعدد من أكثر الحلفاء الموثوقين. وهو يرجو أن تساعده بروكسل وبرلين على الانفلات.
( فايننشال تايمز 12/4/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews