لن يكون حال اسرائيل أفضل بعد تسعة اشهر تفاوض
إن التفاوض الذي لم يبدأ قط في الحقيقة يقف كما يبدو على شفا نهاية. فالرغبة الاسرائيلية في سلام حقيقي يشمل تنازلات كبيرة كما عرضت في الماضي والحاضر، لقيت مرة بعد اخرى سور عداوة وعدم استعداد فلسطيني للاعتراف بحق دولة اسرائيل الاساسي في الوجود. وهذا عدم استعداد لا صلة له بحدود الدولة.
إن الاسلام واللاجئين ومصالح الدول العربية في المستقبل القريب لن تُمكن ممثلي الفلسطينيين من التوصل الى تسويات تسليم وسلام مع دولة اسرائيل. ونظرية العوض الاسلامية التي ضخمتها خطب المفتي الحاج أمين الحسيني تعني “إما نحن وإما هم” في ارض اسرائيل. ولا يوجد زعيم عربي يستطيع أن يتخلى عن ذرة تراب من ارض اسرائيل وأن يبقى حيا. فأبو مازن يعرف جيدا معادلة “إما المناطق وإما الحياة”. وإن فكرة دولتين للشعبين يمكن أن تستخدم وسيلة دعائية، لكن هذه الفكرة لا يمكن أن تتحقق على الارض لأنه لا يوجد في الجانب العربي من هو مستعد لتبنيها.
ما الذي يجب أن يحدث بعد كي يدرك اليسار الاسرائيلي أن ضغطه الذي لا يكف للتنازل عن أجزاء من الوطن وعن مصالح امنية حيوية لا بقاء له ولا غاية؟ إن التفاؤل صفة حميدة لكن السذاجة وقصر النظر صفتان خطيرتان في محيط عنيف حلت فيه قداسة الموت محل قداسة الحياة. ولا يستطيع متحدثو اليسار الاسرائيلي الذين كانوا يدفعون عجلة السلام التي لا اطارات لها العالقة في الوحل منذ سنين، لا يستطيعون أن يقنعوا مواطني اسرائيل بعدالة نهجهم. فقد أدرك الاسرائيليون بثمن أبهظ من أن يحتمل، أدركوا معنى العودة الى حدود 1967 باعتبارها مرحلة متقدمة للوصول الى الخط الازرق للبحر المتوسط. لكن “متفائلي” اليسار نجحوا في اقناع مؤسسات اجنبية ومنها وزارة الخارجية الامريكية، بأن اسرائيل تتحمل تبعة عدم وجود السلام، في حين أن الفلسطينيين هم في الحاصل العام ضحايا تحقق الحلم الصهيوني. واذا ما ضغطت الولايات المتحدة على دولة اسرائيل لتنكمش فقط سيأتي السلام ويجلس كل واحد في الشرق الاوسط تحت كرمته وتحت شجرة تينه.
إن الرئيس اوباما الذي يقوم كل تصوره العام على التفرقة بين المستبدين والضحايا، وبين الاسياد والعبيد، وبين الاقوياء والضعفاء، اشترى بكلتا يديه نظرية الظهور بمظهر الضحية الفلسطينية، وهي نظرية ارسلت الى المنطقة جون كيري الذي سيترك خلفه هنا ارضا ملتهبة. واضطرت دولة اسرائيل الى دفع ثمن اخلاقي وقيم باهظ بالافراج عن قتلة لاقناع الامريكيين بأن الجمهور الذي يسمى فلسطينيا هو ضحية ايديولوجية قتالية وقيادة مستكينة لا ضحية الاصرار الاسرائيلي على الوجود في سلام حقيقي وفي أمن.
إن محاولة اليسار كالعادة القاء مسؤولية فشل التفاوض على حكومة اسرائيل وعلى وزير الاسكان فيها، تضعف مواقف اسرائيل فقط. ويحتاج الى قدر كبير من بلادة الحس لزعم أن البناء في القدس وما حولها يمنع التقدم نحو السلام. وأنا لا استطيع أن أفهم لماذا يعطي وزراء في حكومة اسرائيل أعداءنا سلاحا دعائيا لسبب واحد فقط ألا وهو تسويغ استمرار بقائهم في الائتلاف الحاكم. أليسوا التزموا بوجود تفاوض باعتباره قيمة مستقلة دونما صلة بالنتائج؟.
إن مواطني اسرائيل من حقهم أن يسمعوا الحقيقة. إن مجرد وجود التفاوض ليس فيه أية قداسة. ولن تكون حالنا بعد تسعة اشهر تفاوض اخرى أفضل. فالحقيقة واحدة وهي سور حديدي في وجه اولئك الذين يطلبون دولتين لشعب واحد، من غير الشعب اليهودي بالطبع.
( اسرائيل اليوم 8/4/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews