الاستثمار ما زال مجدياً في بورصة الكويت؟
يكون الاستثمار في أوراق المال عادةً ذا جدوى اقتصادية ومحققاً للعائدات المنتظرة، ولكن يجب تحديد نوعية هذه الأوراق قبل المخاطرة بالاستثمار فيها. وفي الكويت، ثمة شركات مدرجة كثيرة تعلن سنوياً أرباحاً صافية بمعدلات جيدة، وهناك أوراق مال تتحسن قيمتها من خلال التداولات بها. وتظل سوق الكويت لأوراق المال وعاءً مهماً لتوظيف الأموال الكبيرة والمدخرات المتاحة لصغار المستثمرين. فالأرباح الصافية للشركات المدرجة الرابحة تقارب 1.5 بليون دينار كويتي (5.3 بليون دولار) سنوياً، وقد تصل أرباح الشركات هذا العام إلى هذا المستوى أو تفوقه. وظلت القيمة السوقية للشركات المدرجة خلال السنوات الماضية فوق 30 بليون دينار.
وتوزع شركات رابحة كثيرة جزءاً من الأرباح نقداً أو أسهماً مترتبة على زيادة رأس المال من الأرباح. وحتى الآن، وبعد إعلان كثير من الشركات أرباحها الصافية لعام 2013، تقرر توزيع أرباح على المساهمين فيها بما يبلغ 777 مليون دينار وبزيادة 10 في المئة عن توزيعات الشركات المعلنة لعام 2012. وستشكل توزيعات 2013 نسبة مهمة من السيولة التي ستغذي التداول في السوق.
وحققت المصارف الكويتية نتائج جيدة، وتمثل أرباحها نسبة مهمة من أرباح الشركات المدرجة ككل، خصوصاً بعد انخفاض انكشاف المصارف على القطاعين العقاري والاستثماري.
ولكن سوق الكويت لأوراق المال ما زالت تواجه تحديات مهمة بعضها هيكلي، فخلال السنة المنتهية في 19 شباط (فبراير) الجاري، ظل التداول غير مقنع، إذ أغلق المؤشر ذلك اليوم عند سبعة آلاف و737 نقطة بتراجع 60 نقطة عن إغلاق اليوم السابق، وبلغت قيمة التداول 23.5 مليون دينار وهي لا تتناسب مع معدلات قيم التداول في أوقات الانتعاش. يضاف إلى ذلك أن التداول ما زال يدور في فلك الأسهم المتدنية الأسعار التابعة لشركات ذات أداء تشغيلي متواضع ما يعكس وجود مضاربة قوية. وعلى رغم أن القيمة الرأسمالية للشركات المدرجة بلغت نحو 31.5 بليون دينار بارتفاع 890 مليون دينار تقريباً عن القيمة الرأسمالية في نهاية العام الماضي، أي بزيادة بنسبة 2.9 في المئة، لا توحي التداولات بالاطمئنان إلى أوضاع السوق.
ربما تمكنت شركات متينة خلال الأسابيع القليلة الماضية من كسب حيز لا بأس به في حلبة التداول، ومنها المصارف التي أعلنت نتائجها وكذلك عدد من الشركات الحيوية مثل شركة «زين» للاتصالات أو «مجموعة مشاريع الكويت الاستثمارية»، إلا أن النتائج المعلنة لم تشجع كثيراً المتعاملين والمتداولين على تحسين نوعية محافظهم. ويمكن اعتبار مؤشر السيولة المتمثل بقيمة التداول اليومية من أهم عناصر القوة أو الضعف في أداء أي سوق مال. وكانت قيمة التداولات اليومية في سوق الكويت لأوراق المال في سنوات سابقة لا تقل عن 60 مليون دينار، ووصلت في أوقات الانتعاش إلى ما يفوق 200 مليون دينار. ولا تزال المحافظ الاستثمارية غير فاعلة في التداولات، كما أن غالبية المتداولين هم من صغار المستثمرين وأصحاب المدخرات المحدودة.
وبرزت ظاهرة جديدة في السوق بعد تراجع أسهم العديد من الشركات المدرجة، تتمثل في اتخاذ مجالس إدارات شركات ثم جمعياتها العمومية، قرارات بالانسحاب من السوق الكويتية حفاظاً على قيمة الأسهم. وبررت مجالس إدارة كثيرة هذه القرارات ببلوغ سعر السهم في السوق مستوى يقل عن القيمة الدفترية. وتقلق هذه الظاهرة هيئة سوق المال فالمفترض بأي بورصة تشجيع الشركات على الاستمرار بالإدراج، خصوصاً نظراً إلى كونها شركات مهمة تحقق أرباحاً تشغيلية جيدة، إلى جانب تشجيع شركات أخرى على الدخول.
وتضم سوق الكويت لأوراق المال 181 شركة من مختلف القطاعات ولا يزال هذا العدد محدوداً، وهناك كثير من الشركات المساهمة المقفلة والشركات العائلية التي لا بد من تشجيعها على دخول السوق بما يؤدي إلى إدراج كل الشركات الحيوية والأساسية في الكويت في سوق المال كي تكون السوق أكثر قدرة على تمثيل النشاط الاقتصادي في البلاد. ويمكن سوق الكويت لأوراق المال أن تكون حافزاً لتطوير العمل الاقتصادي المؤسسي والارتقاء بدرجة الشفافية لمختلف النشاطات في كل القطاعات الاقتصادية. وإذا تعاطت الإدارة الاقتصادية جدياً مع الإصلاح وإعادة الهيكلة والتخصيص، ستشمل السوق أعداداً مهمة من الشركات.
هناك ملاحظات مهمة على سوق المال، منها أن السوق ما زالت تقتصر في تداولاتها على أسهم حقوق الملكية. ولا توجد سوق ثانوية نشطة تتداول سندات الحكومة أو شركات الاستثمار والصناعة وغيرها. ولا تزال أدوات الاستثمار المعروفة في أسواق المال مثل الخيارات والأسهم ذات الأسعار الآجلة متواضعة التداول. ويعني ذلك أن ثمة أهمية لتطوير أدوات جديدة في السوق بما يتيح للعديد من المستثمرين توظيف أموالهم لمختلف الآجال في تلك الأدوات وضمان تحقيق نتائج جيدة أو على الأقل الحفاظ على القيمة الرأسمالية للاستثمار.
وثمة توجهات الآن في الكويت لتخصيص سوق الكويت لأوراق المال، بمعنى تحويلها إلى شركة مملوكة من القطاع الخاص وتحريره من الإدارة الحكومية. كما أن هيئة أسواق المال وضعت تدابير وإجراءات مهمة كي تتمكن من السيطرة على التداولات وتعزيز الشفافية وإتاحة المجال أمام المستثمرين لتوظيف أموالهم في أدوات مال مسعرة خلال السنوات المقبلة. هذا ما هو مأمول أن يتحقق ولكن لا بد من الإسراع بإنجاز هذه التحولات لتحافظ السوق على زخمها وتظل وعاءً أساسياً للاستثمار.
( الحياة 28/2/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews