مهددات الشركات في عصر الابتكار المستمر
عندما سُئل شخص في رواية إرنست همنغواي "الشمس تشرق أيضاً" عن كيفية إفلاسه، أجاب: "بطريقتين، الإفلاس بشكل تدريجي ثم بشكل مفاجئ". واستشهد مؤلفا كتاب "الاضطراب الكبير" بهذه الخلاصة الأنيقة لكيفية زحف فشل العمل على الضحايا.
الكتاب يقوم على اعتقاد بأن التكنولوجيا جعلت الشركات الحالية أكثر عرضة للتدمير من قبل المستجدات بشكل أكبر من أي وقت مضى. وقد قام مؤلفا الكتاب، لاري داونز وبول نونيس، بتغليفه بهذه العبارة الطنانة – "الاضطراب الكبير" – مثلما يجب أن يفعل أي شخص يقوم بكتابة مجلد شائع للأعمال لأغراض تسويقية. لكن أي قارئ ليس لديه هوس تكنولوجي، من المرجح ألا يقتنع بأطروحتهما.
بالإشارة إلى التساوي في القبول والتخلي السريعين عن التكنولوجيا الشخصية الجديدة، مثل الألعاب الإلكترونية والهواتف الذكية، من قبل المستهلكين، أتى المؤلفان بنظرية تقول: إن المنحنى الجرسي الكلاسيكي للطلب الذي وضعه إيفرت روجرز لا لزوم له. وبدلاً من توقع الارتفاع والانخفاض السلس للمبيعات من منتجات جديدة، يجب إعادة تنظيم الشركات للتعامل مع نمط شراء على شكل منحنى "زعنفة القرش". هنا يعتبر الطلب منفجراً وانهياره متهوراً تقريباً بالقدر نفسه.
ومن شأن المتشكك أن يقول: إن زعنفة القرش هي مجرد منحنى جرسي مع محور زمني متداخل.
صحيح أن دورات تطوير المنتجات في مجال التكنولوجيا الشخصية والتجارية على شبكة الإنترنت تعتبر قصيرة بشكل متعب، لكن من الخطأ التأكيد على أن النمط نفسه والتهديدات نفسها تنطبق على جميع الصناعات الأخرى، إذ تحتفظ الشركات القائمة بميزة تنافسية كبيرة عبر رقعة من القطاعات.
مغالطة أخرى منتشرة في صناعة التكنولوجيا هي أننا نعيش في عصر غير مسبوق من الابتكار. هذا أمر كان سيعترض عليه أول محارب أشعث يحمل سلاحه الحجري الذي طُرِح من يده من قبل أحد المستخدمين الأوائل للسيف البرونزي. فالمعالج الصغير يعتبر الخطوة الأحدث في سلسلة طويلة من التكنولوجيات الائتلافية. في القرون القليلة الماضية وحدها كان لدينا الحديد المطاوع، وقنوات المياه، والسكك الحديدية، والبنسلين، والكهرباء المحلية، ومحركات الاحتراق الداخلي، والطائرات، والهواتف.
ويشير المؤلفان بشكل صحيح إلى أن تلك الحواجز التي تعترض طريق الدخول للمنافسة في السوق قد أطاحت ببعض أجزاء البرمجيات والإنترنت في الصناعات، في الوقت الذي أصبحت فيه الذاكرة أرخص وأدوات البرامج المفتوحة والخدمات القائمة على الحوسبة السحابية متاحة بشكل أكبر. لكن كما يعترفان بشكل غير مريح، فإن العكس ينطبق على المستحضرات الصيدلانية، حيث الاكتشافات الكبيرة أصبحت مكلفة على نحو متزايد. وبشكل محير، يلقي المؤلفان بجزء من اللوم على القوانين التنظيمية. شخصياً، أنا سعيد بأن مطوري الأدوية من الشباب الرائعين لا يمكنهم أن يطلقوا بشكل عشوائي علاجات جديدة كانوا يحلمون بها خلال استراحات احتساء القهوة في مسابقات البرامج، تقليداً لأقرانهم في قطاع البرمجيات.
الانتقادات المذكورة هي علامة على أن كتاب "الاضطراب الكبير" يعطيك على الأقل، تجربة قراءة ممتعة. لقد تم بحثه بعناية وكتب بطريقة ميسرة، وإن كان أسلوبه جامداً إلى حد ما. ودراسات الحالة حول الاضطراب وحدها تستحق كامل السعر. وتشتمل هذه على تدمير صناعة جهاز الكرة والدبابيس عن طريق ألعاب الكمبيوتر.
ويستند الكتاب جزئياً إلى أبحاث من قبل معهد أكسنتشر للأداء العالي، وهو المكان الذي يعمل فيه نونيس في منصب العضو المنتدب. فيما يعمل داونز في منصب استشاري، وهو مؤلف مشارك لكتاب "إطلاق العنان للتطبيق المذهل".
والفكرة التسويقية للكتاب هي أنه سيساعد جزئياً على تجنب إبادة الشركات القائمة على أيدي أصحاب المشاريع التخريبيين، لكنه لا يقدم نصائح كثيرة في هذا المجال. وهناك قسم خاص بتكتيكات المماطلة. والحكمة هنا تتلخص في "خذهم إلى المحكمة". ويشك القارئ في بعض الأحيان في أن المؤلفين يروجان سراً للذين يُحدِثون الاضطراب.
ربما أفضل استراتيجية لتجنب محْدثي الاضطراب – وهي استراتيجية لا يتناولها الكتاب – هي تجنب القطاعات الضعيفة، مثل الترفيه، أو معلومات تجارة التجزئة. ما رأيك في أن تفكر في البنوك بدلاً من ذلك؟
( فايننشال تايمز 17/2/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews