Date : 23,11,2024, Time : 07:11:26 AM
17368 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الجمعة 15 ربيع الأول 1435هـ - 17 يناير 2014م 12:45 ص

النخب الفاشلة تهدد مستقبل العالم

النخب الفاشلة تهدد مستقبل العالم
مارتن وولف

هذا العام تحتفل أوروبا بالذكرى المئوية لبداية الحرب العالمية الأولى، وهي حرب كارثية أطلقت ثلاثة عقود من الوحشية والغباء، ما أدى إلى تدمير معظم ما كان جيداً في الحضارة الأوروبية في مطلع القرن العشرين. وفي النهاية، كما توقع تشرشل في حزيران (يونيو) 1940، "العالم الجديد، بكل ما لديه من قوة وجبروت اضطر للتدخل من أجل إنقاذ وتحرير العالم القديم".

إخفاقات النخب السياسية والاقتصادية والفكرية في أوروبا هي التي خلقت الكارثة التي أصابت الشعوب الأوروبية بين 1914 و1945. جهلها وتحيزاتها هي التي سمحت بوقوع الكارثة: كانت واقعة تحت تأثير أفكار مغلوطة وقيم رديئة. واشتملت هذه على الفكرة الرجعية التي تقول إن الإمبراطوريات ليست رائعة ومربحة فحسب، ولكن الحرب أيضا مجيدة ويمكن السيطرة عليها. وكان الأمر كما لو أن إرادة الانتحار الجماعي استحوذت على زعماء الأمم الكبيرة.

وتعتمد المجتمعات المعقدة على نخبها لإنجاز الأمور، إن لم يكن بالطريقة السليمة، فعلى الأقل بطريقة لا تكون مغرقة في البطلان. وحين تفشل النخب، يرجح للنظام السياسي أن يتعرض للانهيار، كما حدث للقوى المهزومة بعد الحرب العالمية الأولى. فقد اختفت الإمبراطوريات الروسية والألمانية والنمساوية، وأورثت خلفاء ضعافاً نجحوا عن طريق الطغيان والتسلط. كذلك دمرت الحرب العالمية الأولى أسس اقتصاد القرن التاسع عشر، وهي حرية التجارة ومعيار الذهب. وأدت المحاولات لاستعادة ذلك إلى مزيد من إخفاقات النخبة، هذه المرة بين الأمريكيين والأوروبيين في آن معا. وفعل الكساد العظيم الكثير لخلق ظروف سياسية مهدت للحرب العالمية الثانية. وتبع ذلك الحرب الباردة، وصراع الديمقراطيات مع نظام دكتاتوري أنجبته الحرب العالمية الأولى.

ولم تكن النتائج الوخيمة لإخفاقات النخب مستغرَبة. فهناك صفقة ضمنية بين النخب والناس: تحصل النخب على امتيازات ومتطلبات السلطة والممتلكات، وفي المقابل يحصل الناس على الأمن، وفي العصور الحديثة، درجة من الرفاهية. وإذا أخفقت النخب، فإنها تخاطر بأن يتم استبدالها. لكن استبدال النخب الاقتصادية والبيروقراطية والفكرية الفاشلة محفوف دائماً بالمشاكل. وفي النظام الديمقراطي، يتم استبدال النخب السياسية على الأقل بسرعة ودون مشاكل، لكن في النظام الدكتاتوري تكون العملية في العادة بطيئة ودموية في أغلب الأحيان.

وهذا ليس من التاريخ البعيد، فهو يظل صحيحاً في أيامنا هذه. فإذا نظرتَ إلى الدروس المباشرة من الحرب العالمية الأولى التي يجب أن يستفيد منها عالمنا، لا تجدها في أوروبا المعاصرة، وإنما هي شاخصة في الشرق الأوسط، وعلى حدود الهند وباكستان، وفي العلاقات المتوترة بين الصين الصاعدة وجيرانها، وتوجد الوقوع في حسابات خاطئة مميتة في جميع هذه الحالات، رغم أن أيديولوجيات النزعة العسكرية والاستعمارية، لحسن الحظ، أقل انتشاراً مما كانت عليه قبل قرن. واليوم تقبل الدول القوية فكرة أن السلام أقرب لتحقيق الازدهار من غنائم الحرب الوهمية. لكن للأسف هذا لا يعني أن الغرب حصين ضد إخفاقات النخب. بل على العكس، إنه يتعايش معها، لأن إخفاقاتها في سوء إدارة السلم وليس الحرب.

وإليكم ثلاثة إخفاقات واضحة. أولاً، النخب الاقتصادية والمالية والفكرية والسياسية أساءت بصورة بالغة فهم عواقب التحرير المالي المباشر. ولأنها كانت مخدرة بفعل أوهام الأسواق المالية التي تعزز استقرارها بنفسها، فإنها لم تسمح بهذه الأسواق وحسب، وإنما شجعت على نشوء رهان ضخم ـ ومربح بالنسبة للقطاع المالي ـ على توسع الديون. وأخفقت نخبة صناع السياسة في إدراك أهمية الحوافز الموجودة، والأهم من ذلك أنها أخفقت في إدراك مخاطر الانهيار الذي لديه القدرة على الإطاحة بالنظام بأكمله. وحين حل التفكك كانت ثماره كارثية على عدة أبعاد: الانهيار الاقتصادي، وارتفاع معدل البطالة إلى عنان السماء، وانفجار الدين العام. وتعرضت نخبة صناع السياسة للعار لفشلها في منع الكارثة. وتعرضت النخبة المالية للعار لأنها احتاجت إلى الحكومة لإنقاذها. أما النخبة الفكرية – أي أهل الاقتصاد – فقد تعرضت للعار لإخفاقها في توقع الأزمة، أو الاتفاق على ما يجب فعله بعد أن ضربت البلاد. كان الإنقاذ ضرورياً، لكن الفكرة القائلة إن أهل السلطة ضحوا بالمواطنين لمصلحة المذنبين تبقى فكرة صحيحة.

ثانياً، خلال العقود الثلاثة الماضية شهدنا ظهور نخبة اقتصادية ومالية معولمة، أصبح أعضاؤها أكثر ابتعاداً عن البلدان التي أنتجتهم. وفي الأثناء تعرض الغراء الذي يضم أية ديمقراطية، أي مفهوم المواطنة، للضعف. وأدى التوزيع الضيق لمكاسب النمو الاقتصادي إلى تعزيز كبير لهذا الضعف. إذن، نحن الآن أمام مظاهر متزايدة من حكم المتنفذين من أصحاب الثروات. ووجود درجة من حكم أصحاب الثروات المتنفذين أمر لا مفر منه في الديمقراطيات القائمة على اقتصاد السوق ـ لكنها دائماً مسألة درجة. وإذا شهد جمهور الناس النخبة الاقتصادية لديهم تُكافأ مقابل أداء أقل من العادي ولا تهتم إلا بنفسها، ومع ذلك تتوقع أن يتم إنقاذها حين تسوء الأمور، فإن الروابط تنفلت. وأظن أننا لا نزال في بداية فترة طويلة من التحلل والتفكك.

ثالثاً، عند إنشاء اليورو أخذ الأوروبيون مشروعهم إلى نطاق يتجاوز الجانب العملي وذهبوا به إلى أمر أهم بكثير بالنسبة للناس، هو مصير المال. ولم يكن هناك ما هو أرجح من حدوث احتكاك بين الأوروبيين حول مدى حُسْن أو سوء إدارة أموالهم. والأزمة المالية التي كانت شبه حتمية تفرعت الآن إلى مجموعة من الصعوبات لم يتم حلها حتى الآن. ونرى بوضوح الصعوبات الاقتصادية للبلدان التي ضربتها الأزمة: ركود اقتصادي هائل، ومعدلات بطالة مرتفعة بصورة غير عادية، وهجرة جماعية، وديون ثقيلة عالقة. هذه جميعاً أمور معروفة جيداً. وتبقى الفوضى الدستورية لمنطقة اليورو أقل المشاكل التي يجري التركيز عليها. وضمن منطقة اليورو تتركز السلطة الآن في أيدي حكومات البلدان الدائنة، خصوصاً ألمانيا، وثلاثي البيروقراطيات غير المنتخبة؛ المفوضية الأوروبية، والبنك المركزي الأوروبي، وصندوق النقد الدولي. وشعوب البلدان المتضررة بالأزمة ليس لديها أي سلطان عليها، والسياسيون المسؤولون أمام هذه الشعوب لا حيلة لهم. إن الطلاق بين المساءلة والسلطة يصيب في مقتل أي مفهوم للديمقراطية الرشيدة. وأزمة اليورو ليست اقتصادية فحسب، بل دستورية كذلك.

وأياً من هذه الإخفاقات لا يصل إلى مستوى حماقات 1914، لكنها كبيرة بما يكفي لأن تثير الشكوك حول ما لدينا من نخب. والنتيجة هي ولادة نزعة شعبوية غاضبة في مختلف أنحاء الغرب، خصوصاً شعبوية الخوف من الأجانب لدى الجناح اليميني. إن السمة المميزة للشعبويين اليمينيين هي أنهم يغيرون اتجاههم إلى الأسفل بسرعة. وإذا استمرت النخب في الإخفاق، سنستمر في مشاهدة صعود الشعبويين الغاضبين. يجب على النخب أن تحسِّن أداءها، لأنها إن لم تفعل ربما يطغى الغضب علينا جميعاً.

( فايننشال تايمز 17/1/2014 )




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد