رحل نيلسون مانديلا ( أيقونة القرن العشرين )
رحل نيلسون مانديلا مؤسس الدولة الديموقراطية الحديثة في جنوب إفريقيا.. رحل صانع السلام ورمز الشجاعة والحكمة والنزاهة.. رحل المناضل العظيم الذي كافح طيلة حياته من أجل الحرية والكرامة الإنسانية.
يستحق هذا الشامخ الباسق ، أن تقف الإنسانية دقيقة صمت على روحه وفاءً لما يمثله وللقيم والأخلاق التي سعى جاهداً - خلال سني عمره وبين قضبان السجن وخارجه - أن يحققها في وطنه وأن ينشرها في العالم..
أيا كانت الأحداث ، فإنه لا بد لي من أن أخصص هذه المقالة لرجل تعشقه الملايين عبر الأرض ، ويردد اسمه كل من يتوق إلى الحرية والفضيلة .
هو نيلسون مانديلا ، أو الماديبا ، وهو لقب ينادونه به كدليل على رفعة شأنه وعظمة مكانته :
هو من أوائل الذين تبنوا المقاومة المسلحة ضد سياسة العزل العنصري في جنوب إفريقيا في العام ١٩٦٠، لكنه سارع للدعوة إلى المصالحة والعفو عندما بدأت الأقلية البيضاء في البلاد تخفف قبضتها عن السلطة بعد ظلم وظلام استمر عقودا .
من أكبر إنجازات هذا الراحل الكبير ، توحيد جنوب إفريقيا والسعى للمصالحة بين السود والبيض في عهد ما بعد سياسات العزل العنصري، وترسيخه لقيم العدالة الاجتماعية وسعيه للوصول إلى مجتمع لا وجود للاستغلال والقمع فيه.
انتُخب مانديلا، الذي قضى حوالي ثلاثة عقود في السجن، رئيساً لجنوب افريقيا في انتخابات تاريخية متعددة الأعراق في عام ١٩٩٤ وتقاعد في ١٩٩٩ ، حيث سلم السلطة إلى زعماء أكثر شباباً وأكثر تأهيلاً لإدارة اقتصاد حديث ، في رحيل طوعي نادر عن السلطة !.
ومع تقاعده ، حول مانديلا جهوده إلى العمل الخيري ومكافحة مرض الإيدز في جنوب إفريقيا خصوصاً بعد أن توفي ابنه بالمرض عام ٢٠٠٥.
حصل على جائزة نوبل للسلام في ١٩٩٣ بالمشاركة مع فريدريك دي كليرك آخر رئيس أبيض لجنوب افريقيا والذي أفرج عن مانديلا ، أشهر سجين سياسي في العالم.
كرس مانديلا حياته لكفاح الشعب الإفريقي وحارب هيمنة البيض بقدر ما حارب فكرة هيمنة السود .. كان دائماً يُطالب بنموذج المجتمع الديموقراطي الحر ، حيث الجميع يُعطون فرصاً متعادلة ومنسجمة، وكان دائماً مستعداً للموت من أجل تحقيق هذا الهدف.
نضال مانديلا لم يقتصر على قضية التمييز العنصري في وطنه فحسب ، بل تعداه بالوقوف إلى جانب كل حركات التحرر النضالية في العالم : لقد كان رمزاً للتحرر من العبودية والإستعمار لكل شعوب الأرض .
من منا ينسى مقولته التاريخية الشهيرة : “ إن ثورة جنوب إفريقيا لن تكتمل أهدافها قبل حصول الشعب الفلسطيني على حريته ".. لقد كان من أهم وأشجع رجالات العالم الذين وقفوا إلى جانب فلسطين والشعب الفلسطيني.
برحيل مانديلا نعاه رؤساء وقادة وزعماء العالم أجمع في سابقة لم ينلها رئيس أو زعيم أو مقاوم سياسي أو سجين رأي أو مفكر ولا أي شخصية في عصرنا الحديث.
لقد تصدر خبر وفاته وسائل الاعلام وظهرت صورته على الصفحات الأولى لصحف العالم وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي.
برحيله فقد العالم مناضلاً عظيماً من أجل الحرية والكرامة الإنسانية .. علّم العالم كله معنى التسامح .. سطّر تاريخ جنوب إفريقيا بأحرفٍ من نور في تاريخ العالم.. بكفاحه قضى على العنصرية في موطنه.
مات مانديلا، لكن كفاحه وتاريخه العظيم لن يموت ، سيظل نبراساً لكثير من البشر الذي يسعون لعالم أفضل.
مات مانديلا، لكنه سيبقى القدوة والرمز وأيقونة النضال السلمي .. سيبقى في قلوب من أحبوه وتمثلوا به فكان بطلهم : ذكريات نضاله الخالد ضد القمع والاستغلال، شخصيته الاستثنائية المميزة وأخلاقياته وقيمه الإيجابية ستظلُّ حيّة في قلوب من يسعى إلى عالمٍ يجمعنا نحن البشر بخيرٍ وسلام .
د . فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews