رسالة مفتوحة إلى رام الله وغزة عن مأساة مخيم اليرموك
لم يعد بالإمكان الصمت - فلسطينيا -على الأقل - عما يجري في مخيم اليرموك في دمشق ، جراء القصف والحصار الذي يتعرض له المخيم منذ أيلول سبتمبر من العام الماضي .
لكأنه كتب على الفلسطيني أن يعيش تشردا أثر تشرد ، ونزوحا اثر نزوح : فقد كان يقطن المخيم 500 ألف نسمة قبل الثورة السورية وما تبقى منهم اليوم بالكاد يصل إلى 30 ألفا يعيشون حصارا خانقا ، بينما نزح أغلبية السكان إلى لبنان أو أماكن في سوريا مثل " قدسيا " التي فر إليها حوالي 3750 عائلة من المخيم وهي منطقة لا تقل بؤسا عن اليرموك ، الجائع والمعذب ، والصامد حتى الآن .
وتقول إحصائيات : أن حصيلة قتلى " الجوع " - أي الذين قضوا من الجوع وحده وصل حتى مساء الخميس الماضي إلى 48 شخصا ، منهم 21 شخصا قضوا جوعا في الشهر الأول من العام 2014 ، وتقول آخر التقارير : إن الناس هناك بدأوا يأكلون الأعشاب الضارة ، بسبب الحصار ، وبسبب انتشار قناصة نظام الممانعة والمقاومة على جميع مداخل المخيم في الوقت الذي تعرض فيه المخيم يوم الخميس الفائت إلى قصف جنوني بالبراميل المتفجرة ، ما أدى إلى مقتل 10 أشخاص وجرح العشرات بينهم نساء وأطفال وشيوخ لينضموا إلى قوافل شهداء وجرحى اليرموك منذ بداية الثورة ، والذين وصلت أعداد الشهداء منهم إلى 1929 فلسطينيا .
ويزعم نظام بشارالأسد : أن هذا القصف ليس موجها ضد المدنيين بل ضد المسلحين ، في تفسير تستنكره الطبائع السوية ، وتنفر منه الأخلاق الإنسانية .
وبالإضافة للقصف والحصار والجوع ، قطع النظام الكهرباء عن المخيم ومنع إدخال الأدوية ، كما تمنع العصابات الأسدية قوافل الإغاثة أو سيارات الأونروا من الدخول ، وذلك منذ أربعة شهور كاملة .
وإذا كان الشعب السوري عموما يعيش أوضاعا شبيهة بما يعيشها مخيم اليرموك ، فإن هذا لا يعني أن لا تبذل جهود صادقة ومخلصة من قبل الفلسطينيين أنفسهم ، وأعني بهم " الرسميين " في حماس والسلطة والمنظمة ، بدل أن تتقاذف مختلف الجهات الإتهامات بالتقصير ، وبـ " الفلسفات " الخاوية ، ووضع اللوم فقط على فصيل فلسطيني مسلح يقوم مع النظام بذبح أبناء شعبه بدعوى أنه هو الآخر ممانع مقاوم ، بل يجب أن يكون هناك تحرك فلسطيني عربي ودولي ، خاصة لدى الجزائريين الذين يرتبطون بعلاقات وطيدة مع النظام ، ولدى الروس والصينيين ، حيث إن الورقة الفلسطينية في هذه الدول لا زالت حاضرة ، وقوية ، لا أن نتذرع بالعجز وضعف الحيلة والوسيلة .
كم سفيرا فلسطينيا أثار قضية فلسطينيي سوريا في الخارج ، وكم سفيرا فلسطينيا أو مسؤولا عقد مؤتمرا صحفيا يتحدث فيه عما يجري للفلسطينيين في الشتات ، فإذا بحثت عن ذلك فإنك لن تجد سوى زيارة عباس زكي اليتيمة إلى دمشق ، والطلب من النظام على استحياء إدخال الطعام ، الأمر الذي قابله الأخير بالإستخفاف ، ليعود إلى رام الله بخفي حنين ، وبعدها كفى الله المؤمنين القتال ، ليضحي المخيم وكأنه مخيم لقبائل الهوتو ، أو مأوى لمشردي التوتسي .
إن واجب الفلسطينيين الرسميين ، وواجب حركة حماس التي ما انفكت تعلن أن همها فلسطين ، والفلسطينيين ، وواجب كل الفصائل ، سواء تلك العاملة على الأرض ، أو تلك التي على الورق ، أن تتحرك ، وأن تخطو خطوات حقيقية ، كيف ؟ هي من يجب عليها الإيضاح : المهم أن تقول لنا هي كيف تحمي شعبها الذي تمثله ، وتدعي أنها موجودة لحمايته وخدمته .
إن مأساة مخيم اليرموك مرآة للعجز الفلسطيني الرسمي والشعبي حتى ، وإن تحركا سريعا جديا من قبل الجميع كفيل بتحريك الراكد في هذا الملف ، إذ لا يكفي ان تبدأ المساعدات الدولية تصل المحاصرين الجوعى ، فالأمر أكبر من ذلك .
أيها الفلسطينيون في مشارق الأرض ومغاربها .. ماذا أنتم فاعلون ؟ .
د . فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews