مفاوضات معقدة وسلام بعيد المنال
اذا كنتم تعتقدون أن الاتفاق الذي أخذ يتشكل بين بنيامين نتنياهو ومحمود عباس بضغط من وزير الخارجية جون كيري يرمي الى انهاء الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، فأنتم مخطئون، لأن الصراع سيستمر حتى لو أصبح الاتفاق منتهيا وموقعا عليه. وسيستمر الفلسطينيون ومؤيدوهم على إساءة سمعة اسرائيل وسيستمرون على طلب تنازلات اخرى عن اراض وسيطلبون تحقيق ‘حق العودة’. وستظل تُسمع دعوات الى فرض عقوبات على اسرائيل والقطيعة معها ودعاوى اعتراض على حقها في الوجود. ولن تختفي عمليات الارهاب ايضا.
يتم التفاوض مع محمود عباس سرا، وانطبعت في أذهان الجمهور أنه تجري محاولة جدية لتسوية الصراع الاسرائيلي الفلسطيني الطويل، وأنه يمكن اذا كان الطرفان مستعدين لاتخاذ قرارات صعبة ومؤلمة، إنهاء الصراع. لكن كل انسان ذي عقل ما كان يستطيع ألا يسأل نفسه كيف يمكن احراز هذه الغاية بمفاوضة محمود عباس ومن غير حماس والفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع غزة. لأن عباس وحده يمثل في أحسن الحالات نصف الفلسطينيين فقط. ويمكن أن نُخمن فقط أنه كان التوقع أن يظهر الرب في مرحلة ما من داخل الآلة ويحل المشكلة. ومن الممكن أن يكون المشاركون في هذه المحادثات السرية تسيبي لفني وبنيامين نتنياهو ومحمود عباس وجون كيري الذين لا شك في علمهم بالمشكلة قد أخفوا في أكمامهم ورقة لعب فائزة، أعني أرنبا نووا أن يُخرجوه من القبعة في آخر لحظة.
بيد أنه الآن وقد أخذ يقوى الضغط لانهاء المحادثات، أخرج الرئيس براك اوباما بجلاله وبنفسه الثعبان من الكيس فتبين أن التفاوض لن يفضي الى انهاء الصراع الاسرائيلي الفلسطيني وكل ما ترمي المحادثات الى احرازه إخراج قوات الجيش الاسرائيلي من يهودا والسامرة في حين سيبقى الصراع الاسرائيلي الفلسطيني منطويا على قيح.
سيجب أن تتحقق التسوية السلمية على مراحل كما بيّن اوباما في منتدى سبان الذي عُقد في واشنطن في الاسبوع الماضي. ‘اذا نجحنا في تمهيد طريق للسلام وإن يكن محدودا في الضفة الغربية في البدء واذا وُجد نموذج يستطيع شباب غزة أن يتطلعوا إليه ليروا أن الفلسطينيين في الضفة الغربية يستطيعون العيش في كرامة وحق في تقرير المصير، وأن الاقتصاد والتجارة في ازدهار هناك فسيريدون ذلك ايضا. وسيكون الضغط المستعمل كي يتمتع سكان غزة ايضا بتلك الثمرات ذا سحر قوي اذا’. هذا ما قاله اوباما أتيناكم به.
لكنه لا يوجد أي رب من داخل الآلة بالطبع. بل يوجد فقط أمل غير صادق في أن تبدأ حماس بعد انسحاب اسرائيلي من يهودا والسامرة باطلاق قبلات على اسرائيل بدل الصواريخ.
يبدو ذلك معروفا بصورة مخيفة، لسبب ما. حينما انسحب الجيش الاسرائيلي من المنطقة الامنية في جنوب لبنان وخان حليفه جيش جنوب لبنان ووصم اسرائيل بوصمة عار لم تفارقها زعموا أن حزب الله سيكف عن العمليات الارهابية ويتحول الى حزب سياسي. وحينما خرج الجيش الاسرائيلي من منطقة غوش قطيف واقتلع ثمانية آلاف مواطن اسرائيلي من بيوتهم مع اخلال لم يسبق له مثيل بحقوقهم المدنية، قيل أن الفلسطينيين في غزة سيكتفون بالانسحاب الاسرائيلي ويحل السلام في جنوب اسرائيل. ويلوحون الآن أمام أنف اسرائيل بطعم مشابه قائلين: إنسحبوا من يهودا والسامرة فسيخلص الفلسطينيون في غزة الى استنتاج أن السلام معكم له ‘سحر قوي’.
وقد أعلن محمود الزهار، وزير خارجية حماس، للتيقن من أنه لن يوجد عدم فهم: ‘كل صفقة سيوقع عليها بين السلطة الفلسطينية واسرائيل لن تلزم الشعب الفلسطيني، فالفلسطينيون الذين يفاوضون لا شرعية لهم ولا يمثلون الشعب الفلسطيني’.
( المصدر : هآرتس 2013-12-17 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews