أسباب ارتفاع أسعار السلع والعقار في العراق
جي بي سي نيوز :- عندما ارتفع سعر رغيف الخبز في العراق بعد عام 2003 قرر أبو ياسين -وهو صاحب مخبز وسط بغداد- تحويل نشاطه لبيع الأجهزة الكهربائية التي صارت تغزو السوق بأسعار رخيصة، ولكي يتخلص من ثقل كلفة الإيجار اختار الرجل محلا منزويا لعمله.
ويقول أبو ياسين "كان سعر الرغيف قبل عام 2003 بخمسين فلسا (0.0004 دولار) وصار سعره الآن 125 فلسا (0.0001 دولار)، أي أنه زاد بنسبة 75% فأجبرنا بعد أن زاد التجار سعر الطحين وتضاعف الإيجار مرات عديدة على تقليص حجم الرغيف ورفع سعره".
ويشير مرتضى حسن -وهو وكيل لبيع المواد الغذائية المدعومة- إلى أن عدد هذه المواد كان منذ عام 1990 تسع مواد، هي الطحين والسكر والشاي والزيت والصابون والأرز والبقوليات ومساحيق الغسيل وحليب الأطفال، غير أنه لم يعد يحصل منذ عام 2003 من وزارة التجارة إلا على مادة أو مادتين يتم توزيعها كل شهرين أو ثلاثة أشهر على المواطنين بأسعارها الرمزية، على حد قوله.
"
سلمان الباهلي:
تقلص عدد السلع المدعومة حفز التجار على زيادة الأسعار فالكيلو الواحد من الأرز يباع بدولار ونصف الدولار، في حين كان يباع بمائتي سنت قبل 2003
"
ظاهرة عالمية
وبحسب التاجر في سوق الشورجة سلمان الباهلي، فإن هذا التغيير في عدد المواد المدعومة حفز التجار على بيعها بأسعار مرتفعة، فالكيلو غرام الواحد من الأرز يبيعه التجار حاليا بدولار ونصف الدولار، في حين كان يباع بمائتي سنت قبل 2003، وبعدما كان يباع الزيت بمائتين وخمسين سنتا صار يباع حاليا بأكثر من دولارين، وارتفع كيلو اللحم المحلي من خمسة دولارات إلى أكثر من أربعة عشر دولارا.
ويقول المدير في دائرة الاستيراد الخارجي في وزارة التجارة وهو علي صادق إن "الزيادة في أسعار الغذاء وغيره من مستلزمات الحياة ليست قضية عراقية فقط، وإنما هي حالة السوق العالمية في العقد الأخير"، وأضاف أن "الوزارة لديها خطة جديدة لتوزيع الحصص التموينية".
ويقدم نعيم كاظم -وهو الموظف في وزارة المالية- تفسيرا لارتفاع أسعار المواد الأساسية بالقول إنه "جرت زيادات غير مسبوقة في رواتب الموظفين ورجال الجيش والشرطة والمتقاعدين، وشملت أيضا أجور العاملين في القطاع الخاص، لذا فإن ارتفاع الأسعار تزامن مع ارتفاع الدخول".
حرب ضروس
من جانب آخر، يشير العقيد في الجيش السابق توفيق عباس التميمي إلى وجود "جيش من العاطلين، معظمهم من أفراد الجيش السابق وعناصر أجهزة الأمن وأعضاء حزب البعث المنحل، إضافة الى عشرات آلاف الشبان الذين لا يحصلون على وظائف، هؤلاء جميعا لا يحصلون على دخول تجنبهم آثار الارتفاع المرعب في الأسعار".
وإلى جانب ارتفاع أسعار الغذاء ارتفعت أسعار العقارات، إذ يقول سعد الله نايف صاحب مكتب للعقارات وسط بغداد إن أسعار المنازل ارتفعت في بغداد بنسبة تزيد على 1000%، فمثلا تتراوح أسعار المنازل في منطقة الكرادة في الضاحية الجنوبية للعاصمة العراقية بين ثلاثة آلاف دولار وخمسة آلاف دولار للمتر الواحد.
ويضيف نايف أن الوضع نفسه ينطبق على باقي المناطق الراقية مثل الجادرية والمنصور وغيرها، ولا تقل قيمة استئجار منزل صغير بغرفة واحدة عن ألف وخمسمائة دولار شهريا في هذه المناطق، وعن سبعمائة دولار في بقية المناطق.
مسؤولية الدولة
ويحمّل أستاذ مادة الاقتصاد في جامعة بغداد نوفل عبد الأمير الحكومة مسؤولية ارتفاع الأسعار، ويقول للجزيرة نت "مضى عقد من الزمن على العراق دون أن يكون هناك توافق سياسي يأخذ على عاتقه تحجيم التجارة العشوائية والإغراق السلعي من الخارج، وما قامت به لجنة حكومية أخيرا بوضع تعريفة لتسعمائة سلعة من أصل سبعة آلاف مادة من جدول الاستيراد العراقي أمر مخيب للآمال".
ولا تزال أسواق الجملة في العراق مثل سوق الشورجة وسوق جميلة بمنأى عن رقابة الحكومة، حيث تشهد حربا ضروسا غير معلنة بين التجار، وقد كان الحريق -الذي أصاب سوق الشورجة الكبير الأسبوع الماضي وقدرت خسائره بمئات المليارات من الدنانير وأدى لارتفاع الأسعار- خير دليل على استمرار هذه الحرب الضروس.
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews