العراق وضرورة التوافق
لا يزاال العراق أرض نزاع ومستوطن توتّر، فالعنف على أشده والنزاع السياسي ينخر كالسوس في جسد متعب من تسونامي صراعات السنوات الطوال، بين مختلف مكونات المشهد. فالساسة يتنازعون المغانم، فيما الوطن جريح مأزوم ودماء المدنيين الأبرياء سالت ولا تزال على الشوارع، بفعل غول الإرهاب الذي أعيا كل دواء، في تفجيرات يومية تعيد إلى الأذهان الصورة التي كانت سائدة قبل خروج القوات الأجنبية وتسليم السلطة للعراقيين.
نعم، لقد خرجت بلاد الرافدين من تجربة الاحتلال مثخنة بجراحات كثيرة، تجعل من الضروري على أبنائها، من مختلف المشارب والتوجهات السياسية والطائفية، الالتفاف حول المصلحة العامة من أجل البناء وإعادة الاستقرار، فالمواطن العراقي في أمسّ الحاجة الآن إلى قيادة تراعي مصالحه، وتريحه من دوامة انعدام الأمن وتأمين الرزق الكريم، وإعادة بناء مؤسسات الدولة.
لا سبيل إلى محاربة الإرهاب الذي أقض المضاجع، إلّا بالتوحّد في مواجهته من قبل السياسيين، وترك الخلافات جانباً، والتوجّه نحو دفع استحقاقات الأمن والاستقرار وتطوير الاقتصاد، إذ إنّ الاضطراب الأمني الذي خلقه تنظيم دولة العراق والشام الإسلامية «داعش»، لا سيّما في محافظة الأنبار بمدينتيها الكبرييْن الفلوجة والرمادي، يهدّد وحدة العراق وسلامة أهله، بما أحدثه من حركة نزوح واسعة وسط السكان، ومن ظروف إنسانية غاية في الصعوبة، تفرض التوحّد في مواجهته من قبل الفرقاء السياسيين أولاً.
إنّ الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد، يحتّم على حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي، مد الأيادي نحو التوافق مع بقيّة المكوّنات، مهما كان حجم الخلافات وتباعد الرؤى، ما دام الهمّ الأكبر مصلحة العراق وأهله.
لقد صبر العراقيون سنوات على الاحتلال والعنف المستشري والواقع الاقتصادي غير المستقر، وغيرها من التحديات والتجاذبات السياسية بين الفرقاء، والأمن المفتقد بأوامر التفجيرات التي قضّت مضاجعهم، وقطعاً سيجنون ثمار صبرهم دولة قوية مزدهرة تعود لأخذ موقعها الطليعي والمحوري في المنطقة والعالم بأسره، إذا ما أوفى سياسيوهم باستحقاقات ذلك الهدف.
( الشرق 4/3/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews